المغتربون الأردنيون.. من كتلة نشطة ترفد الخزينة إلى عبء إضافي

عمان- تواجه الحكومة الأردنية ضغوطا شديدة لإعادة الآلاف من المغتربين، لاسيما أولئك الذين تقطعت بهم السبل بعد أن استوفوا فترة إقامتهم في دول الاغتراب وانتهت عقود عملهم وهناك من تم فصله من قبل الشركات المشغلة، وسط قلق متنام من أن تتحول تلك الكتلة النشطة إلى عبء إضافي يثقل كاهل الدولة.
ولطالما شكل المغتربون الذين يقدر عددهم بنحو مليوني شخص، رافدا أساسيا لخزينة الدولة عبر التحويلات الشهرية لاسيما من العملة الصعبة، بيد أنه مع تفشي جائحة فايروس كورونا وما خلفه من تداعيات اقتصادية على الجهات المشغلة في دول الاغتراب، لاسيما الخليجية منها، وجد العديد من الأردنيين أنفسهم مجبرين على العودة.
وقال البنك المركزي الأردني مؤخرا إن تحويلات المغتربين تراجعت بنحو 5.9 في المئة في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي إلى 800 مليون دينار (1.128 مليار دولار) مقارنة مع نفس الفترة من 2019.
الحكومة الأردنية اتخذت خطوات في محاولة لاستيعاب الكم الهائل من الراغبين في العودة، لاسيما على مستوى إعادة هيكلة سوق الشغل
ويرى خبراء اقتصاد أن تأثر تحويلات العاملين الأردنيين في الخارج والذين يعمل أكثر من نصفهم في دول الخليج لا يتعلق فقط بجائحة كورونا بل وأيضا بهبوط أسعار النفط على اقتصادات الخليج.
ولا توجد إحصائيات رسمية حول عدد العائدين أو الراغبين في ذلك، فيما يسجل ارتباك من قبل حكومة عمر الرزاز في التعاطي مع هذا الملف الذي بات ضاغطا في ظل مناشدات العديد من المواطنين لتأمين العودة إلى ديارهم، لاسيما وأن معظمهم يواجه ظروفا صعبة وبينهم من استنزف كل مدخراته، ولم يعد قادرا على تأمين الحاجيات الأساسية في البلدان المقيم فيها، في غياب مؤشرات حقيقية عن قرب انتهاء الأزمة.
ودشن مغتربون أردنيون في السعودية حملة إلكترونية أطلقوا عليها “راحتي في بيتي” في محاولة للضغط على الحكومة لتسريع عودتهم، وقالت إحدى المغتربات “نحن ثلاث بنات نقطن في مكان ناء وليس لدينا معيل ونعيش حاليا على تفضل أهل الخير من مسكن ومأكل ومشرب وهم مستعدون لدفع تكاليف الحجر الفندقي .. وكوننا 3 بنات لوحدنا نحن نتعرض لمضايقات كثيرة ونعيش في خوف مستمر”.
وأضافت “معنا أمر ترحيل حكومي مستعجل من إدارة الجوازات في المملكة العربية السعودية وستنتهي مدته قريبا وفي حالة انتهائه سنقع في ورطة ومصيبة أخرى”، مطالبة فقط بالموافقة “على دخولنا ونقلنا للحجر الفندقي.. مع العلم أنه لدينا موافقة من إدارة الاأزمات للحالات الإنسانية وموافقة من السفارة وموافقة من الجوازات. ولدينا الأوراق التي تثبت ذلك”.
وناشد مغترب آخر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني “التدخل لإعادة من تقطعت بهم السبل في بلاد الغربة وبشكل عاجل لأن الحقيقة أن الذين لا يزالون عالقين هم من لا يستطيعون في معظمهم تغطية التكاليف المادية أو أي متطلبات أخرى وهم في ضيق قد يكون محرجا لهم في هذه الأيام بسبب قلة الحيلة وضعف الحال”.
تجد الحكومة الأردنية نفسها في وضع محرج بين الاستجابة لوضع إنساني صعب ومواجهة تبعات ذلك ليس فقط لجهة الأخطار الصحية الناجمة عن عودة هؤلاء والذين من المرجح أن يكون بعضهم مصاب بعدوى كوفيد – 19، بل وأيضا لركود سوق الشغل وما يخلفه ذلك من أعباء إضافية في ظل بلوغ نسبة البطالة في الأردن 19.3 في المئة.
تأثر تحويلات العاملين الأردنيين في الخارج والذين يعمل أكثر من نصفهم في دول الخليج لا يتعلق فقط بجائحة كورونا بل وأيضا بهبوط أسعار النفط على اقتصادات الخليج
ويزداد الوضع حراجة خاصة وأن الدول المضيفة وبينها السعودية التي تحتضن أكثر من 40 في المئة من الأردنيين ليست في وارد السماح قريبا بعودة الراغبين في العمل لديها.
وأكدت وزارة الداخلية السعودية الثلاثاء أن الأجانب الذين حصلوا على تأشيرة خروج وعودة لن يعودوا إلى المملكة إلا بعد انتهاء جائحة فايروس كورونا المستجد. وأعلنت مديرية الجوازات السعودية عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر أنه سيتم الإعلان عن استئناف آلية تمديد تأشيرة الخروج والعودة بعد انتهاء أزمة الفايروس المميت.
وتعد السعودية أحد أبرز المتأثرين في المنطقة بجائحة فايروس كورونا، حيث بلغت عدد الإصابات المسجلة 164144 حالة، بينهم 52.913 حالة نشطة حاليا.
ويقول خبراء اقتصاد إن الحكومة الأردنية اتخذت خطوات في محاولة لاستيعاب الكم الهائل من الراغبين في العودة، لاسيما على مستوى إعادة هيكلة سوق الشغل، من خلال التخفيف من العمالة الوافدة لكن ذلك يبقى غير كاف خصوصا في ظل تفاقم الأزمتين المالية والاقتصادية في المملكة جراء الوباء واضطرار العديد من الشركات والمصانع إلى تسريح جزء من موظفيها في الداخل.