الاتحاد الأوروبي يدخل على خط قضية ترسيم الحدود البحرية بين إسبانيا والمغرب

الرباط - التقى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي، ناصر بوريطة، في بروكسل بوزير خارجية الاتحاد الأوربي، جوزيف بوريل، بخصوص مصادقة المغرب على قانون ترسيم الحدود مؤخرا.
وقال بوريل، إن إسبانيا والمغرب يُمكن أن يعالجا المسألة بالتفاوض الثنائي ومن ثم دراسة المستجدات.
وصادق البرلمان المغربي، الأربعاء بالإجماع، على مشروعيْ قانونين يبسطان سيادة المغرب البحرية على الأقاليم الجنوبية، ويخلقان منطقة اقتصادية، في خطوة أثارت توجسا لدى الجار الإسباني، بينما اعتبرتها الرباط “سيادية وداخلية”.
وأكد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، أن على المغرب والاتحاد الأوروبي تعزيز شراكتهما لمواجهة التحديات المشتركة، حيث تطمح الرباط إلى علاقات أكثر استقرارا مع الاتحاد الأوروبي يتقاسم فيها الطرفان أسس ومعايير وأهداف شراكتهما.
ويرى خبراء أن تصريحات وزير خارجية الاتحاد الأوروبي تؤكد رهانه على الحوار والتوافق لحل النقاط الخلافية التي قد تطرح بين إسبانيا والمغرب بخصوص تداخل المجالات البحرية قبالة سواحل الكناري.
وقال بوريل، إن حصة المغرب من “جبل الكنز الأطلسي”، من المرجح أن تكون أكبر من حصة إسبانيا، نظرا إلى أن هذا الموقع الطبيعي أقرب إلى السواحل المغربية منه إلى نظيراتها الإسبانية.
وأكد مراقبون أن الاتحاد الأوروبي لن يضغط سلبا على الرباط في مسألة ترسيم حدوده البحرية بل سيدفع في اتجاه توافق بين إسبانيا العضو في الاتحاد والمغرب الشريك القوي على الضفة الجنوبية.
وأشار كل من بوريطة وبوريل إلى أن الاتحاد الأوروبي والمغرب سيواصلان توحيد جهودهما لتحفيز التعاون الإقليمي لصالح الاستقرار والرخاء والتنمية الشاملة قصد الاستجابة بشكل أفضل للتحديات الإقليمية والعالمية.
وكان وزير الشؤون الخارجية ، ناصر بوريطة، قد أكد خلال عرض قانون ترسيم الحدود أمام البرلمان أنه ”يظل مسألة دولية قابلة للتفاوض بين المغرب، والدول التي لها شواطئ متاخمة أو مقابلة له، لاسيما إسبانيا التي تعتبر شريكا استراتيجيا سياسيا واقتصاديا، محكومة بروح التعاون والاحترام المتبادل وتغليب الحوار البنّاء ومنطق الشراكة العملية”.
ناصر بوريطة: المغرب لا يريد فرض سياسة الأمر الواقع على إسبانيا، بل يسعى إلى الحوار والتفاوض لمعالجة النقاط الخلافية
وتثير مصادقة المغرب على القانون جدلا كبيرا بين الأحزاب الإسبانية التي ردت الفعل بالضغط على الحكومة، وطالب الحزب الشعبي برد “قوي وحازم” على سعي المغرب لترسيم الحدود البحرية.
واعتبر الحزب أن الخطوة المغربية “انتهاك لمعايير الأمم المتحدة الدولية ويضر بشكل كبير بالمصالح الإسبانية والمصالح الاقتصادية” لجزر الكناري.
وشدد بوريطة خلال لقاء جمعه بوزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا غونزاليس لايا على أن ”المغرب لا يريد فرض سياسة الأمر الواقع على إسبانيا، بل يسعى إلى الحوار والتفاوض لمعالجة النقاط الخلافية حول التدخلات المجالية البحرية المحتملة”.
ودعت أنا أورماس، النائبة البرلمانية عن تحالف الكناري، وزير الخارجية إلى الجلوس مع المغرب من أجل تحديد نقطة وسط بخصوص التداخلات المجالية، وقوبلت خطوتها بالرفض من قبل الأحزاب السياسية التي اعتبرت موقفها متواطئا مع المغرب، مما دفع الاشتراكيين إلى الرد بأن هذه ”الاتهامات خطيرة جدا وتجاوزت كل الخطوط الحمراء السياسية”.
وساءل حزب فوكس اليميني المتطرف الحكومة الإسبانية بخصوص”التدابير التي تنوي اتخاذها ضد الإجراءات الأحادية التي أقرها المغرب”، وما إذا كان هناك “أي اتفاق نهائي”.
وردت وزيرة الخارجية الإسبانية على أصوات الأحزاب المعارضة بقولها ”إن “ترسيم المناطق الحدودية بين الدول لا يمكن إلا أن يتم وفق منطق سليم ووفق القانون الدولي وبالاتفاق بين الطرفين”.
وأضافت “المغرب يتقاسم معنا نفس الموقف، وهذا يظهر في عدم نصهم على حدود المناطق في القانون”، كما شددت على أن المفاوضات الأخيرة مع المغرب أفضت إلى أنه لن يكون هناك فرض لسياسة الأمر الواقع، أو قرارات أحادية الجانب.
ويقول محللون إن مبادرة الاتحاد الأوروبي برعاية المفاوضات تهدف إلى قطع الطريق عن أي محاولة استغلال سياسي من طرف الأحزاب الإسبانية.
وأشاد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي بالجهود المغربية والإسبانية من أجل تجاوز النقاط الخلافية، فيما كشفت بعض المصادر الدبلوماسية أن جوزيف بوريل يتابع عن كثب تطورات قضية ترسيم وتحديد الحدود بين البلدين.
وازدادت القضية زخما بعد إعلان الرباط رعايتها جولات الحوار مع إسبانيا لتجاوز الأزمة المطروحة.
ويرى مراقبون أن الاتحاد الأوروبي سيعمل على توفير أجواء نقاش موضوعي وواقعي بين الطرفين لتبديد النقاط الخلافية.