عام 2020 ينتظر فتوحات تكنولوجية تغيّر العالم

رواد التكنولوجيا يتوقعون أن يكون العام الحالي حافلا بمجموعة من الإنجازات "الخارقة" على عدة جبهات، أبرزها السياحة الفضائية والتكنولوجيا الخضراء والحوسبة الكمية.
الأحد 2020/01/05
العام الجديد ينتظر انطلاق السياحة الفضائية

يتسابق الخبراء لتسليط الضوء على الابتكارات التكنولوجية والأفكار والإنجازات الخارقة التي ستغزو العالم وتغير حياة الناس في العام الجديد، في محاولة لرسم ما سيبدو عليه المستقبل القريب في ظل المتغيرات التكنولوجية المتسارعة.

فتحت القفزات الكبيرة التي حققتها الثورة الرقمية والتكنولوجيا الحيوية وإنترنت الأشياء والطباعة ثلاثية الأبعاد، أبوابا واسعة للمخيلة لانتظار انقلابات شاملة وبوتيرة متسارعة في جميع مجالات الحياة.

ويتوقع رواد التكنولوجيا أن يكون عام 2020 حافلا بمجموعة من الاختراعات والإنجازات “الخارقة” التي ستغير حياة الناس بشكل جذري، وتكون أكثر توافقا مع متطلباتهم ومراعاة للبيئة وتهديدات التغيرات المناخية.

السياحة الفضائية

احتلت السياحة الفضائية مؤخرا مكانة بارزة في أخبار التكنولوجيا. وبينما يصفها بعض العلماء بأنها قفزة نوعية للإنسانية، فإن آخرين ينظرون إليها بعين الحذر.

ورغم أن معالم هذا المجال لم تتضح بشكل حاسم، إلا أن غاي نوريس، المحرر في مجلة “أسبوع الطيران وتكنولوجيا الفضاء”، يقول إن عام 2020 سيكون مرحلة حاسمة في مجال السفر إلى الفضاء.

وقد بدأت بالفعل زيادة خطوات استكشاف هذا العالم، بعد أن اختبرت شركة بوينغ المركبة “سي.أس.تي 100 ستارلاينر” في 22 ديسمبر 2019 بهدف خوض أولى رحلات الفضاء غير المأهولة، لتمهد الطريق لرحلة مأهولة تحمل سبعة أفراد إلى الفضاء هذا العام.

ورغم فشل اختبار بوينغ وهبوط كبسولة الفضاء ستارلاينر في صحراء نيو مكسيكو بسبب مشكلة في إحدى برمجياتها، لكنها مصرة على إعادة الرحلة مرة ثانية.

ومنحت وكالة ناسا في عام 2014 شركةَ بوينغ 4.2 مليار دولار لصنع مركبة فضائية توصل الرواد إلى محطة الفضاء الدولية وترجعهم منها.

ريتشارد برانسون: مجموعة فيرجن غالاكتيك تلقت 2500 طلب للسفر للفضاء منذ نجاحها في إطلاق سفينتي فضاء العام الماضي
ريتشارد برانسون: مجموعة فيرجن غالاكتيك تلقت 2500 طلب للسفر للفضاء منذ نجاحها في إطلاق سفينتي فضاء العام الماضي

والسياحة الفضائية بدأت منذ عام 2001 حين دفع الأميركي دينيس تيتو لوكالة الفضاء الروسية نحو 20 مليون دولار، نظير الإقامة في محطة الفضاء الدولية لسبعة أيام. وشرعت بعض البلدان بالفعل في بناء المرافق الأساسية لخدمات السياحة الفضائية المرتقبة، وبدأت ملامح 10 موانئ فضائية تجارية في الظهور في الولايات المتحدة.

ويحفز حلم السياحة وأنظمة دعم الحياة وغيرها من التقنيات اللازمة للسفر إلى الفضاء شركات كثيرة بينها مجموعة “فيرجن غالاكتيك” لإتاحة السفر إلى الفضاء للجميع عبر رحلات تجارية.

ويؤكد مدير الشركة، شاماث باليبتيا أن الشركة ستبدأ أولى رحلاتها التجارية خلال العام الحالي وأن تبدأ في تحقيق الأرباح في عام 2021. ويقول ريتشارد برانسون مؤسس مجموعة إنها تلقت 2500 طلب للسفر للفضاء منذ نجاحها في إطلاق سفينتي فضاء العام الماضي.

تكاليف الرحلة لن تكون زهيدة، حيث يقدر ثمن التذكرة بنحو 250 ألف دولار. ومن المفترض أن تحمل سفينة الفضاء ستة ركاب فقط بالإضافة إلى طيارين اثنين.

وهناك تحديات شاقة حيث ينطوي البقاء في الفضاء على تحديات صحية خطيرة، بما أنه يؤدي إلى إرباك نشاط أعضاء الجسم والشعور بالغثيان قبل أن تتأقلم المعدة على انعدام الجاذبية.

لكن تلك التحديات لا يمكن أن تفسد خطط السفر إلى الفضاء، فهي لا تمثل تهديدا كبيرا مثل السفر إلى المريخ الذي يستغرق مدة تصل إلى 8 أشهر أو أكثر. وهناك أبحاث جارية لتطوير مواجهة المخاطر الصحية المتوقعة.

التكنولوجيا الخضراء

تمثل التكنولوجيا الخضراء أحد أبرز عناصر السباق في العام الجديد لأنها أصبحت حاجة ماسة لمواجهة المشاكل التي تدمر الأرض، وقد ساهمت الفعاليات الاحتجاجية لحركة “تمرد ضد الانقراض” في زيادة الوعي بالمشاكل البيئية ولفت انتباه الشركات نحو “التكنولوجيا الخضراء”.

وتمتد الجهود من ابتكارات الطاقة المتجددة وخفض أعباء صناعة الأجهزة الإلكترونية وصولا إلى صناعة النسيج والأساليب الزراعية وتربية الحيوانات وإنتاج اللحوم في المختبرات، حيث تساهم الهندسة الحيوية في تغير أنماط الاستهلاك وخفض تأثيرها على البيئة.

ففي صناعة الأزياء على سبيل المثال، تقود علوم الهندسة الوراثية ثورة في صناعة النسيج لخلق ألياف جديدة أكثر مرونة ومتانة وتنوّعا وقابلية للتحلّل الحيوي وأقلّ تلويثا للبيئة.

ويأمل خبراء البصمة الكاربونية الكبيرة لهذه الصناعة من خلال تقنيات تستخدم كائنات حية مثل البكتيريا والطحالب والفطريات والخلايا الحيوانية وخيوط العنكبوت والحليب.

Thumbnail

ويعد انفجار إنتاج الأجهزة الإلكترونية، من أكثر القطاعات، التي تلوث البيئة وتستنزف موارد الأرض، وهي أيضا الأكثر بحثا عن المعادن النادرة، التي تستخدم في صناعتها.

وتتسابق الشركات إلى خفض استهلاك تلك المعادن وخاصة التي تدخل في إنتاج الرقائق الإلكترونية. وقد أعلنت مجموعة فودافون للاتصالات عن خطط لخفض حجم بطاقات الهواتف الجوالة (سيم كارد) إلى النصف، وطرحت أيضا كماليات للهواتف صديقة للبيئة، للحد من استخدام البلاستيك وتقليل الأضرار البيئية.

وتطورت حصة الأجهزة الإلكترونية مثل الكمبيوترات والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية من البصمة الكربونية للنشاطات البشرية من 1 بالمئة في عام 2007 إلى 3.5 بالمئة حاليا.

ومن المتوقع أن تصل إلى 14 بالمئة بحلول 2040، وهو ما يزيد على نصف ما تخلفه عوادم قطاع النقل العام في العالم، بحسب تقرير نشره موقع مجلة “ذا كونفرزيشن” البريطانية.

وتتعرض شركات الهواتف المحمولة تحديدا للكثير من الضغوط من أجل لعب دور في حماية البيئة والمساعدة في إنقاذ كوكب الأرض، ولتكون هواتفها أكثر قابلية للإصلاح.

وجاءت شركات التكنولوجيا في صدارة قائمة منظمة “غرينبيس” للشركات الأكثر إضرارا بالبيئة، ومن بينها سامسونغ وأوراكل ونتفليكس وأمازون وتويتر وإيسر، بينما صنفت شركات تكنولوجيا أخرى مثل أبل وغوغل بين أكثر الشركات حفاظا على البيئة.

وتتعرض شركات السفر لضغوط مماثلة. ويتوقع بن وود، المحلل في “سي.سي.أس إنسايت” للاستشارات التكنولوجية، أن يصبح السفر لحضور اجتماعات “غير مقبول اجتماعيا” وأن تتحول الشركات إلى الاجتماعات الافتراضية.

الشاشات المرنة

الشاشات القابلة للطي تعد بفتح آفاق واسعة للأجهزة الإلكترونية هذا العام تثير الحماس والفضول في صفوف المستهلكين
الشاشات القابلة للطي تعد بفتح آفاق واسعة للأجهزة الإلكترونية هذا العام تثير الحماس والفضول في صفوف المستهلكين

يرى البعض أن الشاشات القابلة للطي ستكون “الشيء المدهش القادم” في عالم التكنولوجيا، بسبب ما تتمتع به من خصائص تثير الكثير من الحماس والفضول في صفوف المستهلكين.

وتعد شركة سامسونغ واحدة من الشركات الرائدة، التي أطلقت هاتفا بشاشة قابلة للطي وعرضت مؤخرا شاشة مرنة تعمل باللمس قياس 25 بوصة استخدمت فيها مادة الغرافين. وتعد هواوي من أقرب المنافسين وقد تتفوق على سامسونغ، بعد أن دخلت عالم الهواتف القابلة للطي.

كما دخلت شركة شاومي الصينية السباق في يناير 2019 وكشفت عن نموذج لهاتف قابل للطي، لكنها لم تنتج الهاتف تجاريا حتى الآن.

ويتوقع بن وود أن “يشهد العام الجديد طرح مجموعة من الأجهزة الإلكترونية القابلة للطي في معرض سي.إي.أس للإلكترونيات الاستهلاكية في يناير 2020، وفي معرض أم.دبليو.سي للهواتف النقالة في فبراير.

الجيل الخامس للاتصالات

انتشار الجيل الخامس للاتصالات سيفتح أبواب الثورة الصناعية الرابعة وتطبيقات واسعة تفوق الخيال العلمي
انتشار الجيل الخامس للاتصالات سيفتح أبواب الثورة الصناعية الرابعة وتطبيقات واسعة تفوق الخيال العلمي

يبدو أن التنافس المحموم على تكنولوجيا الجيل الخامس للاتصالات محور للسباق التكنولوجي وللحرب التكنولوجية الباردة أيضا، بسبب الآفاق الهائلة التي تفتحها لسرعة نقل البيانات والتطبيقات الهائلة.

وأطلقت شركات كثيرة في الصين واليابان وبريطانيا أجهزة تعمل بالجيل الخامس في العام الماضي، لكن المحللين يقولون إنه يتطلب استثمارات كبيرة وسيبدأ بالانتشار في العام الحالي والعام المقبل.

ويتميز هذا الجيل بسرعة فائقة لنقل البيانات تفوق عشرات المرات جميع الأجيال السابقة، وسيكون العمود الفقري للثورة الصناعية الرابعة، التي تفتح الأبواب للسيارات ذاتية القيادة والعوالم الافتراضية ومجالات لا حصر لها.

وستسهل هذه السرعة ألعاب الفيديو التي تعتمد خدماتها على الخدمات السحابية وتجعلها أكثر استجابة وتفاعلا، كما ستمهد الطريق لاستخدامات جديدة للتحكم عن بعد والروبوتات المستخدمة في العمليات الجراحية، وعمليات بث مباشر لمشاهد الواقع الافتراضي.

وستعمل شبكة الجيل الخامس أيضا على دمج الاقتصاد والإدارة الاجتماعية في بيئة وبنية تحتية ذكية من أجل زيادة الإنتاج وتعزيز كفاءة النقل والإدارة بشكل ملحوظ.

ومن بين أكبر المميزات أن شبكة الجيل الخامس سيكون بمقدورها ربط عدد أكبر من الهواتف مرة واحدة. فالشبكة تستطيع نظريا ربط أكثر من مليون هاتف في الكيلومتر المربع الواحد، مقارنة بقدرة الجيل الرابع على ربط 60 ألفا فقط.

وتصف المحللة التكنولوجية، ستيفاني هير، الجيل الخامس بأنه “شبكات فائقة القدرة ستنقل عالمنا المادي من الغباء إلى الذكاء، حين تمنحنا مجالا واسعا من الخيارات بفضل حجم البيانات التي توفرها”.

الحوسبة الكمية

كثر الحديث عن الحوسبة الكمية (الكوانتم) وعن قدراتها الهائلة، رغم الاعتقاد السائد بأن بلوغ تلك القدرات لا يزال بعيد المنى. ويعتقد بعض الخبراء أن العام الجديد سيشهد نقلة نوعية في الحوسبة الكمية، التي تقوم على السلوك القوي للجزيئات الدقيقة مثل الإلكترونات والفوتونات. وكانت شركة غوغل قد أعلنت في أكتوبر الماضي عن نجاحها في استخدام حاسوب كمي تجريبي لإجراء عملية حسابية بصورة أسرع كثيرا من الحواسيب الثنائية التقليدية.

وحين شكك البعض في هذا الإنجاز، نشرت غوغل البحث رسميا في دورية “نيتشر” معلنة حاسوبها الكمي سينكامور الذي أجرى عملية حسابية لتوليد الأرقام عشوائيا خلال 200 ثانية فقط، في حين تحتاج أكثر الحواسيب الفائقة تطورا في العالم حاليا إلى 10 آلاف عام لإنجازها.

ووعدت غوغل بالسماح للشركات والجهات الخارجية باستخدام حاسوبها الكمي بداية من عام 2020، لكن لم تقدم أي تفاصيل بعد.

حاسوب كمي معروض في أحد المراكز التابعة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)
حاسوب كمي معروض في أحد المراكز التابعة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)

كما نجحت شركة إنتل في تصنيع معالجها “تانغل ليك” بنفس قدرة حاسوب غوغل تقريبا، بعد أن كانت “آي.بي.أم” قد أعلنت عن توصلها إلى تصنيع معالج يحقق التفوق الكمي.

ولا ينحصر هذا السباق في شركات التكنولوجيا، بل يمتد تنافس الدول وخاصة الولايات المتحدة والصين إلى مجالات تقنية أخرى، حيث أعلنت بكين عن اختراقات في شبكات الاتصالات الكمية ونجاح علمائها في إجراء تجربة التشابك الكمي بإرسال شعاع ليزر من قمر صناعي في اتجاه موقعين مختلفين بعد “تشبيك” فوتونين كميا.

وأرسل القمر الصناعي رسالة إلى مسافة 1200 كيلومتر، وهي مسافة أبعد 12 مرة من أي رسالة سابقة، في خطوة قد تفسح المجال أمام اختراقات علمية هائلة في الاتصالات الآمنة.

وتقول مؤسسة “بي. بي.سي” للأبحاث إن الاستثمار في صناعة الحوسبة الكمية يتضاعف بسرعة كبيرة، وأن أعدادا متزايدة من الشركات تسعى لتحقيق ما يسمى بالتفوق الكمي في بناء حواسيب قادرة على إحداث نقلة كبرى في مجالات مثل الكيمياء وصناعة الأدوية والهندسة.

17