مصنع بلاستيك ينهض من ركام الحرب في شرق ليبيا

رأس لانوف (ليبيا) - تقدم إعادة فتح مصنع للمواد البلاستيكية في ميناء رأس لانوف النفطي بشرق ليبيا دفعة إيجابية نادرة لاقتصاد تعصف به الحرب والانقسامات السياسية.
وتدير شركة رأس لانوف لتصنيع النفط والغاز، التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط المملوكة للدولة، مصنع البولي إيثيلين، الذي ظل مغلقا لأكثر من ثماني سنوات بسبب انعدام الأمن.
وأغلقت مصفاة رأس لانوف البالغة طاقة إنتاجها 200 ألف برميل يوميا بسبب نزاع تحكيمي، وتأجل استئناف العمل الذي كان من المتوقع له العام الماضي.
لكن تسنّت حديثا رؤية عمال بالزي الرسمي يعودون إلى مواقعهم في مصنع البلاستيك وسط أصوات الآلات.
واستأنف العمال الشهر الماضي نشاطهم في المصنع الذي تبلغ طاقة إنتاجه حوالي 80 ألف طن سنويا، ومن المنتظر أن تزيد إلى 160 ألف طن لاحقا.
وأكد رئيس مجلس إدارة شركة رأس لانوف لتصنيع النفط والغاز شعبان بسيبسو لوكالة رويترز أنه كانت هناك محاولات غير ناجحة لإعادة فتح مصنع المواد البلاستيكية في 2016 و2017.
إعادة تجهيز المصنع استغرقت أكثر من عام بسبب تكاليف التوريد ورفض شركات أجنبية المساعدة
وقال مدير المصنع حميد الحبوني إن “التجهيزات استغرقت أكثر من عام وقام بها مهندسون ليبيون، إذ أن أغلب الشركات التي يتعاملون معها لا تذهب إلى ليبيا”.
وتقع رأس لانوف في منطقة الهلال النفطي بليبيا، وهي منطقة على شكل قوس تمتد جنوبا من ساحل البحر المتوسط حيث تتركز حقول النفط والموانئ.
ومنذ 2016، تسيطر على الميناء قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، الذي يقود في الوقت الراهن هجوما للسيطرة على العاصمة طرابلس.
وأُغلق ميناء رأس لانوف لسنوات وحوصرت المنطقة المحيطة مرارا في المعارك بين المجموعات الليبية المتناحرة وهجمات تنظيم داعش المتطرف، مما دمر بعضا من صهاريج تخزين النفط هناك.
وفي مكالمة هاتفية للعمال الشهر الماضي، قال مصطفى صنع الله رئيس مؤسسة النفط، وهو موظف سابق بشركة رأس لانوف لتصنيع النفط والغاز، إن “إعادة فتح المصنع كانت إنجازا رائعا في ظل ظروف صعبة للغاية مرت بها المؤسسة وقطاع النفط عموما”.
وأكد صنع الله أن رأس لانوف يعوَّل عليها بشدة وعلى عودتها إلى النشاط من أجل استقرار الاقتصاد المحلي المتضرر بفعل الاضطرابات.
وتعتمد ليبيا بالكامل تقريبا على إيرادات النفط، وتكافح المؤسسة الوطنية للنفط للحفاظ على استقرار إنتاج الخام. وتظهر البيانات تحسن الإنتاج ليصل إلى حوالي 1.3 مليون برميل يوميا الشهر الماضي، لكن الصورة خارج قطاع النفط والغاز تظل قاتمة.

ووضع تدهور قيمة الدينار والتراجع الحاد في إيرادات الخام، المورد المالي الوحيد لموازنة الدولة، الاقتصاد الليبي على حافة الانهيار الشامل، ما دفع مصرف ليبيا المركزي للسحب من الاحتياطات النقدية لتغطية فاتورة الواردات ودفع رواتب الموظفين ومستحقات الدعم.
كما فرض المركزي على المواطنين التعامل بالبطاقات الإلكترونية للحصول على العملة الصعبة لمواجهة ضغوط شح السيولة والتشوهات المتزايدة في الاقتصاد نتيجة اتساع الفجوة بين السعر الرسمي للدينار وأسعار السوق السوداء.
وتشير التقديرات الرسمية إلى أن 72 مليار دولار من احتياطات المركزي بالعملة الصعبة تبخرت خلال الأعوام الثمانية الماضية، بعدما كانت عند مستوى 130 مليار دولار قبل الأزمة.
وتلقى الاقتصاد الليبي ضربات شديدة من تراجع صادرات النفط بحوالي 80 بالمئة عن مستويات ما قبل الأزمة حين كانت تصل إلى 1.6 مليون برميل يوميا في عام 2010.