الصحافي الليبي مشروع ضحية مع استمرار إفلات الجناة من العقاب

طرابلس- حذرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا من خطورة استمرار الإفلات من العقاب في الجرائم والاعتداءات المقترفة ضد الصحافيين وقطاع الإعلام وانعكاساته المدمرة على حرية الإعلام وحق المواطن في التعبير والمعرفة.
وقالت اللجنة في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين، الذي يوافق الثاني من نوفمبر كل عام، إن ملف مكافحة الإفلات من العقاب يُعد من أبرز الملفات والقضايا الرئيسية التي تعمل عليها اللجنة في ما يتعلق برصد ومتابعة وتوثيق هذه الجرائم والانتهاكات التي ترتكب بحق الصحافيين والمدونين في ليبيا.
ويحمل هذا الملف أهمية خاصة في ليبيا بسبب تفشي ظاهرة الانتهاكات والجرائم والاعتداءات ضد الصحافيين مع احتدام المعارك، وسعي الميليشيات المسلحة إلى التعتيم على الحقائق ومنع وصول ما يجري على الأرض إلى الرأي العام، والتحكم بالمعلومة.
ووفقا لبيان اللجنة، تتواصل الجرائم والانتهاكات المرتكبة بحق الصحافيين والمدونين في ليبيا من جرائم الاختطاف والاعتقال التعسفي والاغتيال والقتل والتهديد والتعذيب، وسط استمرار حالة الإفلات من العقاب نتيجة انهيار الأجهزة الأمنية ومنظومة العدالة وغياب سيادة القانون التي باتت عاجزة عن ملاحقة الجُناة ومحاسبتهم.
وأضافت أنه عادة ما توثق الجرائم ضدَّ ميليشيات وجماعات مسلحة مجهولة الهوية وحتى إن عرفت لا تستطيع هذه الأجهزة الوقوف أمام سطوة وهمجية الجماعات المسلحة ذات التوجهات الأيديولوجية الراديكالية أو السياسية أو القبلية.
ووثق قسم شؤون حرية الصحافة والإعلام باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، 7 حالات اعتقال قسري بحق الصحافيين والإعلاميين في مدن طرابلس وبنغازي وسبها من بينهم الصحافي محمد القرج ومحمد الشيباني اللذان احتجزا في مدينة العزيزية أثناء تغطية المواجهات المسلحة في جنوب غرب طرابلس، وكذلك الصحافي طه مفتاح مراسل قناة ليبيا روحها الوطن بدرنة الذي تم اعتقاله في 30 مارس الماضي، والإفراج عنه في اليوم التالي.
وتكررت الحادثة مع الصحافي صالحين الزروالي مراسل وكالة الغيمة للأخبار في مدينة أجدابيا في 29 مارس الماضي وإطلاق سراحه بتاريخ 31 مارس الماضي، دون أي توضيح أو اعتذار.
ولا يزال الصحافي إسماعيل علي بوزريبة معتقلا منذ 20 ديسمبر الماضي أثناء تغطيته لحفل تكريم الرعيل الأول من المعلمين بقطاع التعليم في مدينة أجدابيا وتمت إحالته لسجن عسكري دون توجيه أي تهم واضحة.
عادة ما توثق الجرائم ضد ميليشيات وجماعات مسلحة مجهولة الهوية وحتى إن عُرفت لا يمكن الوقوف أمام سطوتها
كما سجل استهداف 4 صحافيين ومصورين جراء الحرب في طرابلس أثناء تغطيتهم لأخبار الحرب ووثق مقتل المصور الصحافي محمد بن خليفة العامل لدى وكالة أسوشيتد برس، عندما كان يقوم بتغطية جانب من الاشتباكات المُسلحة بين طرفي النزاع، كما جرى توثيق واقعة الاقتحام وسرقة معدات من مكاتب صحيفة فسانيا بمدينة سبها في 15 مارس الماضي من قبل مسلحين مجهولين.
ووفقا لبعثة الدعم التابعة للأمم المتحدة في ليبيا، يواجه الصحافيون في ليبيا مضايقات متكررة، بما في ذلك رفض إصدار أو الاعتراف ببطاقات صحافية ورفض منح التأشيرات واتهامات بالتجسس والتمييز وتهديدات بالقتل أو العنف.
ونوهت بعثة الأمم المتحدة إلى “مأساة تعرض الصحافيين للضرب والاعتقال والاحتجاز دون تهمة وخطفهم وقتلهم أثناء تأديتهم لواجبهم في ليبيا”.
وتظل ممارسة العمل الصحافي في ليبيا هاجسا يتسم بالحذر والخوف، كون البيئة الإعلامية لا يتوفر فيها الحد الأدنى من السلامة والحماية، خاصة مع استمرار مسلسل الفوضى المتصاعدة، وحالة الاستقطاب السياسي بين الأطراف كافة، الأمر الذي جعل الصحافي الليبي والأجنبي على حد السواء في مرمى حجر واحد، مهدّدين بسلامتهما وفق صور شتى، وجعل رحلة البحث عن الحقيقة ونقل الأحداث، تعتريها صعوبات وتحديات لا حصر لها.
واعتبرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أن استمرار حالة الإفلات من العقاب جريمة تستهدف حرية التعبير وبقية الحريات الأساسية التي يضمنها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وتشجع مرتكبي الجرائم في حق الصحافيين كي يقترفوا المزيد من الاعتداءات، وتشكل تهديدا لدولة القانون والمؤسسات وتقود سيادة القانون والعدالة، مما يؤدي إلى نشر الخوف والرقابة وإلحاق الأضرار بالمجتمع بأكمله.
وشددت على ضرورة إنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم ضد الصحافيين، وعلى أهمية تضافر جهود مختلف مكونات المجتمع المدني ومكونات المجتمع الليبي حتى لا يفلت من المحاسبة القضائية العادلة أولئك الذين اعتدوا على الصحافيين والمدونين وتقييد حرية الصحافة والإعلام ومصادرة حرية الصحافة.