مخاوف من اتفاق سلام مع طالبان "يعرقن" أفغانستان

مسؤولون أميركيون يتخوّفون من استنساخ السيناريو العراقي على الأراضي الأفغانية.
الجمعة 2019/09/06
مخاوف من حرب أهلية

كابول –  يزداد الجدل وتثار التساؤلات حول مستقبل أفغانستان، وما يمكن أن تصل إليه الأمور في البلاد، في ظل ما أعلن عنه من قرب إعلان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن التوصل إلى اتفاق مع حركة طالبان الأفغانية، فيما يتخوف مسؤولون أميركيون من استنساخ السيناريو العراقي على الأراضي الأفغانية.

وحذرت الحكومة الأفغانية من “المخاطر” التي قد ينطوي عليها مثل هذا الاتفاق، حيث كتب صديق صديقي المتحدث باسم قصر الرئاسة الأفغانية تغريدة قال فيها إن الحكومة تشعر بالقلق إزاء “المخاطر والتداعيات البغيضة” التي يمكن أن يسفر عنها الاتفاق في حال توقيعه. وأضاف أن الحكومة ترغب في الحصول على المزيد من التوضيح.

جاء ذلك بعد يومين من قيام زلماي خليل زاده المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان بإطلاع الحكومة الأفغانية على مشروع الاتفاق الذي يمكن إعلانه خلال الأيام القليلة المقبلة، والذي يحتاج إلى موافقة الرئيس دونالد ترامب.

ووفقا للاتفاق الذي جرى التفاوض عليه، سوف تسحب الولايات المتحدة من أفغانستان، كدفعة أولى، خمسة آلاف جندي أميركي في غضون 135 يوما بعد توقيع الاتفاق، وسوف تنهي أطول حرب خاضتها في مقابل ضمان من طالبان بأن الجماعات المسلحة الدولية لن تخطط للقيام بهجمات على مصالحها تنطلق من الأراضي الأفغانية. ورغم حث الولايات المتحدة طالبان على الموافقة على إجراء محادثات سلام مع حكومة كابول، ترفض ذلك طالبان التي تصف هذه الحكومة بأنها دمية.

ويعيد احتمال سحب القوات الأميركية من أفغانستان إلى الأذهان سحبها من العراق مع نهاية عام 2011، لكن لورانس جيه. كورب أحد كبار الزملاء في مركز التقدم الأميركي يقول إن الوضع في أفغانستان مختلف تماما.

وكان العراق في ذلك العام في حالة سلام نسبيا، وظل كذلك طوال ثلاث سنوات أخرى قبل أن تبدأ الحرب الأهلية السورية، بينما الحرب في أفغانستان ما زالت دائرة، وأنه بالإضافة إلى طالبان أصبح لتنظيم الدولة الإسلامية وجود كبير هناك. وأشار إلى أنه في شهر أغسطس الماضي، قام انتحاري من داعش بتفجير نفسه في حفل زفاف في كابول، مما أسفر عن مقتل 80 شخصا وإصابة 165 آخرين.

مسؤولون أميركيون: حرب عقيمة وباهظة التكاليف في أفغانستان
مسؤولون أميركيون: حرب عقيمة وباهظة التكاليف في أفغانستان

وألمح كورب، الذي عمل مساعدا لوزير الدفاع الأميركي في الفترة من 1981 إلى عام 1985 وشارك عام 2008 في حملة باراك أوباما الرئاسية، إلى أن الولايات المتحدة سحبت قواتها من العراق بناء على طلب الحكومة العراقية، في حين أن طالبان هي التي تريد الآن أن تنسحب أميركا من أفغانستان تماما، بينما لا تريد الحكومة الأفغانية المنتخبة ديمقراطيا والمعترف بها دوليا أن تنسحب واشنطن في أي وقت قريب.

ويشير دانيال آر. ديبتريس، الباحث في مركز ديفينس برايوريتيز الأميركي المتخصص في الدراسات العسكرية، إلى أن أغلب الأميركيين يرفضون الحرب في أفغانستان منذ وقت طويل وهم يرون أنها حرب عقيمة وباهظة التكاليف ولم تحقق نجاحا كبيرا رغم كل ما تم إنفاقه عليها.

ولكن هناك الكثير من الأميركيين لا يمكنهم ببساطة تصور أي انسحاب أميركي كامل من أفغانستان، ومعظمهم يؤمنون بالحكمة التقليدية التي تفيد بأن أي سياسة ناجحة لمحاربة الإرهاب تعتبر مستحيلة دون وجود جنود على الأرض.

وفي حقيقة الأمر هناك مخاوف لدى المسؤولين الأفغان ومستشاري الأمن القومي الأميركي إزاء إمكانية أن يؤدي أي انسحاب للقوات الأميركية إلى انزلاق أفغانستان نحو جولة جديدة من الحرب الأهلية التي يمكن أن تنذر بعودة حكم طالبان.

وستسعد صحف أميركية كثيرة بنشر انتقادات لأي ترتيب يتم التوصل إليه بين واشنطن وطالبان، ويرى دانيال أن هذه الانتقادات لها ما يبررها لأن هناك مخاوف مشروعة إزاء استعداد حركة طالبان لتنفيذ وعودها.

ويتوقع متابعون اتصال السيناتور ليندساي غراهام هاتفيا بترامب لمحاولة تخويفه حتى يبقى الحال على ما هو عليه، ومن المحتمل أن يخضع الرئيس للضغط، فهو يهتم أحيانا بالمشورة الخارجية اهتماما جديّا أكثر من اهتمامه بالتوصيات التي يقدمها له مستشاروه الرسميون.

5