الأردن يكافح لإنقاذ شريان استثمارات المغتربين

شككت الأوساط الاقتصادية الأردنية في قدرة البرامج الحكومية على تعزيز استقطاب أموال واستثمارات المغتربين، في ظل استمرار الإجراءات البيروقراطية والتشريعات المعرقلة لتأسيس المشروعات رغم الجهود التي تبذلها الحكومة لتحسين مناخ الأعمال.
عمان – يكافح الأردن لإغراء المغتربين بالاستثمار في بلدهم من خلال محاولة تقديم صورة وردية لبيئة الأعمال وتأكيد أن الاقتصاد يتجه للانتعاش بعد أن تجاوز مرحلة الخطر.
وأكد رئيس الوزراء عمر الرزاز هذا الأسبوع خلال افتتاح أعمال المؤتمر السابع لرجال الأعمال والمستثمرين الأردنيين في الخارج أن اقتصاد الأردن أثبت قدرته على الصمود رغم الظروف الإقليمية المحبطة.
وأشار إلى أن نسبة النمو حاليا والمقدرة بنحو 2 بالمئة، لا تلبي الطموح، لكنها جيدة في ظل الظروف التي مر بها الاقتصاد إثر الأزمة المالية العالمية وحالة عدم الاستقرار في المنطقة.
وعانت البلاد من الحرب على الإرهاب، والتي تسببت في إغلاق حدودها مع سوريا والعراق، واستقبال اللاجئين وانخفاض المنح والمساعدات وانقطاع الغاز المصري لسنوات عديدة.
وتأمل عمّان في أن يسهم المؤتمر في إيجاد جمعيات أو شبكات تساهم في تعزيز الشراكات بين رجال الأعمال والمستثمرين الأردنيين المغتربين من جهة، والحكومة والقطاع الخاص من جهة أخرى.
ودعا رئيس الوزراء رجال الأعمال الأردنيين داخل البلاد وخارجها إلى استثمار الفرص المتاحة في مختلف القطاعات، ولعب دور مهم في إعادة إعمار دول في المنطقة.
17 مليار دولار حجم استثمارات المغتربين الأردنيين في الخارج، بحسب جامعة الأعمال والتكنولوجيا في جدة
وتشير البيانات الرسمية إلى أن عدد المغتربين الأردنيين تجاوز المليون شخص، وهم موزعون على 70 دولة بنسب متفاوتة.
ولإثبات أن بلاده تتمتع باستقرار اقتصادي أشار الرزاز، أمام المؤتمر، إلى أن الأردن يمتاز بعدد كبير من اتفاقيات التجارة الحرة التي تربطه مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهما.
وقال إن “عدة دول بدأت تتنبه لأهمية الاستفادة من هذه الاتفاقيات ومن خلال الأردن في تصدير السلع والبضائع”.
وأشعلت بيانات انحدار الاستثمار الأجنبي المتدفق إلى الأردن في العام الماضي الجدل بشأن بطء الإصلاحات وتقاعس الجهات الحكومية في الترويج لمناخ الأعمال في وقت يعاني فيه الأردن من تداعيات الأزمات الخارجية.
وبحسب بيانات البنك المركزي انحسر تدفق رؤوس الأموال الأجنبية بنحو 52.6 بالمئة على أساس سنوي ليبلغ بنهاية العام الماضي حوالي 958.5 مليون دولار.
وتشير إحصائيات هيئة الاستثمار إلى أن عدد المشاريع بلغ في العام الماضي 406 مشاريع وفرت قرابة 12 ألف فرصة عمل.
وكان إجمالي صافي الاستثمار الأجنبي الداخل إلى الأردن قد بلغ أكثر من ملياري دولار في عام 2017.
وحقق قطاع الاستثمار أعلى قيمة له في عام 2008 ببلوغه مستوى 2.8 مليار دولار، لكنه تقلص لاحقا مع تداعيات الأزمة المالية العالمية.
وتؤكد هذه البيانات المخاوف من أن مناخ الأعمال المحلي غير جاذب لأصحاب المشاريع مع استمرار بطء الإصلاحات رغم أن الحكومة قطعت أشواطا في تذليل العقبات أمام المستثمرين.
كما يُلقي البعض بالمسؤولية على هيئة الاستثمار التي لم تحسن الترويج للوجهة المحلية بالشكل المطلوب.
ونسبت الصحافة الأردنية إلى مصادر مطلعة، لم تكشف عن هويتها، تأكيدها في فبراير الماضي أن مجلس الاستثمار لم يجتمع منذ عام تقريبا.
وأوضحت المصادر أن ذلك يتنافى مع الأهمية التي يراهن عليها الأردن لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
ويقول محللون إن حالة الترقب من قبل المستثمرين مع استمرار التوترات في الشرق الأوسط أدّيا إلى تراجع الاستثمارات خاصة القادمة من الخليج.
ومع ذلك، يعتقد رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين حمدي الطباع أن هناك فرصة لإعادة توطين رأس المال الأردني في مشاريع التنمية المستدامة كأداة ناجحة يمكن الاعتماد عليها للحد من البطالة.
وقال في المؤتمر إن “هناك ثقة من قبل القطاعين العام والخاص في مساهمة الاستثمار بتوفير فرص عمل جديدة وتنشيط عملية التوظيف ما يسهم في تنشيط الإنتاج وتحفيز النشاط الاقتصادي بالشكل الذي يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني”.
وتعتبر حوالات العاملين في الخارج أحد المصادر التي تُغذي الاحتياطي الأجنبي إلى جانب الاستثمار الأجنبي المباشر والدخل السياحي، بالإضافة إلى تأثيرهم على عدة متغيرات كالتضخم والنمو ودخل الفرد والتبادل التجاري.
وحث رئيس مجلس أمناء جامعة الأعمال والتكنولوجيا في جدة عبدالله دحلان السيدات ورجال الأعمال المغتربين الذين تقارب استثماراتهم 17 مليار دولار خارج الأردن، على العودة إلى البلاد للاستفادة من خبراتهم.
ولفت إلى أن بلده طور الأنظمة والقوانين واستثمر في البنية التحتية والمؤسسات التعليمية التي قدمت أفضل الكفاءات المحلية للعمل بالمشاريع التنموية.
وفي مسعى لتخفيف أزمات البلاد، قدم الأردن في فبراير الماضي قائمة مشاريع استثمارية على هامش مؤتمر لندن على أمل ضخ استثمارات تساعد على امتصاص جزء من نسب البطالة.