القاهرة تدخل معركة خصخصة قطاع النقل الحكومي المترهل

خطط لجذب استثمارات عربية لشركات النقل العام الخاسرة.
السبت 2019/05/25
معركة للفوز بمقعد نادر

كشفت القاهرة عن خطط للتخلص تدريجيا من شركات النقل البري الحكومية الخاسرة بسبب تفاقم أزماتها من خلال الخصخصة، بعد أن عجزت عن إصلاحها والتخفيف من أعبائها على موازنة الدولة بسبب انعدام الجدوى الاقتصادية لتشغيلها في ظل المنافسة القوية مع القطاع الخاص.

القاهرة - فتحت الحكومة المصرية نافذة جديدة أمام الاستثمارات العربية في قطاع النقل البري، بعد أن أعلنت وزارة قطاع الأعمال العام عن خطة لدمج ثلاث شركات حكومية في كيان واحد وطرحه على المستثمرين.

وقال هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام إن الشركات الثلاث هي الصعيد للنقل والسياحة وشرق وغرب الدلتا.

وأوضح أن الكيان سيتم طرحه على القطاع الخاص بهدف تنميته لتقديم خدمات تنافسية تشمل حجز التذاكر إلكترونيا وخدمة “واي فاي” للركاب.

ويعاني مستخدمو منظومة نقل الركاب الحكومية من تردي الخدمات، وسوء حال غالبية المركبات، الأمر الذي فتح المجال أمام القطاع الخاص للمنافسة من خلال طرح وسائل نقل ذات جودة أعلى.

محمد سامح: شركات إماراتية وسعودية تدرس الاستثمار في النقل
محمد سامح: شركات إماراتية وسعودية تدرس الاستثمار في النقل

ودخلت وسائل النقل التشاركي سباق المنافسة، واستفادت من تردي منظومة النقل الحكومية، وقد بدأت شركة سويفل المصرية الناشئة السباق وتلتها شركة كريم الإماراتية، ثم أوبر الأميركية.

وتظهر بيانات الجهاز المركزي للمحاسبات أن جميع وسائل النقل العام في البلاد تنقل سنويا نحو 1.4 مليار راكب.

وكشف محمد سامح، رئيس الاتحاد العربي للاستثمار المباشر، عزم جهاز أبوظبي للاستثمار وبعض المستثمرين الأفراد من السعودية والكويت على ضخ استثمارات بقطاع النقل البري في مصر.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أنهم ينتظرون نسبة المشاركة المرتقب إعلانها من الحكومة وكذلك المذكرة التفصيلية، التي سيرسلها الاتحاد إليهم لضخ استثمارات مباشرة في هذا القطاع الحيوي.

وعززت القاهرة مناخ الاستثمار في مجال النقل البري، ونفذت مشروعا لشبكة الطرق وأضافت من خلاله نحو 3400 كيلومتر من الطرقات الجديدة بتكلفة تصل إلى نحو 2.2 مليار دولار.

واقترح سامح أن تمتلك الدولة الحصة الأكبر بواقع 60 بالمئة من المشروع على أن يتم منح القطاع الخاص حق الإدارة، لجذب المستثمرين لقطاع النقل الجماعي.

ويعد دمج شركات النقل البري طوق نجاة لها، لأنها لن تقوى على مسايرة التطور الذي أدخله القطاع الخاص، إذ تقلل عملية الدمج تكاليف التشغيل، ولاسيما بالإدارة العليا، ما يزيد من ربحية الشركات بعد عمليات إعادة الهيكلة.

وتصطدم عمليات التطوير بالعمالة الزائدة والتي نشأت في كنف البيروقراطية، والافتقاد إلى ثقافة إرضاء المستهلك، ولا تزال تتعامل مع ركاب وسائل النقل العام من منطلق أنه موظف في الدولة ولا يجب الدخول معه في أي حوار حول جودة الخدمة.

وتفطنت وسائل النقل التشاركي لهذه النقطة، حيث تسمح تطبيقاتها بتقييم المركبة والسائق عقب كل رحلة، ما يضمن حرص السائق على تقديم خدمة مميزة للركاب باستمرار.

وأكد عادل اللمعي رئيس لجنة النقل بجمعية رجال الأعمال لـ”العرب” أن هذه الخطوة تأخرت كثيرا مع تزايد عدد السكان وعدم قدرة شركات النقل الحكومية على مواجهة هذه الزيادة.

وقال إنه “يجب أن تقتنع الحكومة بأن دورها تنظيمي وليس المنافسة، لضمان نجاح الاتجاه الجديد، ومن الممكن أن يصبح نموذجا يطبق على باقي شركات قطاع النقل”.

وأطلقت شركة مواصلات مصر التابعة لمجموعة الإمارات الوطنية أول مشروع للنقل الجماعي الذكي بالتعاون مع محافظة القاهرة مطلع العام الماضي، بهدف توفير وسائل نقل حضارية آمنة للركاب وطرحت في المرحلة الأولي 56 حافلة داخل نطاق المحافظة.

عادل اللمعي: الحكومة دورها تنظيمي وليس المنافسة
عادل اللمعي: الحكومة دورها تنظيمي وليس المنافسة

وتستهدف الشركة زيادة الأسطول حتى يبلغ ألفي حافلة مع حلول العام المقبل لبلوغ هدف نقل 8 ملايين شخص.

ويمكن للمواطنين أن يستقلوا الحافلات من خلال بطاقات دفع مسبقة تطرحها الشركة، بدلا من المدفوعات النقدية للتذاكر.

وقال إبراهيم مبروك، أستاذ النقل والمرور في كلية الهندسة بجامعة الأزهر، إنه لا يمكن تطوير قطاع النقل البري خارج منظومة النقل بشكل عام.

وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى أن الحكومة مطالبة بربط النقل البري مع السكك الحديدية، فضلا عن دمج المنظومة مع قطاع النقل النهري والجوي ليستوعب أيضا قطاع نقل البضائع، فالنقل يجب أن يعمل حسب منظومة واحدة لا تتجزأ.

وأكد أن عمليات التطوير غابت عن قطاع النقل المصري على مدى عقود، ولا يزال يعاني من مشكلات لا حصر لها، أبرزها عدم وجود سائقين مؤهلين للقيادة.

ويغض القانون الطرف عن سيارات نقل الركاب الحكومية المتهالكة والتي تلوث البيئة لعدم صيانتها، وكذلك تجاه السائقين في تجاوز أعداد الركاب المقررة لكل سيارة، ما يسرع بانتهاء عمرها الافتراضي.

وشدد مبروك على أن دول العالم المختلفة تتعامل مع قطاع النقل من خلال منظومة واحدة، إذ يتم تحفيز ومشاركة أصحاب رؤوس الأموال والقطاع الخاص على ضخ استثمارات في قطاع النقل لسد أي نقص أو خلل يطرأ على الساحة، ومن ثمّ يتم ضمان تكامل المنظومة باستمرار.

وتحتاج القاهرة إلى ضبط إيقاع الاستثمار بالقطاع وتفعيل دور المجلس الأعلى للسلامة المرورية، ويشمل وزارات الداخلية والصحة والعدل، لضمان سلامة الطرق والتشريعات المطبقة.

ويفتقد قطاع النقل إلى خارطة استثمارية واضحة المعالم تحدد أولويات تطويره، والترويج له في مختلف المقاصد الاستثمارية داخليا وخارجيا، لبناء قاعدة قوية تمكن من ربط مفاصل الاقتصاد وتعززها.

وبعد نجاح هذه المنظومة يبقى شبح المخدرات هاجسا يؤرق قطاع النقل في مصر، نتيجة انتشار إدمان المسكنات بين السائقين بدعوى تدعيم القدرة على تحمل العمل لساعات طويلة، ما يستلزم القيام بفحوصات دورية لهم.

11