تشكيليان بحرينيان يجعلان من الدمية رمزا للبقاء 

الفنان محمد المهدي يعزز في معرض "انتهت اللعبة" الفوارق بين اللعبة الحقيقية والألعاب الرقمية، وعلاقتها السيكولوجية والسوسيولوجية بالأطفال وبذويهم.
الجمعة 2019/02/01
معرض يطرح تجارب وموضوعات مختلفة

تتميز تجربتا الفنانين البحرينيين أحمد عنان ومحمد المهدي في معرضهما المشترك “انتهت اللعبة” المقام حاليا بفضاء “فولك للفنون” البحريني، بروح المغامرة في ابتكار صيغ فنية معاصرة يمكنها أن تلامس قضايا وموضوعات تتعلق بكينونة الإنسان وتلك التشابكات والتعقيدات التي يعيشها، أكان رجلا أو امرأة أو طفلا.

المنامة- ينطلق الفنانان البحرينيان؛ أحمد عنان ومحمد المهدي في معرضهما المشترك “انتهت اللعبة”، الذي افتتح مؤخرا بفضاء “فولك للفنون” في منطقة السهلة بالبحرين، من مفهومين مختلفين، إذ لكل واحد منهما تصوره الخاص الذي يصوغ من خلاله عوالمه وفق ما يراه في الأسئلة المتفتقة من اشتغالاته.

وفي الوقت الذي ينظر عنان للعبة بوصفها كيانا عموديا مرتبطا بالجماهير والتحكم بها من الأعلى للأسف مثل الدمى، نجد المهدي يقدّم فكرته بصورة أفقية، حيث يعزز في أعماله الفنية الفوارق بين اللعبة الحقيقية والألعاب الرقمية، وعلاقتها السيكولوجية والسوسيولوجية بالأطفال وبذويهم، من حيث القدرة على وعيها والانتقال بهم من عالم إلى عالم مرتبط بالطفل ونموه الفكري، وبتصوراته الأولى للتجربة.

وعدّت الفنانة البحرينية هلا آل خليفة المعرض إضافة مميزة للمشهد الفني البحريني، مشيدة بجهود القائمين على المعرض على المستوى الراقي الذي صاحب تنظيمه، حيث إن مستوى الأعمال المعروضة والتقنيات المستخدمة يعكسان في المجمل نضجا فنيا واضحا لدى الفنانين.

منظوران مختلفان تنطلقان من دمية
منظوران مختلفان تنطلقان من دمية

وتشير آل خليفة إلى أن مثل هذه المعارض تساهم في إثراء الحراك الثقافي بشكل عام، وتمنح المهتمين بالشأن الفني فرصةً للتعرف على أنماط ومدارس فنية متنوعة ينتمي لها فنانو البحرين.

وفكرة المعرض تولّدت منذ حوالي سنة، عندما قام الفنانان بتناول مفهوم “انتهت اللعبة” من منظورين مختلفين لكل منهما، فقد حاول المهدي إعادة تعريف مفهوم الدمية من جديد في حياة الطفل بطابعها الأصلي بعد أن طغت عليها الحالة الرقمية، فيما اقترب الفنان أحمد عنان من المفهوم من زاوية مغايرة، وذلك من خلال إسقاط الرمز على الجماهير التي يرى بأنها مجرد دمى تتحكم بها إرادة أكبر منها، تدير شؤونها، وتتحكم في مصائرها.

ويقول عنان “منذ حوالي السنة اتفقت مع الفنان محمد المهدي على إقامة معرض ثنائي مشترك يطرح إلى جانب اللوحات، تجارب وموضوعات مختلفة تم تصميمها من مواد مختلفة من البيئة المحيطة بنا، وذلك من خلال تقنيات وأساليب فنية متنوعة”، منوها بأنه من خلال أعماله في هذا المعرض تطرق إلى “الإنسان” والمرأة بالتحديد، ليعبر من خلالها عن ما تعنيه المخاطرة في هذه الحياة التي هي جزء من لعبة أكبر، ويتحتم على الإنسان أن يقوم بدوره فيها، والتي قد لا تنتهي أو ربما قد تكون جزءا من لعبة أخرى.

ويضيف عنان بصيغة شعرية مليئة بدلالات الرمز “اللعبة بدأت، لا نعرف كيف بدأنا، لا نعرف متى كنا، العب، العب، أقتل كي تحيا، اخسر كي تربح، ليس هنالك مهرب، العب، الوقت يداهمنا.. واصل، وتقدم، لا قانون فيها، كل شيء جائز، اللعبة أن تبقى؛ تبقى فائزا، وتحصد جوائز وجوائز، لا تستسلم، وستتعب.. لكن العب العب.. أنت وأنا دمى في وسط الملعب، ليست للعبة بداية، ليست للعبة نهاية، انتهت اللعبة”.

ومن جانبه يوضح المهدي أن فكرة المعرض بدأت حين كان يعمل على إحدى جدارياته في غاليري “الرواق” بالمنامة، حيث كانت من الألعاب والدمى، وكان حينها يبحث عن بعض الدمى في صندوق الألعاب الخاص بأطفاله، كانت عينه على بعض الدمى الموجودة عندهم، ولكن ما أثار توقفه واستفهامه عندما قرر أخذ إحدى الدمى وكيف
كانت معارضة أطفاله! هذا الموقف جعله يتراجع ويفكر؛ ماذا تعني لهم تلك الدمى؟

ويقول المهدي “الدمية تساعد الطفل على الانتقال من مرحلة إلى أخرى في الأعوام الأولى من عمره، أكد الخبير التربوي الألماني أورليش أن للدمية أهمية كبيرة للأطفال الصغار، إذ إنها تعد بمثابة الرفيق الذي يساعده على الانتقال من مرحلة إلى أخرى في الأعوام الأولى من عمر الطفل، ما هي مشاعر الأب أو الأم تجاه تلك الدمى؟ هل تذكرهما بطفولتهما؟ وهل لها تأثير سلبي أو إيجابي على الطفل؟ أسئلة من الممكن أن نجيب عليها من خلال الفن”.

17