مظاهر اللاجامي: نعيش الآن زمن التباسات الهوية وألغامها

القطيف - السعودية- لا يتوقف الروائي السعودي مظاهر اللاجامي عن إثارة الجدل، فمع كل رواية يشغل القرّاء بأسئلة جديدة. أصدر اللاجامي 3 روايات ومسرحية شعرية. من مواليد القطيف 1980، قال عنه سليم مطر «يتمتّع بلغة عالية تمتاز بالطول والصعوبة لكنها مكثفة بدرجة كبيرة خصوصا في روايته "عازف الجيتار العجوز"». “العرب” حاورت اللاجامي حول روايته الأخيرة، وحول بعض القضايا الإنسانية والثقافية في المشهد السعودي والعربي.
بعد روايتين “بين علامتي تنصيص” و”الدّكة” يدشن مظاهر اللاجامي روايته الثالثة “عازف الجيتار العجوز″ عن دار الانتشار ببيروت، والتي يتوقع حضورها في معرض الرياض هذا العام، ويُقال إن هنالك مناطق فارغة يحاول الروائي -عادة- أن يملأها بين رواية وأخرى. وكأنه يسرد الحكاية من زاوية بديلة في كل مرة. عن ذلك يحدّثنا اللاجامي قائلا: «هذا الحديث يقودنا للعودة قليلا إلى تاريخ الرواية وتحوّلاتها التي مرّت بها على مستوى الرؤية، فالرواية في بداياتها الأولى كانت تعبيرا عن ثقة الإنسان بذاته وقد اعتبرها الروائيون أداة من أدوات التنوير وشكلا تغييريا يسهم في تغيير واقع المجتمعات التي أنتجت ضمن إطارها التاريخي. هذه الرواية مرّت بعدة تحوّلات رؤيوية من خلال السياق التاريخي والظروف السياسية والاجتماعية» وأضاف «أوروبيا، من خلال حربين عالميتين، أو عربيا، من خلال تجربة النكسة التي هزت يقينيات الذات العربية وسببت جرحا نازفا انقلب على فكرة الثقة التي سيطرت في فترات التحرّر الوطني والتخلص من الاستعمار".
دوائر الفراغ
يقول اللاجامي: "بعد الأحداث العالمية الكبرى أصبح الروائي يقارع الفراغ وانهيار منظومة القيم الإنسانية وعدم الثقة في أفكاره وأيديولوجياته وتاريخ خلاصه مما جعل الحياة والمجتمع ينفجران أمامه بتشظياتهما وغموضهما وضبابيتهما، وجعل ذلك ينعكس على النص الذي أصبح ملغوما بالفراغ وقد جاءت الروايات الثلاث ضمنه حيث حاولت أن أملأه، كمحاولة لفهم هذا الفراغ الذي يتغوّل في حياتنا وأفكارنا ومستقبلنا». حين اقتربنا أكثر من تفاصيل روايته الأخيرة المثيرة للجدل “عازف الجيتار العجوز" التي جاءت تسميتها من لوحة بيكاسو الشهيرة.
هذه الرواية مرت بعدة تحولات رؤيوية من خلال السياق التاريخي والظروف السياسية والاجتماعية
|
أيديولوجيا مأزومة
مع أن اللاجامي يرفض أن تصنّف أعماله الروائية، وبالخصوص الأخيرة على أنها أيديولوجية إلا أن بعض المتابعين يرى في "عازف الجيتار العجوز" رواية مؤدلجة، انتصر فيها اللاجامي لأفكاره، وسخر بالمقابل من التيار القومي والبعثي والشيوعي والإسلامي، باعتبار أن اللامنتمي لا يمكنه أن يقدّم مشروعا. يقول اللاجامي في هذا الصدد: «في البدء ينبغي الفصل بيني كروائي وبين السارد الذي يمثل رؤية العالم كما يعبّر”غولدمان”.
في سؤال للاجامي حول اختياره أن تكون إحدى شخصياته في الرواية “إسرائيلية” من أصل مغربي، بينما بطله “وحيد” سعودي من الأقليات الشيعية بالمنطقة، وإن كانت هنالك رسالة يودّ تمريرها عبر صناعة شخصياته أجاب اللاجامي: «إذا انطلقت من نهاية المداخلة السابقة فإن الشخصية ليست معطى جاهزا بل هي دال حاضر تتكون مدلولاته من خلال القراءة أي أنها كمدلول غائب من إنتاج القارئ.
النكسة هزت يقينيات الذات العربية وسببت جرحا نازفا انقلب على فكرة الثقة التي سيطرت في فترات التحرر الوطني