وزير داخلية إيطاليا في شمال أفريقيا لكبح جماح الهجرة

الجزائر – كشف وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني أنه “سيزور تونس قريبا، وستكون له جولة في الجزائر والمغرب، وأن بلاده تريد أن تعود حليفة لهذه الدول، وهي بصدد إعداد مشروع هام، سيوفر أكثر من مليار دولار لدعم اقتصاد كل من تونس والجزائر والمغرب وتوفير مواطن شغل”.
وكان سالفيني المنتمي لتيار الشعبويين في إيطاليا، هاجم فور توليه حقيبة الداخلية في بلاده، ما أسماه بـ”الذرائع الواهية للمهاجرين السريين القادمين من الجزائر، فهي بلد يتمتع بأوضاع اجتماعية اقتصادية وأمنية مريحة، فكيف يدرج هؤلاء في خانة الفارين من الفقر والتهميش والحروب والأهلية”.
وعبر وزير الخارجية الجزائري عبدالقادر مساهل، في تصريحات للصحافيين، أن “بلاده ترفض إقامة مراكز على أراضيها لاحتجاز المهاجرين السريين القادمين من الدول الأفريقية”، في إشارة إلى رفض الأجندة الأوروبية الرامية لتحويل دول الضفة الجنوبية، إلى حاجز متقدم لحماية حدودها البحرية من قوارب الهجرة السرية.
وباتت ظاهرة الهجرة السرية من أفريقيا عبر دول الضفة الجنوبية للمتوسط، مصدر قلق حقيقي للحكومات الأوروبية التي تتحرك في جميع الاتجاهات من أجل وقف موجة الهجرة المتدفقة على سواحلها، بما فيها وسائل الضغط السياسي والدبلوماسي، لجعل نظيراتها في شمال أفريقيا تقوم بدور الدركي الذي يحرس شواطئها عن بعد. وأعلن ماتيو سالفيني الجمعة في مقابلة مع قناة سكاي نيوز الإخبارية الإيطالية، أنه “سيزور قريبا المغرب والجزائر.. لقد زرت ليبيا، وسأزور المغرب والجزائر قريبا، والهدف هو السيطرة على الحدود الجنوبية لبلدان المغادرة والعبور للمهاجرين”.
وأضاف “الحكومة الإيطالية بصدد إعداد مرسوم أمني يتعلق بمكافحة المافيا، المخدرات، الإرهاب والهجرة، وفي هذا الشأن تحديدا سنعمل على تسريع إعادة المهاجرين إلى أوطانهم عبر اتفاقيات مع بلدان المنشأ، لأن لدينا الآن اتفاقيات مع أربعة بلدان فقط، ونحن بحاجة إلى اتفاقيات أخرى مع نيجيريا والسنغال وغامبيا ومالي وساحل العاج”.
السلك الدبلوماسي في فضاء شنغن يرفض المئات من الطلبات الجزائرية المودعة للحصول على تأشيرة دخول لأوروبا
ولم تبد الحكومة الجزائرية تفاعلا كبيرا مع دعوات الحكومات الغربية لاستقبال رعاياها المقيمين بطريقة غير شرعية على أراضيها، ولم تفض الزيارات العديدة لمسؤولين سامين في حكومات فرنسا وإسبانيا وألمانيا، إلى أي أجندة واضحة لترحيل الرعايا الجزائريين. وهو ما دفع السلك الدبلوماسي والقنصلي في فضاء شنغن إلى تقليص ورفض المئات من الطلبات المودعة للحصول على تأشيرة دخول الإقليم الأوروبي.
ورغم التصريحات المطمئنة للسفير الفرنسي في الجزائر كازفيي دريانكور، حول عدم وجود أي مراجعة لمسألة التأشيرات وتنقل الأشخاص، إلا أن مصادر مطلعة أكدت لـ”العرب” أن “إجراءات صارمة أدرجتها السلطات الفرنسية على تلك الطلبات بغية التقليص من الجزائريين الراغبين في دخول التراب الفرنسي أو الأوروبي”.
ومع دخول القانون الجديد في باريس حول الهجرة والإقامة واللجوء حيز التنفيذ مؤخرا، فإن تصريحات أدلى بها مسؤولون فرنسيون وحتى السفير الفرنسي في الجزائر، صبت في الاتجاه المذكور، بدعوى عدم تفاعل الحكومة الجزائرية مع رغبة الفرنسيين في ترحيل نحو 40 ألف جزائري مقيمين بصفة غير شرعية على ترابها.
وكان ماتيو سالفيني أكد على “مضي بلاده في صد موجات المهاجرين، على الرغم من ارتفاع أصوات في دوائر كنسية ضد سياستنا”. ولفت إلى أن الخيار أفضى إلى تراجع كبير في أعداد الوافدين منذ تولي ائتلاف (حركة خمس نجوم ورابطة الشمال) مقاليد الحكم في مطلع شهر يونيو الماضي.
وذكر في منشور له على صفحته الرسمية على الفيسبوك “في الشهرين الأولين لتولي الحكومة الجديدة لمقاليد الحكم في إيطاليا تقلصت أعداد المهاجرين بأكثر من ثلاثين ألفا مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.. الإرادة قوة.. لقد انتقلنا من الأقوال إلى الأفعال”.
وفي رد يترجم عزيمة وإصرار الحكومة على تنفيذ سياساتها تجاه المهاجرين غير الشرعيين، والصمود في وجه انتقادات الدوائر الداخلية، ذكر بأنه “يمكنهم إهانتي، مهاجمتي وتهديدي بقدر ما تريدون، لكنني لا أتوقف، لأنني أعمل من أجل مصلحة الإيطاليين، وأنا أعلم أنهم معي”.