القاهرة تشطب مليار دولار من الديون المتعثرة للشركات والأفراد

القاهرة – بدأت بنوك مصرية تنفيذ مبادرة البنك المركزي لتسوية المديونيات المتعثرة على المئات من الشركات والآلاف من أصحاب المشاريع.
وبموجب المبادرة تعفي البنوك، المتعثرين من الفوائد المتراكمة وغير المسددة على المشروعات والأفراد والتي تبلغ قيمتها نحو مليار دولار، في حالة التزامهم بسداد مئة بالمئة من رصيد الدين نقدا والذي تم تسجيله في 31 ديسمبر الماضي.
وتشمل المبادرة الديون التي تقل قيمتها عن 10 ملايين جنيه (560 ألف دولار) وكافة مديونيات الأفراد، غير شاملة أرصدة البطاقات الائتمانية، بمهلة تمتد حتى نهاية العام الحالي.
ويقع في نطاق المبادرة جميع المتعثرين، سواء من تم اتخاذ ضدهم إجراءات قضائية، أو من لم يتم تحريك دعاوى عليهم.
ووفق بيانات رسمية، تبلغ عدد الشركات المتعثرة عن السداد نحو 3500 شركة، فيما يبلغ عدد الأفراد المتعثرين حوالي 337 ألفا.
وتشارك في المبادرة 8 بنوك، هي الأهلي المصري ومصر والقاهرة والمصري لتنمية الصادرات والعقاري المصري العربي والزراعي المصري والمصرف المتحد والتنمية الصناعية والعمال المصري.
وتصل قيمة الفوائد التي سيتم إسقاطها عن الشركات نحو 675 مليون دولار، ونحو 325 مليون دولار بالنسبة لقروض الأفراد.
وجاءت مبادرة المركزي بعد فشل تأسيس أول صندوق استثمار مباشر لإنقاذ المصانع المتعثرة، وكانت تشارك في تأسيسه وزارتا التجارة والصناعة والتخطيط وبنك الاستثمار القومي، ومن المقرر تدشينه في مارس 2017.
وستتنازل البنوك عن جميع القضايا المتداولة ضد الأفراد والشركات في المحاكم وإبراء ذمة المقترض إبراء نهائيا من البنوك، فضلا عن تحرير كل الضمانات المقدمة من الأفراد والشركات ضمانا لتلك المديونية، وحذف المقترض من القائمة السلبية لدى البنك المركزي والشركة المصرية لاستعلام الائتمان.
ومن الحوافز التي تمنحها المبادرة عدم سريان حظر التعامل مع الشركات والأفراد في ما يخص هذه المديونية، مع الإقرار بأنهم مستفيدون من تلك المبادرة لمدة ثلاث سنوات من تاريخ السداد.
وقال هشام عكاشة، رئيس البنك الأهلي، لـ“العرب” إن “مصرفه لديه نحو 50 بالمئة من الشركات التي تتضمنها المبادرة نتيجة سياسات التوسع في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والاستحواذ علي النسبة الأكبر في تمويلها، وتعزز هذه المشروعات من دعم النمو الاقتصادي للبلاد”.
ويستهدف البنك زيادة محفظة تمويل نشاط المشروعات الصغيرة لنحو 5.6 مليار دولار خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، فيما بلغ حجم المحفظة خلال العام المالي الماضي نحو 2.1 مليار دولار.
وأكد عكاشة أن نسبة عملاء البنك المتعثرين من الشركات الذين تنطبق عليهم شروط المبادرة لا يتجاوز 2 بالمئة من إجمالي الشركات المتعاملة مع البنك، وأن مديونيتهم تعد ضئيلة أمام حجم محفظة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والشركات بالبنك.
ويستحوذ البنك الأهلي على أكثر من 48 بالمئة من حجم التعاملات المصرفية في البلاد وهو من أكبر البنوك التابعة للحكومة.
ويصل إجمالي المستفيدين من الأفراد في البنك 17 ألف فرد، يمثّلون واحدا بالمئة من إجمالي عدد قروض المتعاملين مع البنك من الأفراد، والبالغ عددهم 1.7 مليون قرض ولا تزيد مديونيتهم عن نصف بالمئة من إجمالي مديونيات التجزئة المصرفية بالبنك.
وأوضح محمد الأتربي، رئيس بنك مصر، أن عدد المستفيدين من المبادرة في مصرفه الذي يعدّ ثاني أكبر البنوك بمصر، بعد البنك الأهلي، نحو 12600 مستفيد.
وأشار لـ“العرب” إلى أنه تم إصدار تعليمات لجميع فروع البنك على مستوى البلاد البالغ عددها نحو 598 فرعا للتعامل مع الحالات المتعثّرة ومنحها كافة التسهيلات على الفور.
وتبقى المشكلة الأكبر في البنك الزراعي والذي يستحوذ على النسبة الأكبر، من حيث عدد المتعثرين، وقدّرها رئيس البنك السيد القصير خلال حديث مع “العرب” بنحو 110 آلاف فرد.
ورغم أن حجم المديونيات لا يتجاوز 3 مليارات جنيه (168 مليون دولار)، إلا أن كثرة العدد تقف حائلا أمام عمليات التسوية، كما أن معظمهم من صغار المزارعين، ووقفت ضائقة المعيشة حائلا أمام سداد تلك القروض وأدت إلى تراكم فوائدها.
ويحتاج هذا العدد لتسوية أكثر من 700 حالة يوميا، كي يستفيد المزارعون من المبادرة التي تمتد حتى نهاية العام الجاري، وهو أمر يستحيل تنفيذه عمليا في ظل عدم ميكنة العمل بجميع فروع البنك، خاصة في الريف وصعيد البلاد.
وكشف محمد يوسف، المدير التنفيذي لجمعية رجال الأعمال المصريين، عن لقاء مرتقب لعدد من رجال الأعمال، أعضاء مع قيادات البنك المركزي المصري، للوقوف على عدد من الإجراءات حول المبادرة.
وقال لـ”العرب” إن “هناك عددا من المتعثرين تتجاوز مديونياتهم حاجز العشرة ملايين جنيه بقليل جداً، ويرغبون في الدخول ضمن نطاق المبادرة وتسوية مراكزهم المالية المكشوفة، والعودة مجددا إلى حلبة الإنتاج بعد أن باتت خاوية على عروشها.
ويحتاج عدد من المصانع المتعثرة إلى تمويل رأسمالها العامل لتتمكن من مباشرة نشاطها مجددا، دون الاكتفاء بسداد ديونها، وإلا تتحول إلى تصفية نشاطها والتخارج من السوق بعد الحصول على شهادات إبراء ذمة من البنك المركزي.
وطالب يوسف بدراسة كل حالة تعثر على حدة، وهناك مصانع داخل دائرة التعثر لظروف خارجة عن إرادتها، فالمصانع التي كانت تقترض بالدولار لشراء المواد الخام، تسبب تحرير سعر الصرف عام 2016 في مضاعفة ديونها عقب تراجع قيمة الجنيه أمام سلة العملات الأجنبية بأكثر من 50 بالمئة.