غضب شعبي بسبب القدس ينتظر نائب ترامب في القاهرة

الأحد 2017/12/17
المهمة لن تكون سهلة

القاهرة – يعتزم نائب الرئيس الأميركي مايك بينس القيام بزيارة لمدة ثلاثة أيام، يبدأها الأربعاء، ويزور خلالها مصر وإسرائيل. وبينس هو أول مسؤول أميركي يزور الشرق الأوسط عقب إعلان الولايات المتحدة نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، وما صاحب هذا القرار من ردود فعل غاضبة.

ويحمل بينس في جعبته الكثير من الأوراق المتشابكة، بعد أن أصبحت زيارته مرهونة بالأساس بمعالجة الغضب العربي والاحتفاء الإسرائيلي بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي جاء صادما للمجتمع الدولي بعد أن اعتبرته غالبية الدول قرارا مخالفا للأعراف والقوانين الدولية.

ولا تستبعد البعض من المصادر أن تخرج مظاهرات رمزية في مصر للتنديد بزيارة بينس، تخفف الحرج السياسي الواقع على كاهل الحكومة التي قررت استقبال نائب ترامب في هذه الظروف وعدم التجاوب مع دعوات سياسية من قبل أحزاب مصرية طالبت برفض استقباله.

ومن المقرر أن يغادر بينس واشنطن الثلاثاء ويصل القاهرة صباح الأربعاء للاجتماع مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ويتوجه في وقت لاحق من اليوم نفسه إلى إسرائيل ويجتمع مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس ريئوفين ريفلين ويلقي خطابا أمام البرلمان الإسرائيلي ويزور الحائط الغربي في القدس.

وغير بينس من برنامج زيارته للمنطقة على ضوء الاحتجاجات العربية لقرار ترامب بشأن القدس وموقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي رفض استقبال بينس في الأراضي الفلسطينية، وكان من المفترض زيارة إسرائيل أولا.

ويرى مراقبون أن السبب وراء ذلك هو تجنب الغضب الكامن من القرار الأميركي والاحتجاجات الشعبية ضده في مصر، والتي قد تزداد سوءا في حالة قيامه بزيارة إسرائيل أولا.

ويتوقع خبراء أن تكون هناك إشادة واحتفالات يهودية ربما تؤجج المزيد من الغضب وهو ما جعل بينس يخطط لزيارة القاهرة أولا ثم إسرائيل ليسافر بعدها مباشرة إلى ألمانيا لزيارة قاعدة أميركية هناك.

ويرى ماجد عطية، خبير السياسة الدولية، أن الزيارة بالتأكيد تأثرت بالقرار الأميركي حول الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لكنه استبعد أن يؤثر ذلك بقوة على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة بعد الرد “الهزيل الذي قدمته الجامعة العربية الأسبوع الماضي لإدانة القرار”.

زيارة مايك بينس محفوفة بالتعقيدات بعد رفض الأزهر والكنيسة لقاءه، وتوقعات بتركيز اللقاء مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على ملف مكافحة الإرهاب

وأضاف لـ”العرب”، أن الرئيس عباس كان الوحيد الذي أعلن رفضه لقاء بينس واعتبر القرار الأميركي تخليا من واشنطن عن دورها كوسيط في عملية السلام. وأوضح أن التنديد اقتصر على الجانب الشعبي من خلال الاحتجاجات التي اندلعت في البعض من العواصم العربية، وكانت أقل من المتوقع من جانب الحكومات العربية.

ويرى مراقبون أن إعلان أبومازن رفض لقاء بينس كان صادما للإدارة الأميركية، التي لا تزال تفكر في وسيلة لإطلاق صفقة سياسية لتسوية القضية الفلسطينية. ودفع هذا الموقف بينس إلى إلغاء زيارته للأراضي الفلسطينية المحتلة، وقصر جولته على مصر وإسرائيل.

وضاعف الرفض الفلسطيني والمؤسسات الدينية الكبرى في المنطقة التحديات أمام بينس، وجعله محصورا في أجندته التي سوف تركز على مواجهة الإرهاب وتتغاضى عن الهدف المعلن من الزيارة.

وذكرت مصادر مصرية لـ”العرب”، أن القاهرة طلبت تعديل جدول أعمال الزيارة بعد تصريحات ترامب حول القدس لتشمل موضوع عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ومناقشة تداعيات القرار الأميركي على حل الدولتين وتأثيره على التسوية.

كما طلبت مصر أن تشمل الزيارة مناقشة موضوع المعونة الأميركي وقرار قطع 290 مليون دولار منها، بالإضافة إلى بحث إمكانية استعادة الأموال المقطوعة مرة أخرى والتعاون مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب.

وعقب قرار ترامب أعلن كل من شيخ الأزهر أحمد الطيب والبابا تواضروس الثاني بابا الكنيسة القبطية المصرية، التي تقود أكبر طائفة مسيحية في الشرق الأوسط، رفضهما لقاء بينس في القاهرة.

وقال هؤلاء إن رد فعل البابا تواضروس السلبي مثل حرجا كبيرا لبينس لأنه صرح في أكتوبر الماضي بأن الهدف الرئيسي من جولته في الشرق الأوسط هو مناقشة وضع الأقليات المسيحية.

وأشار نائب الرئيس الأميركي إلى أن “المسيحيين وغيرهم من المضطهدين في الشرق الأوسط لم يحصلوا على الإغاثة التي يحتاجونها”، واتهم الأمم المتحدة بأنها كثيرا ما فشلت في مساعدة المجتمعات الأكثر ضعفا خاصة الأقليات الدينية. وتقول الكاتبة بصحيفة واشنطن بوست جينا جونسون إن توجه بينس إلى الشرق الأوسط يأتي مصحوبا بالكثير من الغضب والرفض وأن مصر من الدول التي نددت بالقرار الأميركي ووصفته بغير الشرعي، لكن بينس يحمل بالأساس عبر زيارته القاهرة رسالة واحدة بأن إدارة ترامب مازالت ترى في مصر “شريكا مهما للغاية في المنطقة”.وأضافت أن نائب الرئيس أكد أنه سيجري محادثات كبيرة وطويلة حول حقوق الأقليات المسيحية في الشرق، لكن المهمة الحقيقة التي يحملها بينس ستكون “تهدئة الفلسطينيين الغاضبين من القرار الأخير”.

ويرى متابعون أن من أهداف بينس إعادة الدفء والتوازن إلى العلاقات بعد زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأسبوع الماضي، لمصر وتوقيعه في القاهرة على اتفاق إنشاء أول مفاعل نووي سلمي. لذلك قد يحاول نائب الرئيس الأميركي الإيحاء بأن مصر سوف تستمر حليفا استراتيجيا لبلاده، وهو ما يصب في صالح الرئيس المصري الذي نجح في الحفاظ على علاقات متينة مع قوى كبرى عديدة.

2