يأس مصري من جهود الحكومة لخفض الأسعار

القاهرة- تواصل الحكومة المصرية حملتها الواسعة لمواجهة انفلات الأسعار في الأسواق المحلية، من خلال طرح منتجات بأسعار رخيصة، بالتعاون مع وزارة التموين وجهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة المصرية.
لكن معظم المصريين يشككون في جدوى الحملة التي امتدت المشاركة فيها إلى متاجر القطاع الخاص الكبيرة، مثل مجموعة كارفور، التي أعلنت عن تخفيضات تصل إلى 15 بالمئة لمدة 3 أشهر.
وجاءت المبادرات بعد ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين إلى مستويات قياسية، لأسباب كثيرة بينها خفض قيمة الجنيه بنحو 10 بالمئة خلال العام الحالي.
وشكل مجلس الوزراء لجنة لضبط الأسعار بعد دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى حملة قوية من أجل محاربة جشع التجار والمحتكرين، وحدد نهاية نوفمبر موعدا لتخفيض الأسعار، لكن المصريين لم يلمسوا نتائج كبيرة بعد انقضاء الموعد.
وامتدت محاولات الحكومة اليائسة إلى مطالبة المتاجر الكبرى بعرض وجبات بسعر يعادل 4 دولارات، تكفي 4 أشخاص وتحتوي على مكونات غذائية من الخضروات واللحوم.
وتستهدف المبادرات استرضاء الشعب بعد موجة التضخم التي لم يقابلها أي ارتفاع في دخول المواطنين، ما تسبب في اتساع السخط الشعبي على أداء الحكومة.
وكشف الجهاز المركزي للإحصاء أن أسعار اللحوم الحمراء المحلية قفزت بنسبة 30 بالمئة خلال العام الحالي وارتفعت أسعار اللحوم المستوردة بنحو 47 بالمئة.
|
وأوضح أن الحل الحقيقي يكمن في علاج المشكلات التي تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، فعمليات عرض السلع غير منتظمة في ظل ارتفاع الطلب بشكل دائم. وأضاف أن صناع الغذاء في مصر يواجهون تحديات كثيرة تؤدي في النهاية إلى عدم طرح المنتجات في الأسواق بشكل يمكن من ضبط الأسعار، بسبب عدم توافر العملات الأجنبية وفي مقدمتها الدولار لاستيراد المواد الخام من الخارج.
وأكد أن نحو 75 بالمئة من حجم التجارة تتم خارج الاقتصاد الرسمي، جراء عدم تقديم فواتير ضريبية تمكن من تحميل عبء الضرائب على جميع مراحل حلقات التجارة، ما يؤدي إلى تحميل التكلفة على عاتق المستهلك النهائي، حيث يقوم عدد من موردي المواد الخام بالتهرب من الضرائب.
وأشار إلى أن ارتفاع نسبة الفاقد في بعض السلع يفضي إلى تضخم أسعارها بصورة كبيرة، فمثلا سلعة الطماطم يصل نسبة الفاقد فيها إلى نحو 40 بالمئة، نتيجة سوء الحفظ خلال عمليات التوزيع.
وقال شكري إن التجار يقومون بحساب قيمة البضاعة التالفة وتحميلها على سعر البضاعة المباعة، وأكد أن تقليل نسبة الفاقد من خلال التوزيع في سيارات مبردة سيؤدي إلى خفض الأسعار.
وأوضح أن مصر تستورد نحو 60 بالمئة من احتياجاتها من اللحوم المبردة، وهو أمر غير رشيد، لأن استيراد اللحوم الحية أفضل من حيث التكلفة واستخدام جلودها في الصناعة.
وتصل فجوة استهلاك اللحوم إلى نحو 322 مليون طن سنويا وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء. وتبلغ نسبة الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء في مصر نحو 74.3 بالمئة.
وأعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية عن استيراد 500 طن من لحوم الدواجن خلال شهرين. كما ستطرح مناقصة عالمية أيضا لاستيراد اللحوم الحمراء المجمدة لسد الفجوة الغذائية.
وقال عبدالعزيز السيد رئيس شعبة الدواجن بالاتحاد العام للغرف التجارية لـ“العرب”، إن حل مشكلة خفض الأسعار من خلال استيراد لحوم الدواجن، سيؤدي إلى انهيار هذه الصناعة في مصر، فبدلا من أن تحل الدولة مشاكل مزارع الدواجن وتشجعها على زيادة الإنتاج تقوم بالاستيراد من الخارج لتنافس الصناعة المحلية.
|
وأضاف أن الإنتاج المحلي وصل في وقت سابق إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم البيضاء، لكن ظهور فيروس أنفلوانزا الطيور عام 2007 والصعوبات المتزايدة في استيراد الأعلاف، أدت إلى إتساع المشاكل التي تعاني منها مزارع الدواجن.
وشدد على أن حل أزمة الأسعار يحتاج إلى حوار جاد مع المنتجين والتجار وليس إلى زيادة الواردات. وتوقع أن الحكومة يمكنها السير في هذه السياسة لمدة 6 إلى 9 أشهر، وبعدها لن تستطيع مواصلة الاستيراد لصعوبة تحمل الفواتير المرتفعة.
ونفى عمرو عصفور سكرتير عام شعبة المواد الغذائية والبقالة التموينية بغرفة القاهرة التجارية لـ“العرب” وجود خطة محددة المعالم لتنفيذ عملية خفض الأسعار. وأشار إلى أن المنافذ المتنقلة لبيع المنتجات بأسعار رخيصة لا تذهب إلى ريف مصر أو الصعيد أو المناطق الفقيرة المكدسة بالسكان.
وأكد أن تلك المنافذ تكون عادة أمام متاجر السوبرماركت الكبيرة وهو اختيار خاطئ، لأن هذه المنافذ ليس هدفها منافسة سلاسل المتاجر الكبرى، بل هدفها توصيل المنتجات الغذائية للفقراء ومحدودي الدخل بأسعار رخيصة.
ولا تزال الحكومة المصرية تفتقر إلى استراتيجية محددة تبدأ من الزراعة من خلال تشجيع الفلاحين على زراعة المحاصيل الأساسية لتقليل اعتماد البلاد على الواردات.