واشنطن تؤجل زيارة بنس للمنطقة على أمل هدوء عاصفة "القدس"

القاهرة - كشف مصدر دبلوماسي لـ”العرب” أن قرار تأجيل زيارة نائب الرئيس الأميركي مايك بنس المفاجئ إلى المنطقة جرى بالتفاهم مع القاهرة.
وأعلن البيت الأبيض عن تأجيل زيارة بنس إلى المنطقة إلى منتصف يناير المقبل، بدلا من الثلاثاء، وسط استمرار التوتر على خلفية إعلان واشنطن القدس عاصمة لإسرائيل زاده استخدامها للفيتو مساء الاثنين، على مشروع قرار مصري في مجلس الأمن يبطل مفاعيل الإعلان الأميركي.
وكان من المرجح أن يزور نائب ترامب كلا من مصر وإسرائيل في محاولة على ما يبدو لتخفيف وقع القرار الأميركي الذي لم يستفز فقط الفلسطينيين والعرب بل والمجتمع الدولي، وهو ما بدا واضحا في تصويت 14 دولة عضو في مجلس الأمن الدولي لصالح المشروع المصري.
ورغم نفي المسؤولين الأميركيين أن يكون الدافع وراء تأجيل زيارة بنس موجة التظاهرات الغاضبة التي تلت إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن القدس المحتلة، لكن دلائل كثيرة تشير إلى أن التراجع المفاجئ جاء نتيجة لمخاوف من تصاعد حدة التوتر في المنطقة، وأن الرهان الأميركي يبقى على تراجع هذا الزخم حول القدس في الفترة المقبلة.
وذكر المصدر الدبلوماسي أن لقاء بنس المقرر مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، كان سيظهر القاهرة غير متّسقة مع أجندتها المعلنة والمعترضة على الاعتراف الأحادي بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وأشار المصدر ذاته إلى أن التأجيل جرى بالتفاهم بين القاهرة وواشنطن، لمنع حدوث المزيد من التدهور في العلاقات، لأن مصر تعتبر أن إدارة ترامب وجّهت طعنة سياسية لها بعد قرارها المدوي.
|
ويرى كثيرون أن زيارة نائب ترامب إلى القاهرة كانت ستشكل في هذا التوقيت بالذات حرجا كبيرا بالنسبة إلى مصر، خاصة بعد الفيتو الأميركي على مشروعها في مجلس الأمن.
وتعالت أصوات في الأيام الأخيرة تطالب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي برفض استقبال بنس، بل والمطالبة بإلغاء الزيارة أصلا، كما أعلن البابا تواضروس، بابا الكنيسة المصرية وأحمد الطيب شيخ الأزهر رفض لقاء بنس صراحة في القاهرة، وأيضا السلطة الفلسطينية.
وتجد واشنطن اليوم نفسها تواجه عزلة دولية، كرسها تصويت الدول الأعضاء في مجلس الأمن على القرار المصري الذي دعا إلى الامتناع عن نقل البعثات الدبلوماسية إلى القدس، ورفض أي قرارات أحادية الجانب، والتأكيد على أن القدس قضية “ينبغي تسويتها من خلال المفاوضات”.
واحتجت مندوبة واشنطن في الأمم المتحدة على التصويت الكاسح، وقالت نيكي هيلي إنها “إهانة لن تُنسى”، مضيفة أن هذا الأمر “يعد مثالا آخر على أن الأمم المتحدة تضر أكثر مما تنفع في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.
وتعتزم السلطة الفلسطينية تقديم طلب للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وعضوية 22 منظمة دولية، وتنوي أيضا طرح موضوع القدس على الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما يمثل المزيد من الحرج للإدارة الأميركية.
وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه “لمن الجنون” الإبقاء على الولايات المتحدة وسيطا أو شريكا في عملية السلام.
وقالت الخارجية المصرية، تعليقا على تعطيل قرار القدس، إن “الموقف الدولي مساند للقدس وليست مصر فقط، وتعطيل القرار من الفيتو الأميركي ليس نهاية المطاف”، ما يعني أن هناك خطوات أخرى يمكن أن تقدم عليها القاهرة في الفترة المقبلة.
وبدت الإدارة الأميركية متوجسة من تداعيات إعلان ترامب، وعدّلت أولا في برنامج الزيارة لتبدأ زيارة بنس بمصر ثم إسرائيل، قبل أن تتخذ قرار تأجيلها.
وقال سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية في القاهرة، إن تأجيل زيارة مايك بنس “أمر متوقع في ظل الاحتقان الشعبي، والاحتجاجات التي اجتاحت العواصم العربية”.
وأوضح لـ”العرب”، أن الزيارة أفرغت من مضمونها مبكرا بعد أن رفض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لقاء بنس، احتجاجا على إعلان الولايات المتحدة القدس عاصمة لإسرائيل، ما اضطر بنس إلى إلغاء زيارة رام الله من جدوله الأول.
وأضاف، أن مهمة بنس صعبة ومعقدة، لأنها محاولة لرأب صدع كبير أحدثه قرار ترامب بشأن القدس، وتأجيلها محاولة للانتظار حتى تهدأ حدة العواصف، وبعدها ربما تصبح الزيارة أكثر سهولة، فهناك رهان على أن تتراجع حدة المواقف السياسية المصرية والفلسطينية في الفترة المقبلة.