هيئة الإعلام التونسي تندد بضرب الديمقراطية بعد شكوى الجزيري ضدها

تونس - اعتبر النوري اللجمي رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري “الهايكا” أن المسار الديمقراطي في خطر لأنه إذا تم ضرب الهيئة فإنه سيتم المرور لضرب بقية الهيئات الدستورية، على خلفية شكوى تقدم بها النائب وصاحب إذاعة “القرآن الكريم” المخالفة للقانون سعيد الجزيري واتهامه للهايكا “بالسرقة ومحاولة القتل”.
وقال اللجمي خلال ندوة صحافية الثلاثاء، إن الهايكا قامت بتطبيق الفصل 31 من المرسوم 116 ولكن تعاطي النيابة العمومية مع الملف يثير الريبة ويطرح العديد من التساؤلات.
وتمّ دعوة رئيس الهيئة ومراقبين عن وحدة الرصد التابعة لها للحضور الاثنين الماضي لدى فرقة الأبحاث العدليّة في العاصمة تونس، بسبب شكوى تقدم بها الجزيري بتهمة “السرقة ومحاولة الاغتيال” وذلك إثر عمليّة حجز معدات البثّ التابعة للإذاعة لاستمرارها في مواصلة البث دون ترخيص بتاريخ 17 مارس 2021.
وتولى عاملون في هيئة الإرسال السمعي والبصري برفقة مأموري الضابطة العدلية، تنفيذ قرار حجز تجهيزات البث التابعة لإذاعة “القرآن الكريم”، بجبل زغوان في العاصمة، في حين تعذر استكمال إجراءات الحجز بمقر الإذاعة بمنطقة مرناق في محافظة بن عروس، بعد أن تصدى الجزيري لعملية الحجز، بحجة أنه محل سكنه وباعتبار أن له صفة نائب شعب ويتمتع بالحصانة البرلمانية.
وقالت الهيئة في بيان رسمي أن قرار حجز معدات القناة الإذاعيّة المذكورة، تم تطبيقا لقرار مجلسها بتاريخ 25 فبراير 2021 وذلك بعد معاينة استمرارها في البثّ دون ترخيص رغم التنبيه عليها، وأكدت أن عملية الحجز تمت في إطار احترام الإجراءات القانونيّة وطبق مقتضيات المرسوم عدد 116 الصادر بتاريخ 2 نوفمبر 2011.
وقال اللجمي، إن “الهيئة وصلت إلى حالة يأس من القضاء المدني بشأن ملفّ إذاعة القرآن الكريم والنائب سعيد الجزيري”، مشيرًا إلى أن التوجه إلى القضاء العسكري مطروح.
وأضاف أن الجزيري يتسلّح بحصانته البرلمانية، وتساءل في تصريح لإذاعة محلية “إلى متى تقف السلطات العمومية مكتوفة الأيدي أمام هذا الخلط الذي يهدد عمل الهيئات الدستورية وصلاحياتها”؟
وتابع “هل يعقل التحقيق مع هيئة لأنها قامت بتطبيق القانون”؟ مضيفًا أن رئيس الهيئة لديه أيضا حصانة وفق ما ينص عليه الفصل 10 من قانون الأحكام المشتركة.
وأفاد عضو هيئة الدفاع المحامي أنور الباصي، في تصريح لوسائل إعلام محلية، بأن “أعوان فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بزغوان تلقوا تعليمات شفاهية من وكيل الجمهورية بعدم قبول نيابات المحامين بأي صفة كانت”، في ما يتعلق بالشكوى. ووصف رفض وكيل الجمهورية حق الدفاع بـ”الأمر الغريب والعجيب” على اعتبار أنه “خرق لمقتضيات مجلة الإجراءات الجزائية”.
وأكدت هيئة الدفاع عن الهيئة التي تضم حاليا 12 محاميا، تمسّكها بالاستماع إلى كافة الأطراف، وقالت إنها لن تسمح بسماع أعضاء الهايكا، ما لم يتم سماع سعيد الجزيري أو من يمثل إذاعة “القرآن الكريم” بخصوص الشكوى.
وأفاد المحامي رضا الرداوي، بأن الهيئة الدفاع تمكنت وبعد النجاح في كسر كافة محاولات الالتفاف على الإجراءات القانونية، من تقديم بلاغ بالنيابة عن الهايكا في هذه القضية وتحرير محضر في الغرض.
وذكّر عضو هيئة الدفاع بأن المحامين كانوا هددوا بالدخول في اعتصام مفتوح، “أمام تعنت عناصر فرقة الأبحاث العدلية بزغوان ورفضهم قبول التبليغ بنيابة المحامين وإصرارهم على حضور المشتكى عليهم”، مؤكدا وجود “تعليمات بإيقافهم”.
واعتبرت الهيئة، في بيان على صفحتها في فيسبوك، أن هذه الدعوة للمثول أمام فرقة الأبحاث في زغوان مؤشر خطير يرمي إلى المسّ من صلاحيات الهيئة والحدّ من ممارسة سلطتها لتعديل المشهد السمعي والبصري.
واعتبر عضو الهيئة هشام السنوسي، أن هناك “تواطؤا بين مؤسسات الدولة على دور الهايكا، وانخراط بعض القضاة في ضرب مهامها، بتغليب الانتماء الحزبي وسياسة التعليمات”.
وأشار إلى أنه تم التوجه إلى رئاسة الجمهورية، بالإضافة إلى الانطلاق في تكوين فريق عمل مستقل، لتقديم تقرير لمجلس الأمن القومي، بخصوص التمويلات المشبوهة للقنوات التلفزيونية والإذاعية غير القانونية، والتهريب المتعلق بأجهزة البث الخاصة بها، لما تمثله من مس بالأمن القومي، في ظل عدم وجود أي سند قانوني لها أو تراخيص لتوريدها.
وأضاف السنوسي، أن الهايكا بصدد “دراسة قرار رفع هذا الأمر إلى القضاء العسكري، بعد مناقشته مع المحامين، وذلك لكسر وضع اليد على بعض القضاة ممن هم بصدد تنفيذ التعليمات، وأمام الانتكاسات التي تتعرض لها هيئة الاتصال السمعي والبصري من طرف القضاء العادي وخاصة صدور قرارات قضائية بإرجاع أجهزة البث المحجوزة من قبل الهيئة إلى أصحابها، رغم خطورتها على الأمن القومي”.
وأكد المضي في محاربة كافة القنوات غير القانونية ومنها قناة “الزيتونة”، التابعة لحركة “النهضة”، وقناة نسمة لنبيل القروي، رئيس حزب “قلب تونس”، وأوضح أن هذه القنوات غير المرخص لها في البث تحوّل أموالا ليس لها أي أثر في البنك المركزي وتتصرف في مئات الآلاف من الدينارات شهريا دون مراقبة أو حساب.