هواوي أخفت نشاطها في إيران لتجنب عقوبات أميركية

تجد شركة هواوي الصينية نفسها مرة أخرى في دائرة الاتهامات بعد أن كشفت وثائق عن نشاط خفي لشركة الاتصال في إيران في محاولة منها لتفادي عقوبات أميركية إضافية في طهران التي تلاحقها الولايات المتحدة بعقوبات تجارية واقتصادية.
بكين – كشفت وثائق داخلية جديدة من شركة هواوي تكنولوجيز الصينية أن الشركة سعت للتستر على علاقتها بشركة سبق أن حاولت بيع معدات كمبيوتر أميركية محظورة لإيران لتبرز هذه الوثائق نشاط متكتم عنه لشركة الاتصال الصينية العملاقة في طهران.
وكانت وكالة رويترز قد نشرت تقريرا في 2013 عن وجود روابط عميقة بين هذه الشركة الإيرانية، واسمها سكاي كوم تك، والمديرة المالية لهواوي منغ وان تشو.
ومنذ مدة طويلة تصف هواوي الشركة الإيرانية بأنها شريك محلي منفصل. والآن تبين وثائق أن الشركة الصينية تسيطر على سكاي كوم ما يعني أن لها نشاط خفي في إيران.
ويرجح مراقبون أن تكون الشركة الصينية أخفت نشاطاتها لتفادي العقوبات الاقتصادية والتجارية التي تسلطها واشنطن على طهران.
وتلاحق الولايات المتحدة أصلا هواوي منذ سنوات في سياق حرب تجارية ضارية بين الصين والولايات المتحدة.
وثائق أثبتت أن شركة هواوي الصينية تسيطر على شركة سكاي كوم في إيران ما يعني أن لها نشاطا خفيا في البلاد
وهذه هي أول مرة تنشر فيها الشركة الصينية العملاقة عن هذه الوثائق التي تمثل جزءا من كنز من السجلات الداخلية الخاصة بنشاط هواوي وسكاي كوم المتعلق بإيران وتشمل مذكرات ورسائل واتفاقات تعاقدية بين الطرفين اللذان سعيا إلى أن تظل هذه المعطيات سرية.
وتصف إحدى الوثائق كيف سارعت هواوي في أوائل عام 2013 إلى محاولة أن تنأى بنفسها عن سكاي كوم انطلاقا من قلقها بسبب العقوبات التجارية على طهران.
وتبين الوثائق أن هواوي اتخذت لتحقيق تلك الغاية سلسلة من الخطوات بما في ذلك تغيير المديرين بشركة سكاي كوم وإغلاق مكتب سكاي كوم في طهران وإنشاء كيان آخر في إيران لتولي تنفيذ عقود بعشرات الملايين من الدولارات.
ومن الممكن أن يؤيد ما كشفت عنه تلك الوثائق قضية جنائية حظيت بدعاية إعلامية واسعة تلاحق فيها السلطات الأميركية هواوي ومديرتها المالية وهي أيضا ابنة مؤسس هواوي.
وتسعى الولايات المتحدة لتسلم منغ من كندا حيث ألقي القبض عليها في 2018. والأسبوع الماضي سمح قاض كندي بمواصلة نظر القضية ورفض دفوع محامي الدفاع بأن الاتهامات الأميركية الموجهة لمنغ لا تمثل جرائم في كندا.
وتقول قائمة الاتهام الأميركية إن هواوي ومنغ شاركتا في خطة تقوم على الاحتيال للحصول على بضائع وتكنولوجيا أميركية ممنوعة لنشاط هواوي في إيران عن طريق شركة سكاي كوم ونقل المال من إيران بالاحتيال على أحد البنوك. وتصف قائمة الاتهام شركة سكاي كوم بأنها “وحدة تابعة غير رسمية” لشركة هواوي وليست شريكا محليا.
وتنفي هواوي ومنغ الاتهامات الجنائية التي تتضمن الاحتيال المصرفي واتهامات أخرى.
وفي 2017 تم حل شركة سكاي كوم التي كانت مسجلة في هونج كونج. وقد وجهت إليها اتهامات أيضا.
وتوضح بيانات إفصاح أن هواوي كانت في فترة من الفترات من المساهمين في سكاي كوم لكنها باعت حصتها منذ أكثر من عشر سنوات.
ويبدو أن الوثائق التي تم كشفها مؤخرا تهدم ادعاءات هواوي بأن سكاي كوم كانت مجرد شريك أعمال.
وتتيح تلك الوثائق إلقاء نظرة عن كثب على بعض ما جرى للشركتين من وقائع داخل إيران قبل سبع سنوات ومدى التداخل بينهما.
وقالت وزارة الخارجية الصينية إن الولايات المتحدة تضفي طابعا سياسيا على قضايا اقتصادية وتجارية وهو ما ليس في صالح الشركات الصينية أو الأميركية.
وفي شهر مارس آذار واجهت هواوي اتهامات بأنها أبرزت في 2010 سجلات داخلية للشركة أظهرت أنها طرف مباشر في إرسال معدات أميركية محظورة إلى إيران.
ويقول منتقدون إن جهود هواوي لطمس علاقتها بشركة سكاي كوم بدأت بعد أن ذكرت تقارير صحفية في ديسمبر 2012 أن سكاي كوم عرضت بيع ما قيمته 1.3 مليون يورو على الأقل من معدات الكمبيوتر المحظورة من إنتاج شركة هيوليت باكارد إلى أكبر شركة اتصالات الهاتف المحمول في إيران في أواخر 2010.
وفي يناير 2013 وصف تقرير صحفي آخر كيف كان لهواوي علاقات مالية وثيقة مع سكاي كوم بما في ذلك شغل منغ منصب أحد أعضاء مجلس إدارة سكاي كوم في الفترة من فبراير 2008 إلى أبريل 2009.
وفي رد شركة هواوي على هذه التقارير قالت إن سكاي كوم من شركائها المحليين الرئيسيين.
ولكن وثيقة داخلية جديدة تخص هواوي وصادرة من مكتب الشركة الصينية في إيران بتاريخ 28 مارس 2013 تشير إلى أن الشركة الصينية كانت تسيطر على سكاي كوم.
وقالت الوثيقة “بسبب الامتثال لقواعد تجارية يحاول المكتب التمثيلي في ايه2 الفصل بين سكاي كوم وهواوي”. وايه2 هو الاسم الرمزي لإيران في مراسلات هواوي.
وأوضحت الوثيقة أن هواوي اتخذت “قرارا عاجلا” بتعيين هو مي مديرا عاما لشركة سكاي كوم في إيران اعتبارا من العاشر من مارس 2013.
وكان هو مديرا في سكاي كوم كما ورد في سجل داخلي بأسماء العاملين بشركة هواوي أنه من موظفيها.
ويشير مراقبون إلى أن هذه العملية الشائكة والمعقدة يبقى هدفها تجنب هواوي عقوبات أميركية إضافية بسبب نشاطها في إيران.
وذكرت الوثيقة بالتفصيل كيف اكتشفت شركة هواوي بسرعة خطأ تعيين هو مسؤولا عن إدارة شركة سكاي كوم.
وأوضحت أن هو كان يعمل بمقر شركة هواوي في الصين وأن وظيفته الجديدة تتطلب التعامل مع أمور في إيران.
ولذلك قررت هواوي أن تعين بدلا منه “موظفا صينيا من العاملين في إيران” لإدارة مكتب سكاي كوم في طهران.
وقررت هواوي تعيين سونغ كاي نائب ممثلها في مكتبها بإيران لإدارة سكاي كوم في إيران.
وردا على تقارير صحفية نُشرت في 2012 و2013 استفسرت عدة بنوك غربية من هواوي عن علاقتها بسكاي كوم.
وفي أغسطس 2013 التقت منغ بنائب رئيس البنك للعمليات المصرفية العالمية في منطقة آسيا والمحيط الهادي وهي متهمة في عريضة الاتهام الأميركية بتقديم معلومات خاطئة عديدة فيما يتعلق بملكية هواوي لسكاي كوم وسيطرتها عليها.
وقدمت منغ عرضا باستخدام برنامج باوربوينت خلال ذلك الاجتماع جاء فيه أن سكاي كوم مجرد “شريك عمل لهواوي”.
وتبين وثائق أن هواوي سرعان ما أصبحت طرفا مباشرا في عملية إنهاء نشاط سكاي كوم.
وفي رسالة بتاريخ الثاني من نوفمبر في العام 2013 قال سونغ، الموظف في هواوي الذي عين لإدارة سكاي كوم لأحد كبار عملاء الشركة الإيرانيين، إن سكاي كوم “قررت إلغاء أنشطة أعمالها وإنهاءها وحل الشركة الفرعية في إيران”.
وفي اليوم التالي وقعت سكاي كوم وإم.سي.سي.آي وشركة جديدة تابعة لهواوي هي شركة هواوي تكنولوجيز سيرفي الإيرانية المحدودة اتفاقا ظل سريا إلى حين كشف هذه الوثائق التي قد تزيد من إصرار الولايات المتحدة على ملاحقة العملاق الصيني.
ونص الاتفاق على أن سكاي كوم تعتزم نقل تعاقداتها للكيان الجديد التابع لهواوي.
ووردت في الاتفاق قائمة بثمانية عقود قيمتها الإجمالية نحو 44.6 مليون يورو (حوالي 50 مليون دولار) وأن المبلغ المتبقي 34.6 مليون يورو على أن تسدد أي مبالغ مستحقة لسكاي كوم للكيان الجديد عند استكمال التعاقدات بين الطرفين.
وأضاف الاتفاق الذي جمع الشركتين “تتعهد كل الأطراف بأن يظل هذا العقد الثلاثي طي الكتمان”.