هل يُطلق قيس سعيد الحوار الوطني لنزع فتيل الأزمة في تونس

عادت مبادرة الحوار الوطني في تونس إلى الواجهة وبقوة في أعقاب تواتر الحديث عن إمكانية دعوة الرئيس التونسي قيس سعيد اليوم إلى هذا الحوار وذلك بالرغم من المخاوف من فشله قبل بدايته في ظل اتساع دائرة الصراع السياسي بين أطراف الأزمة.
تونس – تصاعدت التكهنات في الساعات الماضية في تونس حول إمكانية إطلاق الرئيس قيس سعيد لمبادرة الحوار الوطني الذي يُعول عليه من أجل إنهاء الأزمات التي باتت تعصف باستقرار البلاد.
وتداولت أوساط سياسية أن الرئيس قيس سعيد قد يعلن عن إطلاق الحوار الوطني خلال خطابه بمناسبة الذكرى 65 لعيد الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي اليوم وذلك بعد أن تأخر ذلك بسبب خلافات حادة بين سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي.
وأكد الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي أن الرئيس سعيد قد يعلن عن انطلاق الحوار الوطني في خطاب له يوم 20 مارس وذلك بعد أن بلغت الأزمة السياسية ذروتها وسط مخاوف من انتقال المواجهة بين الأطراف السياسية إلى الشارع.
وأفادت النائب ليلى الحداد عن حركة الشعب بالبرلمان، أن “فرضية إعلان الرئيس التونسي على انطلاق حوار وطني للإنقاذ فرضية متوقعة حسب ما نراه الآن من إرادة قوية لسعيّد على أساس أن يلقي خطابا يتكون من عدة عناوين وجمل سياسية”.
وأضافت الحداد في تصريح لـ”العرب”، “الحوار أكيد سيكون إطلاقه رهين نوع من الشروط ويتم ضبط عدة مضامين، أعتقد من بينها استقالة المشيشي”، متسائلة “ما معنى أن تتحاور أحزاب سياسية في ظل حكومة مساهمة في الأزمة؟”.
وتابعت”من المهم جدا أن يكون من بين الشروط تشكيل حكومة مؤقتة يتم تحييدها عن الأطراف السياسية، لأن المشيشي فشل فشلا ذريعا في مهمته صحبة حزامه السياسي، ومواصلة المشيشي يعني إفلاس الدولة وكل ما يقوم به الآن هو ترضيات، مع وجود احتجاجات واحتقان في مختلف الجهات”.
وتُخامر الشكوك الكثير من المتابعين بشأن نجاح الحوار المزمع تنظيمه خاصة بعد التردد الذي ساد المرحلة الماضية وفي ظل الشروط التي تضعها الأطراف حاليا للدخول في الحوار.
ويرهن الرئيس سعيد دعوته للحوار الوطني باستقالة حكومة هشام المشيشي وفقا لما أورده في وقت سابق الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، المركزية النقابية ذات النفوذ الواسع في البلاد، نورالدين الطبوبي.
وقال المغزاوي خلال استضافته في تصريحات للإذاعة الرسمية إن “رئيس الجمهورية يشترط أن يناقش الحوار المشاغل الاجتماعية للمواطن من صحة ونقل ومرافق حياتية كما سينظر الحوار الوطني في مسائل أخرى على غرار النظر في النظام السياسي الحالي”.
ويرى مراقبون أن نجاح هذا الحوار يبقى رهين إرادة سياسية لإحداث التغيير المنشود خاصة في ظل الإخفاقات على المستوى الاقتصادي والسياسي حيث وصلت الأمور إلى الانسداد منذ فترة ما أعاد إلى الواجهة المطالبات بإعادة النظر في نظام الحكم وهو شبه برلماني والقانون الانتخابي وغيرها.
واعتبر المحلل السياسي محمد صالح العبيدي أن المشهد السياسي التونسي يساهم اليوم في نفور التونسيين من المشاركة في الاستحقاقات الهامة لما طغى على هذا المشهد من انقسامات سواء داخل البرلمان المنبثق عن انتخابات 2019 أو خارجه.
ويشدد العبيدي في تصريح لـ “العرب” على أن الحل ينطلق من التوافق على إجراء تغييرات عميقة على نظام الحكم والقانون الانتخابي قائلا “هناك أطراف مستفيدة من الوضع الراهن ويخدمها النظام السياسي لذلك تتشبث به، يجب أن تكون هناك إرادة وجرأة لطرح النظام السياسي على الاستفتاء الشعبي وليقرر الشعب، في الأثناء يقع العمل على تعديل القانون الانتخابي لتعزيز مراقبة موارد الأحزاب والجمعيات وغيرهما”.
ويرى أنه إذا دعا سعيد للحوار فإنه “ينبغي أن تكون من بين مخرجاته الاتفاق على هدنة اجتماعية بين مختلف الأطراف لكي تتفرغ الحكومات القادمة لحلحلة الملفات الشائكة أمامها والعمل على النهوض بالاقتصاد الوطني”.
ولا تخفي أوساط سياسية ونقابية في تونس توجسها من فشل الحوار لاسيما في ظل تواتر الحديث عن ترتيبات تسبقه على غرار اشتراط رحيل المشيشي المسنود بحزام قوي تقوده حركة النهضة الإسلامية.
وقال نورالدين الطبوبي “سننتظر دعوة رئيس الجمهورية للحوار الوطني ولكن إذا كانت شروط الحوار لن تؤدي إلى مخرجات حقيقية من الأزمة فلن نكون شاهد زور في هذا الحوار”.
ويرى الرئيس قيس سعيد كما غيره من بعض السياسيين التونسيين أن حل الأزمة التونسية يكمن في العودة إلى النظام الرئاسي عكس ماهو معمول به الآن.
ولكن تعارض حركة النهضة الإسلامية بشدة هذا المقترح، وتتشبث بنظام الحكم الحالي وهو شبه برلماني أو لم لا مزيد تعزيزه ليصبح برلماني تام كما عبر على ذلك رئيسها الذي يرأس البرلمان أيضًا.
وفي المقابل، يقف الاتحاد العام التونسي للشغل الذي باتت مواقفه تتسم بالتشدد حيال الحوار والطبقة السياسية برمتها.
وعبر على ذلك التشدد عديد القيادات في الأيام الماضية بل وصل الأمر بالبعض بالتهديد بالدخول في إضراب عام في البلاد قد ينتهي بإطاحة المنظومة السياسية التي تواجه انتقادات لاذعة.
واتهم الأمين العام المساعد المكلف بالإعلام داخل الاتحاد سامي الطاهري في تصريحات لإذاعة محلية الجميع بالعمل على إجهاض مبادرة الحوار الوطني التي طرحها الاتحاد وفق قوله.
وقال الطاهري في تلك التصريحات إن “الطبقة السياسية مازالت تعتقد بأن الوضع الاقتصادي التونسي بخير ولا تعي المخاطر الحقيقية” موضحا “في الوقت الرهان لو رئيس الجمهورية دعا لحوار وطني فأنه لن ينجح وفق تعبيره نظرا للروح الاقتتالية لدى البعض”.