هل يُستبدل بايدن قبل الانتخابات الأميركية

دونالد ترامب يعتبر فوزه في الانتخابات القادمة الفرصة الأخيرة لإنقاذ أميركا من الوحل. أما بخصوص حرب أوكرانيا فقال إنها لم تكن لتحدث لو كان للولايات المتحدة قائد حقيقي.
الثلاثاء 2024/07/09
ترامب "الفوضوي" نجح في قلب الطاولة

طالما استحوذت الانتخابات الرئاسية الأميركية على اهتمام العالم نظرا لمكانتها في ميزان القوى العالمي. وقبل الولوج في المناظرة التلفزيونية بين جو بايدن ودونالد ترامب، نغوص معًا في الصورة الإدراكية الموجودة في الوسط الانتخابي، وهي أن تجري الانتخابات بعد الاتفاق على مرشح الحزب السياسي لخوض الانتخابات. ولكن في الأنظمة واللوائح الداخلية للدول تختلف الإجراءات من دولة إلى أخرى. في الولايات المتحدة مثلا يخوض الانتخابات الرئاسية حزبان رئيسيان فقط، هما الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، وإن اختلفت أدوات كلٍّ منهما لتحقيق المصالح الأميركية بين القوة الصلبة والقوة الناعمة أو الجمع بينهما. ولكلا الحزبين توجهات خارجية تخدم المصالح الأميركية، ولكنْ هنالك اختلاف في الأسلوب أولا، وفي حشد دول ضد دول. كما نلاحظ دوماً الإلحاح المتواتر المخفي الذي يكمن في تشكيل تحالفات حسب الرؤية الشخصية للرئيس المنتخب؛ ترامب، مثلا، مع العمل على احتواء روسيا ضد الصين القوة المنافسة لأميركا.

وليس هذا إلا أول الغيث، فبعد المناظرة التلفزيونية الأخيرة بين بايدن وترامب الرئيس السابق للولايات المتحدة، والمرشح عن الحزب الجمهوري، شهدت المناظرة تبادلاً للاتهامات بين المرشحين، تركزت على قضايا مثل الإجهاض، إدارة الاقتصاد، المهاجرين، بالإضافة إلى النزاعات في أوكرانيا وغزة. وقال بايدن خلال المناظرة إن ترامب لا يستحق أن يكون رئيسا، واصفا إياه بأسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة. وأشار بايدن إلى أن حتى مايك بنس، نائب ترامب السابق، لم يؤيده. وانتقد بايدن بشدة دور ترامب في الحد من إمكانية الإجهاض، واصفاً إياه بالأمر الفظيع. بدوره اتهم ترامب بايدن بترك الحدود مفتوحة لتدمير أميركا.

◄ توظيف الجو الانتخابي لصالح بايدن في ظل الأزمات التي تعصف بالعالم ومنها الأزمة الروسية والأوكرانية، والحرب على غزة، وما يجري في السودان، لا يخدم بايدن على الإطلاق

ويعتبر ترامب فوزه في الانتخابات الفرصة الأخيرة لإنقاذ أميركا من الوحل. أما بخصوص حرب أوكرانيا فقال إنها لم تكن لتحدث لو كان للولايات المتحدة قائد حقيقي. وألقى باللوم على بايدن في ارتفاع التضخم ومقتل مواطنين سود. كما حذر من اقتراب العالم من حرب عالمية ثالثة، مشيرا إلى أن العالم يتجه نحو الانفجار بسبب قلة الاحترام لأميركا في عهد بايدن.

لم يعد خافيا على أحد أن ترامب كان أكثر حدة من بايدن من ناحية الأداء، كما تمكن من تحويل الهجمات المحتملة التي حاول الرئيس الحالي شنها لصالحه، وعندما سئل ترامب عن أعمال الشغب في الكابيتول في 6 يناير 2021، تحدث عن حالة أمن الحدود والسياسة الضريبية في ذلك الوقت، مبتعدا عن تقديم إجابة محددة حول أكثر الأحداث صدمة للأميركيين، حيث يتهم ترامب بالوقوف خلفها كما أن الحرب الأوكرانية – الروسية في نظر ترامب كان يجب ألا تحدث، وقال “في حال فوزي سوف أنهيها في ساعة”.

والآن عودة إلى نتائج المناظرة وما ترتب عنها من نتائج.

كل المؤشرات تدل على أن المناظرات التلفزيونية تفضي إلى تحديد من سيكون الرئيس، لهذا ذهب نسب كثير من المحللين انتصار جون كينيدي بفارق بسيط في عام 1960 لأدائه الجذاب في المناظرة المتلفزة، وأن الإجابة المتعثرة للرئيس جيرالد فورد على سؤال حول القوة العسكرية السوفييتية في أوروبا الشرقية عام 1976 كلفته إعادة انتخابه. ورونالد ريغان، الذي كان سابقًا ممثلًا محترفًا، استغل مهارته في تقديم أداء قوي في المناظرات ضد الديمقراطيين جيمي كارتر ووالتر مونديل وهو ما ساعده في تأمين فوزين انتخابيين، وباتت نظرة الرئيس جورج بوش الأب إلى ساعته خلال سؤال عن ضعف الاقتصاد في مناظرة عام 1992 لحظة لا تُنسى في خسارته أمام بيل كلينتون.

◄ في الولايات المتحدة يخوض الانتخابات الرئاسية حزبان رئيسيان فقط، هما الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، وإن اختلفت أدوات كلٍّ منهما لتحقيق المصالح الأميركية

العودة إلى عنوان المقالة هل يستبدل بايدن قبل الانتخابات الأميركية؟ وشهد شاهد من أهله.. صحيفة وول ستريت جورنال، أهم صحف التيار المحافظ المقرب من الحزب الجمهوري، شددت على ضرورة انسحاب بايدن، بعد أن شاهده “أعداء أميركا”، من قادة الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، وهو في حالة ضعف وتلعثم فاقدا القدرة على ترتيب أفكاره وحديثه وظهور ملامح الشيخوخة عليه بصورة لا يمكن تجاهلها، وهو ما يضر بصورة أميركا ومصالحها. كما كشف استطلاع للرأي أن غالبية الأميركيين يرون أنه من الضروري استبدال بايدن بمرشح آخر عن الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية القادمة.

مما لا شك فيه أن قضية استبدال بايدن ليست بالأمر السهل، يجوز قانونا حسب سجله المرضي وعدم قدرته على ممارسة المهام الرئاسية، أو الانسحاب بشكل طوعي لأسباب شخصية. من هنا فإن الاستبدال بحد ذاته جائز قانونيا، وتبقى الكلمة الفصل للقاعدة الشعبية للحزب الديمقراطي، المنقسمة على نفسها بين مؤيد ومعارض، هذا من جانب. ومن جانب آخر فإن المرشحين الآخرين أقل حظا بالفوز من بايدن، لهذا السبب يرجح أغلب المراقبين أن لا تبديل سيحدث لبايدن، إن لم يقرر هو بنفسه ذلك، وهو مصر على ترشحه.

توظيف الجو الانتخابي لصالح بايدن في ظل الأزمات التي تعصف بالعالم ومنها الأزمة الروسية والأوكرانية، والحرب على غزة، وما يجري في السودان، لا يخدم بايدن على الإطلاق.. لا شك أن ترامب الفوضوي في سلوكياته سوق نفسه جيدا وقلب الطاولة.

8