هل ينجح البرلمان التونسي في تمرير قانون المحكمة الدستورية

عدد من النواب يقدمون مقترح قانون لإنشاء وتنظيم عمل المحكمة.
الجمعة 2025/04/18
هيكل دستوري طال انتظاره

أثيرت مجددا في تونس مسألة تأسيس المحكمة الدستورية التي كانت عنوانا للتجاذبات السياسية بعد 2011، وفصلا من فصول الصراع على الصلاحيات في البلاد، حيث تقدم عدد من النواب بمشروع قانون لإرساء هذا الهيكل الذي تباينت الآراء السياسية بشأن تأسيسه.

تونس - أعاد البرلمان التونسي إثارة تأسيس المحكمة الدستورية التي طال انتظارها في البلاد، بعد تكرر المطالب على امتداد السنوات السابقة الداعية إلى تأسيس المحكمة للنظر في النزاعات السياسية الكبرى، وهو ما طرح بجدية مدى إمكانية نجاح مجلس نواب الشعب في تمرير مشروع قانون المحكمة الدستورية.

وتقول أوساط سياسية، إنه على الرغم من التنصيص على المحكمة الدستورية في دستور البلاد لسنة 2014 وإعادة ضبط تركيبتها واختصاصها في دستور 2022، إلا أنها ظلت محل تجاذبات ومناكفات سياسية في البلاد.

وتحظى المحكمة الدستورية بأهمية بالغة، إذ من ضمن اختصاصاتها مراقبة دستورية القوانين والمعاهدات فضلا على أنه في حال حصول شغور في الرئاسة فرئيس المحكمة هو الذي يحل مكان رئيس الدولة في حالة العجز التام أو الوفاة أو الاستقالة.

منى كريّم: إن كان الاقتراح من قبل الرئيس قيس سعيد فسيتحقق
منى كريّم: إن كان الاقتراح من قبل الرئيس قيس سعيد فسيتحقق

وقام عدد من النواب بإيداع مقترح قانون لدى مكتب الضبط بمجلس نواب الشعب، لإنشاء وتنظيم عمل المحكمة الدستورية بمبادرة من كتلة لينتصر الشعب ومساندة نواب آخرين.

وأكّد النائب علي زغدود عضو كتلة لينتصر الشعب، في تصريح لإذاعة محلية، أنّ مقترح القانون يهدف إلى استكمال المؤسّسات الدستورية لأنّه حان وقت إيقاف العمل بمقتضى الأحكام الانتقالية وإحكام وضع أسس البناء القاعدي.

وفي الدستور التونسي الجديد لسنة 2022، تنص المادة 125 على أن المحكمة الدستورية هيئة قضائية مستقلة تتألف من تسعة أعضاء يتم تعيينهم بأمر من رئيس الجمهورية.

ولم تتمكن الكتل البرلمانية من انتخاب سوى عضو واحد في مارس 2018 من بين 4 أعضاء بسبب الخلافات والتجاذبات الحزبية، فيما رفض الرئيس قيس سعيد في 2021 ختم مشروع قانون يقر إدخال تعديلات على قانون المحكمة الدستورية.

وقالت أستاذة القانون الدستوري منى كريّم “أخيرا اهتم البرلمان التونسي بملف المحكمة الدستورية، وهي استفاقة مبشرة من البرلمان رغم تأخرها.”

وأضافت في تصريح لـ”العرب”، “اليوم وضع مشروع قانون المحكمة الدستورية، وإن كان الاقتراح من قبل الرئيس قيس سعيد فمن الممكن أن يتحقق، لكن إذا كانت المبادرة ذاتية من قبل بعض النواب فحظوظها ضئيلة في النجاح، وحتى إن مرّ مشروع القانون فسوف يخضع لإجراء إجباري وهو ختم رئيس الجمهورية، لكن الرئيس قد لا يقبل ختمه.”

وتابعت أستاذة القانون الدستوري ” لم تكن هناك إرادة سياسية لإرساء المحكمة الدستورية في 2014، لكن اليوم الإجراءات سهلة جدا والمحكمة الدستورية متكونة من تسعة أعضاء يختارهم رئيس الجمهورية.”

وجاء في الفصل 125 أنّ المحكمة الدستورية تتركب من تسعة أعضاء، ثلثهم الأول من أقدم رؤساء الدوائر بمحكمة التعقيب، والثلث الثاني من أقدم رؤساء الدوائر التّعقيبية بالمحكـمة الإدارية، والثلث الثالث والأخير من أقدم أعضاء محكمة المحاسبات.

وأثير ملف المحكمة الدستورية عقب وفاة الرئيس السابق الباجي قايد السبسي في 25 يوليو 2019 حيث تعددت سيناريوهات ملء شغور منصب رئيس الجمهورية قبل أن يتم تعيين رئيس البرلمان حينها محمد الناصر رئيسا مؤقتا للبلاد.

وأفاد المحلل السياسي معز الحاج منصور أن “إرساء المحكمة الدستورية من بين المطالب التي طالبت بها مختلف النخب السياسية في تونس منذ سنوات، ومن المهم جدا أن يتم إرساء محكمة دستورية حتى نخرج من مرحلة الأحكام الانتقالية.”

معز الحاج منصور: ربما هي مبادرة من البرلمان للخروج من حالة العطالة
معز الحاج منصور: ربما هي مبادرة من البرلمان للخروج من حالة العطالة

وأكد لـ”العرب” أن “غياب المحكمة الدستورية أثار جدلا في السنوات الماضية، خصوصا في تطبيق الفصل 80 من قبل الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو 2021، والآن نحتاج إلى هذا الهيكل للنظر في مختلف النزاعات والمسائل السياسية.”

وتساءل الحاج منصور “هل الظروف السياسية الحالية وحالة عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي ستمكننا من الوصول إلى إرساء محكمة دستورية؟” لافتا إلى أن “البرلمان الحالي فشل في المصادقة على قوانين يمكن أن تغير الوضع الاقتصادي والاجتماعي القائم في البلاد.”

واستطرد قائلا “ربما هي مبادرة للخروج من حالة العطالة التي يعاني منها البرلمان.”

وبحسب المادة 109 فإنه “عند شغور منصب رئيس الجمهورية لوفاة أو لاستقالة أو لعجز تام أو لأي سبب، يتولى رئيس المحكمة الدستورية فورا مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة لأجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما.” وفيما يتسع الجدل حاليا حيال عدم تشكيل المحكمة الدستورية ضمن حالة استقطاب سياسي حاد في تونس، تلتزم السلطات الصمت تجاه المسألة.

وسبق أن رفض الرئيس سعيد قانون المحكمة الدستورية المعدل، لإرساء محكمة تهدد نفوذه وربما عزله من منصبه، مبررا ذلك بدوافع دستورية، إلا أن شخصيات سياسية رجحت أن يكون الرفض مدفوعا بأسباب سياسية حينها.

4