هل يلعب الشاهد دور الوسيط أو البديل التوافقي لحل الأزمة في تونس

تونس - دخل رئيس الحكومة الأسبق ورئيس حزب “تحيا تونس” يوسف الشاهد على خط الأزمة السياسية، مطالبا الأطراف الفاعلة بـ”هدنة سياسية” وضرورة الالتفات إلى الملفين الصحي والاقتصادي، في ظهور لافت دفع متابعين إلى القول إن الشاهد، الذي عاد إلى الواجهة إعلاميا، يمكن أن يلعب دورا توافقيا للخروج بالبلاد من الأزمة السياسية الحادة، سواء في شكل وساطة لعلاقاته الجيدة مع الجميع أو في شكل بديل توافقي على رئيس الحكومة.
واعتبر الشاهد في كلمة على صفحته في فيسبوك أن” الحل يكمن في الدخول في هدنة سياسية بين مختلف الأطراف لإنقاذ قطاعي الصحة والاقتصاد”، محملا أطراف الأزمة السياسية المسؤولية عن آلاف الأرواح من التونسيين الذين توفوا جراء الجائحة.
وتعيش تونس على وقع الصراع حول الصلاحيات بين رؤوس السلطة في البلاد في أعقاب تعديل وزاري أجراه رئيس الحكومة هشام المشيشي ورفضه رئيس الجمهورية قيس سعيد، وما تبعه من تصعيد سياسي بين مؤسسة الرئاسة والبرلمان برئاسة راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة.
وأكد الشاهد في حوار مع إذاعة محلية الجمعة على ضرورة التوصل إلى حلّ بين رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي إما بالتوافق أو بالطلاق.
وأشار إلى أن الفاعلين السياسيين الذين تم انتخابهم خلال 2019 لا يزالون في موجة مزايدات، كما أنهم غير مقتنعين بأن الحلول وقت الأزمات لا تبنى بمنطق المغالبة والتصعيد بلا نهاية، وإنما على مبدأ الحوار والنقاش من خلال تقديم بعض التنازلات حسب قوله.
وطرحت عودة الشاهد القوية إلى الإعلام بتصريحات يترفع فيها عن الخصومات السياسية والصراع على السلطة، تساؤلات عن إمكانية أن يكون بديلا توافقيا لحل مشكلة رئاسة الحكومة وإنهاء الصراع بين السلطات.
وبدا الشاهد في تصريحاته الأخيرة في خطاب هادئ وصورة مغايرة عن صورة رئيس الحزب المعتادة، وحاول أن يظهر بصورة رجل دولة يعي حجم خطورة الأوضاع في الوقت الذي لا تبالي فيه النخب الحاكمة بذلك.
ويعتقد متابعون أن الشاهد يمكن أن يحل مكان المشيشي الذي يشترط الرئيس سعيد استقالته مقابل تنظيم حوار وطني وإبداء مرونة مع جميع الأطراف.
ويشير المراقبون إلى أن النهضة التي تتمسك بالمشيشي حاليا بإمكانها أن تقبل بالشاهد لوقف الأزمة مع الرئاسة، مستحضرين التقارب بينهما أثناء تولي الشاهد لرئاسة الحكومة (2016 – 2019). كما أن علاقته مع قيس سعيد ليست سيئة خاصة أنه كان جزءا من الحزام السياسي لحكومة إلياس الفخفاخ التي عرفت بحكومة الرئيس.
ولم يستبعد المحلل السياسي منذر ثابت أن يكون حلم العودة إلى الحكم يراود يوسف الشاهد، وأنه “يستثمر الأزمة الراهنة ويتعاطى معها نفعيا".
وقال ثابت في تصريح لـ”العرب” إن “ما يميز الشاهد أنه تمكن إلى حد الآن من التواصل مع سعيد وله موطئ قدم في قصر الرئاسة وسعيد فتح أمامه باب قرطاج، كما أن له مكانة داخل البرلمان، وهو ما قد يجعله ورقة إنقاذ محتملة خاصة أنه يتمتع بخبرة حكم وعلاقات دولية تجعله قادرا على مواجهة استحقاقات الحكم في مرحلة دقيقة.”
لكن مصطفى بن أحمد رئيس كتلة تحيا تونس يقلل في حديثه لـ”العرب” من فرصة أن يكون الشاهد بديلا توافقيا في ظل المعطيات الحالية، وعزا ذلك إلى تشتت القوى الديمقراطية والصعود المقلق للخطاب الإقصائي الفئوي المنغلق من الأطراف السياسية المسيطرة على الساحة.
ورأى أن الأرضية غير مهيأة لذلك. ولفت إلى أن تصريحات الشاهد تأتي في سياق المساعي لنزع فتيل التوتر السياسي تجنبا لمنزلقات خطيرة قد تعصف بالبلاد.
وتذهب أراء أخرى إلى القول إن الشاهد يحاول استثمار حالة التخبط السياسي لصالحه، وتقديم نفسه كشخصية بديلة اختبرت دواليب الحكم وتستطيع الموازنة بين جميع الأطراف والوصول إلى حلّ لإخماد الأزمة.
ويشير منجي الحرباوي القيادي في حزب نداء تونس لـ”العرب” أن “الشاهد يبحث عن إعادة التموقع في الساحة السياسية من جديد، من خلال التسويق لصورة جديدة لنفسه ولحزبه حركة تحيا تونس.”
ورغم تقديره أن رئيس الحكومة الأسبق لا يستطيع أن يكون عنصرا لحل الأزمة، فإن الحرباوي لا يستبعد أن يقدم الشاهد نفسه كبديل.
واستدرك “ربما يحاول التموقع لأجل أن يكون فاعلا داخل الحوار الوطني المرتقب، ربما هي حملة انتخابية استباقية احتسابا لانتخابات مبكرة.”
كما اعتبر هشام العجبوني القيادي بالتيار الديمقراطي أن اقتراح الشاهد كبديل غير واقعي. وأضاف العجبوني في تصريح لـ”العرب”، “كانت للشاهد فرصة لتغيير الواقع التونسي لكن طموحاته جعلته يرتكب الأخطاء وقد عاقبه الشارع في الانتخابات.”