هل يقدر المغزاوي على منافسة قيس سعيد بجدية في سباق الانتخابات الرئاسية

أمين عام حركة الشعب يتعهد بإصلاحات تضمن استقلالية القضاء والدور الاجتماعي للدولة.
الثلاثاء 2024/08/20
المغزاوي يمني النفس بالعودة إلى المشهد السياسي

تونس - طرح خوض زهير المغزاوي، أمين عام حركة الشعب، السباق الانتخابي الرئاسي المزمع إجراؤه في السادس من أكتوبر القادم، تساؤلات بشأن قدرة الرجل سياسيا وشعبيا على منافسة الرئيس الحالي قيس سعيد من أجل الظفر بمنصب رئاسة الجمهورية للعهدة المقبلة.

 وزهير المغزاوي (59 عاما) أستاذ تعليم ثانوي من مواليد محافظة قبلي جنوب غربي البلاد، وهو الأمين العام لحركة الشعب ذات التوجه القومي الناصري، وداعم لمسار وقرارات قيس سعيّد منذ العام 2021.

ولئن اعتبر مراقبون أن للمغزاوي حظوظا وافرة في الانتخابات القادمة مسنودا في ذلك بأنصار قوميين والعائلة الديمقراطية، شريطة الالتزام بالقواعد الديمقراطية في إجرائها، فإن أوساطا سياسية ترى أن الرجل القادم من منظومة الأحزاب “المنتهية” والتي يرفضها قيس سعيد، دخل السباق الانتخابي من بوابة قطع الطريق على الرئيس سعيّد، خصوصا وأنه يفتقد للوزن السياسي المطلوب، فضلا عن محدودية مواقفه بشأن القضايا العامة وغياب رؤية أو برنامج واضح في جرابه يمكّنه من إقناع الناخبين باختياره رئيسا للبلاد.

محمد صالح الجنادي: المغزاوي لا يملك برنامجا وجاء لقطع الطريق أمام سعيد
محمد صالح الجنادي: المغزاوي لا يملك برنامجا وجاء لقطع الطريق أمام سعيد

وتضيف تلك الأوساط أن الخطاب الإعلامي لأمين عام حركة الشعب في المحطات الأخيرة، لم يتوفر على الحدّ الأدنى المطلوب من الإقناع، لكنه في المقابل تعهّد في ظهوره الأخير بإجراء إصلاحات تضمن استقلالية القضاء والدور الاجتماعي للدولة وحيادية الجيش والأمن وتصحيح السياسة الدبلوماسية للدولة.

ونفى زهير المغزاوي أن يكون مرشحا ديكورا للانتخابات الرئاسية في منافسة الرئيس الحالي قيس سعيد.

وحركة الشعب الممثلة في البرلمان المنتخب في 2022 هي من بين الأحزاب القليلة الداعمة للرئيس سعيد.

وكانت أيدت قراراته في الخامس والعشرين من يوليو 2021 بتجميد البرلمان السابق ومن ثم حله قبل الإطاحة بالنظام السياسي.

وقال المغزاوي في كلمة على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إنه لن يكون “مرشحا ديكورا”، مضيفا “لن نكون انتهازيين ولا شهود زور وهدفنا ليس مناصب شخصية”.

وأوضح “زهير المغزاوي هو مرشح تونس أخرى ممكنة.. ومرشح الأغلبية في الداخل والخارج التي تعاني من المرسوم 54 سيء الذكر الذي سلبهم حق المواطنة وحق التعبير والتفكير والنشاط السياسي”.

ويرتبط المرسوم بجرائم أنظمة الاتصال والمعلومات، وأصدره الرئيس قيس سعيد منذ 2022 وكان سببا في تحريك عدة دعاوى قضائية ضد سياسيين معارضين ونشطاء ومدونين وصحافيين.

ووجه المغزاوي انتقادات مبطنة لحملة الإيقافات لرموز المعارضة دون إثباتات قانونية للاتهامات الموجهة لهم، ومن بينها أساسا التآمر على أمن الدولة واتهامات أخرى في قضايا إرهاب وفساد مالي.

وتعهد في كلمته بإصلاحات تضمن استقلالية القضاء والدور الاجتماعي للدولة وحيادية الجيش والأمن وتصحيح السياسة الدبلوماسية.

ويفترض أن تعلن الهيئة القائمة النهائية بعد انتهاء مراحل الطعون والتقاضي يوم الثالث من سبتمبر المقبل.

أحزاب المعارضة تتهم حكومة سعيد بممارسة ضغوط على القضاء لتعقب منافسيه في الانتخابات وتمهيد الطريق أمامه للفوز بولاية ثانية

وأدى ضعف دور الأحزاب وتفكّكها في المشهد السياسي بعد الخامس والعشرين من يوليو 2021، إلى سقوط الوسائط التقليدية السياسية (التشكيلات السياسية)، في عمليات الترشيح إلى الرئاسية، وهو ما يرى مراقبون أنه لا يمكن أن يخدم مصالح بعض المرشحين من تلقاء أنفسهم.

وقال محمد صالح الجنادي الناشط السياسي (ومن ضمن الأسماء التي قدمت ترشحها لخوض السباق الانتخابي قبل الفرز النهائي)، إن “حركة الشعب لا تملك مشروعا واضحا، ولم نر مواقف إعلامية تذكر من زهير المغزاوي يمكن أن تؤهله ليكون رئيسا للبلاد”.

وأكد في تصريح لـ”العرب” أن “المغزاوي لم يتطرّق إلى القضايا الجوهرية والهامة، على غرار نسبة النمو، المديونية، الحلول الممكنة لمعالجة الأزمة الاقتصادية، وهل سيلجأ إلى الاقتراض الداخلي أم أنه سيذهب للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، فضلا عن ملف الاستثمار الخارجي والتشغيل وبعث المشاريع والتنمية”.

وأوضح محمد صالح الجنادي أن “دخول أمين عام حركة الشعب إلى السباق الانتخابي غير واضح، وقد يكون مسألة عناد وتعنّت، لأنه لا يملك فعلا أي وزن سياسي ولا شعبي أمام الرئيس سعيد”، كما يعتبر أنه “لا يملك إشعاعا شعبيا أكثر ممن كانوا ضمن قائمة المرشحين في السباق الانتخابي الرئاسي على غرار السياسي الصافي سعيد والناجي جلول رئيس حزب الائتلاف الوطني التونسي”، لافتا إلى أن “قرار ترشحه يندرج ضمن عملية ليّ ذراع مع الرئيس قيس سعيد”.

نجاة الزموري: المغزاوي يملك أنصارا قوميين ومن العائلة الديمقراطية
نجاة الزموري: المغزاوي يملك أنصارا قوميين ومن العائلة الديمقراطية

وأوضح الناشط السياسي أن “العديد من الفئات الشعبية تخلت عن حركة الشعب، والقوميون لم ينجحوا في الظهور كما ينبغي بالساحة السياسية، وأعتقد أن المرشح الثالث العياشي الزمّال له حظوظ أوفر من المغزاوي”.

واستطرد الجنادي قائلا “المغزاوي جاء لقطع الطريق أمام قيس سعيد، وهو لا يملك رؤية ولا برنامجا”.

وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أعلنت عن قبول ملفات ثلاثة مرشحين وهم الرئيس الحالي قيس سعيد وأمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي ورئيس حركة عازمون العياشي الزمال، بينما رفضت ملفات 14 مرشحا لعدم استكمال الوثائق الرسمية من بينها أساسا العدد المطلوب من التزكيات الشعبية والضمان المالي المقدر بحوالي ثلاثة آلاف دولار.

وتمكن المرشحون الثلاثة من استكمال جميع التزكيات والوثائق الضرورية للترشح لخوض السباق الرئاسي.

وتتهم أحزاب المعارضة، التي يقبع عدد من قادتها في السجن، حكومة سعيد بممارسة ضغوط على القضاء لتعقب منافسيه في الانتخابات وتمهيد الطريق أمامه للفوز بولاية ثانية.

وأفادت نجاة الزموري، نائبة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بأن “الانتخابات إذا تمت بكامل شروط النزاهة والشفافية، يمكن أن تكون للمغزاوي حظوظ في منافسة الرئيس الحالي قيس سعيد”.

وأضافت في تصريح لـ”العرب” أن “مسار الانتخابات الرئاسية رافقه جدل كبير بخصوص جمع التزكيات الممكنة وشرط البطاقة عدد 3 (تثبت خلو المرشح من التتبعات العدلية) وكذلك بشأن الطعون”.

وتابعت نجاة الزموري “إذا ما أجريت الانتخابات في ظروف ديمقراطية، يمكن للمغزاوي أن يحقق نتائج جيدة خصوصا وأن له أنصارا قوميين ومن العائلة الديمقراطية، وترشح شخصية من منظومة الأحزاب يعتبر أمرا جيدا في ظل تضاؤل تأثير الأحزاب في المشهد بعد الخامس والعشرين من يوليو 2021، وإذا ما وصل إلى الدور الثاني يحسب له ذلك”.

وفي الثاني من يوليو الماضي دعا الرئيس قيس سعيد المواطنين إلى انتخابات رئاسية في السادس من أكتوبر، بعدها أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في الرابع من الشهر ذاته أن قبول الترشح للانتخابات يبدأ في التاسع والعشرين من يوليو ويستمر حتى السادس من أغسطس الجاري.

وانتخب سعيد في عام 2019، وحل البرلمان في عام 2021 وبدأ الحكم بالمراسيم في خطوة وصفتها المعارضة بأنها انقلاب. وقال إنه لن يسلم السلطة لمن يسميهم “غير الوطنيين”.

4