هل يساهم الاهتمام بالمشاكل الاجتماعية للتونسيين في فوز قيس سعيد بولاية رئاسية ثانية

الرئيس سعيد يراهن على قيمة مفهوم "الدولة الديمقراطية الاجتماعية" في مسعى للحفاظ على التوازنات الاجتماعية.
الاثنين 2024/09/02
زيارات ميدانية فجئية لتحديد الإخلالات والمسؤوليات

تونس - تزايد حجم التساؤلات في تونس بشأن مدى مساهمة اهتمام السلطة الحالية بحلحلة المشاكل الاجتماعية للفئات الشعبية، في تعبيد الطريق أمام ولاية ثانية للرئيس قيس سعيد.

وتقول أوساط سياسية إن الاهتمام بالجوانب الاجتماعية لم يكن وليد اللحظة أو قبيل الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها بداية الشهر المقبل، بل إن الرئيس الحالي أكد من خلال زياراته الميدانية الفجئية للمناطق والجهات ودعواته إلى تفعيل إجراءات تخص آليات التشغيل الهشة وفئات المتقاعدين، حرصه على معالجة المشاكل المعيشية والعمل على استعادة الدولة لدورها الاجتماعي المفقود.

كما ترى تلك الأوساط، أن الفئات الشعبية في تونس لم تعد تهتم بالخطابات السياسية وشعاراتها "الرنانة" كما اعتادت في السابق، بل باتت تساند من يبدي استعدادا واضحا لمعالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، وهذا ما يعزّز الرصيد السياسي لسعيد في الفوز بولاية ثانية.

المنذر ثابت: المواطن التونسي أصبح منتبها لكل من يقدم حلولا لمشاكله
المنذر ثابت: المواطن التونسي أصبح منتبها لكل من يقدم حلولا لمشاكله

ويراهن الرئيس سعيد على قيمة مفهوم “الدولة الديمقراطية الاجتماعية”، وهو ما بات واضحا خصوصا بعد إجراءات الخامس والعشرين من يوليو 2021، في مسعى للحفاظ على التوازنات الاجتماعية.

وأكد المحلل السياسي المنذر ثابت أنه “بقطع النظر عن التمشي الخاص بحملة الرئيس قيس سعيد، فإن ما يعني التونسيين في المقام الأول هو الاهتمام بالوضع الاجتماعي والمعيشي الصعب”، لافتا أن “كل المسائل ذات الصبغة السياسية والأيديولوجية أصبحت لا تعني المواطن التونسي، وهو منتبه لكل من يقدم حلولا لتلك الإشكاليات التي ليست بجديدة”.

وقال في تصريح لـ”العرب”، “قيس سعيد مطالب بتقديم حلول بما أنه الرئيس الذي يضطلع بمهام الحكم، ومطالب أيضا بتفعيل الإجراءات الحقيقية في علاقة بالبطالة والاستثمار والصحة والتعليم وغيرهم”.

ولفت المنذر ثابت إلى أن “سعيد فهم ما يريد المواطن التونسي وركّز على ظروف معيشية صعبة، وأجرى تعديلا وزاريا شاملا، وبدى واضحا أنه ثمة تعاطي فيه اعتراف بمدى محدودية العمل للتشكيلات الحكومية السابقة”.

والأحد، أجرى قيس سعيد تعديلا موسّعا على الحكومة شمل 19 وزيرا و3 كتّاب دولة، استثنى منه 5 وزارات، هي الداخلية والعدل والصناعة والمالية والتجهيز. وجاء التعديل الحكومي الجديد قبل انتخابات رئاسية مقررة في السادس من أكتوبر المقبل، ويخوضها 3 مرشحين بينهم سعيد.

ولأول مرة، عين الرئيس التونسي كاتبة دولة تعنى بالشركات الأهلية، في خطوة لتفعيل التوجه الجديد في الاستثمار وبعث المشاريع الجهوية، إلى جانب انطلاق السلطة منذ فترة في مراجعة عقود الشغل الهشة والعمل بالآليات المؤقتة على غرار تسوية وضعية عمال الحضائر والدعوة إلى تسوية وضعية الأساتذة النواب (المؤقتين).

وفي الثامن من أغسطس الجاري، أعلن سعيد تكليف وزير الشؤون الاجتماعية كمال المدوري برئاسة الحكومة خلفا لأحمد الحشاني، الذي عينه رئيسا للحكومة في الأول من أغسطس 2023، بعد إنهاء مهام رئيسة الحكومة السابقة نجلاء بودن.

نبيل الرابحي: شخصية سعيد تقطع مع ملامح العشرية السوداء وحكم الغنيمة
نبيل الرابحي: شخصية سعيد تقطع مع ملامح العشرية السوداء وحكم الغنيمة

وقال المحلل السياسي نبيل الرابحي، “أعتقد أن شخصية الرئيس سعيد تستمد قوتها من إنجازاته السياسية، وغالبية الشعب عند ما يرى تلك التجاذبات والصراعات في مجلس النواب السابق وخصوصا بين 2011 و2019، وخيبة الأمل الحاصلة، تزيد نسبة ثقته في الرجل، لأن سعيد هو الإنسان المعروف بنظافة اليد”.

وأضاف لـ”العرب”، “شخصية سعيد تقطع مع ملامح العشرية السوداء وحكم الغنيمة، وهو من دعاة الدولة الاجتماعية الديمقراطية، ودعا مؤخرا غلى مراجعة عقود الشغل الهشة وعدم التفريط في المؤسسات العمومية، بالإضافة إلى رفضه إملاءات صندوق النقد الدولي”.

وفي فبراير الماضي، شرعت وزارة الشؤون الاجتماعية، في إسناد قروض للمنخرطين في الصناديق الاجتماعية (صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية وصندوق التضامن الاجتماعي)، بنسبة فائدة ضعيفة. وأكدت تلك الخطوة على عودة الدور الاجتماعي للدولة في حماية الطبقات الهشّة والمتوسطة.

وخصصت الوزارة 3 أنواع من القروض، وتتمثل المبالغ التي سيتم إقراضها في قرض شخصي بقيمة 25 ألف دينار (8.02 ألف دولار)، كما سيتم إسناد قرض خاص باقتناء سيارة وسيكون في حدود 50 ألف دينار (16.03 ألف دولار)، إلى جانب قرض اقتناء منزل بقيمة 100 ألف دينار (32.07 ألف دولار).

في المقابل، يرى متابعون للشأن التونسي، أنه بدل التركيز على النقاط الاجتماعية بتقديم خطاب سياسي “متّزن”، حملت تصريحات بعض المرشحين للانتخابات الرئاسية في تونس، انتقادات لمسيرة الرئيس الحالي قيس سعيد، بدل تقديم برنامج انتخابي واضح. واعتبرت أن تلك الشخصيات حافظت على نفس الخطاب السياسي المكرر دون تقديم حلول بديلة للمرحلة القادمة.

 

اقرأ أيضا:

4