هل يحتفي الغرب بلقاحاته ويشكك في الروسي والصيني لأسباب دعائية

القوى العظمى تعتبر اللقاح انعكاسا لبطولاتها.
الجمعة 2021/02/05
السباق على أشده

تهتم وسائل الإعلام الغربية بالترويج لفعالية اللقاح المضاد لفايروس كورونا الذي أنتجته دولها وقدرته على مجابهة السلالات المتحولة من فايروس كورونا، إلى جانب التشكيك في لقاحات الصين وروسيا اللتين بدورهما لم تدخرا جهدا في المعركة الإعلامية في هذا المجال، فيما بقيت أسئلة الجمهور حول فاعلية اللقاح معلقة.

واشنطن - قال رئيس بوليفيا السابق إيفو موراليس، إن اللقاح الروسي “سبوتنيك في” المضاد لفايروس كورونا المستجد، بات ضحية لحرب إعلامية “قذرة”، في حلقة جديدة من سلسلة حرب اللقاح الإعلامية بين الدول المنتجة له على الترويج لنسختها الخاصة منه بالتعاون مع حلفائها السياسيين.

وأضاف موراليس في تغريدة على تويتر “ندين الأطراف التي تهاجم اللقاح لأسباب أيديولوجية، وتنطلق في ذلك من دوافع سياسية واقتصادية”.

وتبدو حرب اللقاح الإعلامية على أشدها بين الصين وروسيا من جهة والدول الغربية من جهة أخرى، إلى جانب ترويج كلا الطرفين لفعالية اللقاح وقدرته على مجابهة السلالات المتحوّلة من فايروس كورونا التي تثير قلق العالم أجمع، وذلك رغم غياب المعلومات الدقيقة والإجابات التي يبحث عنها الجمهور بشأن السلامة والفاعلية والأضرار الجانبية، أو حتى بشأن الكمية التي يمكن لكل دولة إنتاجها، إلا أن الإعلام العالمي يبدو منشغلا بالحرب الدعائية حول اللقاح أكثر من الإجابة عن هذه الأسئلة.

وتحوّلت لقاحات كورونا المتعددة إلى مادة رئيسية في وسائل الإعلام العالمية تتبع مباشرة حالة الانقسام التي يشهدها العالم. فالولايات المتحدة منشغلة بالداخل الأميركي ويحاول الرئيس الجديد جو بايدن تنفيذ وعوده بشأن تأمين اللقاح لذلك تبدو إدارته غير مهتمة في الوقت الحالي على الأقل، بتصدير اللقاح والترويج له. وبالمقابل تنحصر أولويتها في تأمينه لمواطنيها والمقيمين على أراضيها، لكنها في نفس الوقت لم تتخل عن التشكيك باللقاحين الصيني والروسي، كما أن بعض وسائل الإعلام الأميركية بدت مستاءة من غياب الدور الأميركي. وقالت واشنطن بوست في أحد تقاريرها “الصين وروسيا تستغلان لقاحات فايروس كورونا لمد نفوذهما.. والولايات المتحدة على الهامش”.

وقالت الصحيفة في تقرير آخر إن ندرة العرض في ما يخص اللقاحات دفعت الكثير من الدول الفقيرة واليائسة إلى الإقبال على لقاحات كورونا الصينية والروسية، فيما هيمنت الدول الغنية على معظم الجرعات المبكرة من لقاحات “فايزر” و”موديرنا”. وأشارت إلى أن قرارات تزويد باللقاحات يتم اتخاذها بسرعة دون اطلاع على بيانات التجارب الكاملة أو إخضاعها للمراجعة العلمية.

وعبّرت وسائل إعلام عديدة أميركية وأوروبية عن عدم الثقة في اللقاح الروسي الذي سُمّي “سبوتنيك – في” نسبة إلى أول قمر اصطناعي في العالم أطلقه الاتحاد السوفييتي عام 1957. واعتبرت أن الإعلان عن ترخيصه سابق لأوانه، قبل حتى بدء المرحلة الثالثة من التجارب السريرية ونشر النتائج العلمية.

وتصاعدت الانتقادات الإعلامية وحملة التشكيك لتصل إلى اتهامات بسلوك الطرق الملتوية والتجسس والمجازفة غير الأخلاقية والغيرة، وسط حديث عن “القومية في توزيع اللقاحات”.

الإعلام العالمي منشغل بالحرب الدعائية حول اللقاح أكثر من الإجابة عن أسئلة الجمهور بشأن السلامة والفاعلية

ولعل أبرز انتقادات الغرب بخصوص اللقاحين الروسي والصيني، التي ارتكزت عليها وسائل الإعلام في اتهاماتها وحملتها المكثفة، أن الدولتين قامتا باختصار بعض المراحل في عملية تطوير اللقاحين.

وقال لورنس غوستين، أستاذ قانون الصحة العالمية في جامعة جورج تاون الأميركية، “لم أر قط رهانات سياسية بهذه الحدة على منتج طبي. السبب وراء الرمزية السياسية التي أعطيت للقاح كوفيد – 19 هو أن القوى العظمى تعتبره انعكاسا لبطولتها العلمية واعترافا بتفوق نظامها السياسي”.

وعلى الضفة المقابلة، تحشد بكين وموسكو القوى الهائلة من أجل تطوير لقاحات للاستخدام المحلي والدولي، وتصحب ذلك ادعاءات كبرى بشأن البراعة العلمية والتصنيعية، بالتوازي مع انتقادات حادة للإعلام الغربي واتهامات له بـ”ينشر المعلومات الكاذبة والتشويه والتضليل”.

واللافت أن هذه الاتهامات هي نفسها بين الطرفين تعيدها وسائل الإعلام الكبرى مرارا وتكرارا.

وقالت وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية، الأسبوع الماضي، إن وسائل إعلام رسمية صينية تثير أسئلة ومعلومات مضللة حول لقاح كورونا فايزر- بيونتيك وتروّج إلى أنه مميت لكبار السن.

وأشارت الوكالة إلى أن متحدثا رسميا حكوميا قال إن الفايروس ربما يكون صنع في مختبر عسكري أميركي، وذلك في مواجهة الاتهامات الغربية للصين بشأن الفايروس.

كما حذّر الرئيس الصيني شي جين بينغ قادة العالم من “بدء حرب باردة جديدة” وحث على التضامن العالمي في مواجهة فايروس كورونا المستجد.

وقال جين بينغ إن “تشكيل تكتلات صغيرة أو بدء حرب باردة جديدة، ونبذ الآخرين أو تهديدهم أو ترهيبهم، وفرض انقسامات أو عقوبات أو تعطيل شبكات التموين بهدف العزل، لن تسهم سوى في دفع العالم إلى الانقسام وحتى المواجهة”.

Thumbnail

وفي الربيع الماضي، انتشر مصطلح “دبلوماسية القناع” الذي يصف الطريقة التي سعت بها الصين إلى تمديد نفوذها العالمي عبر تقديم معدَّات الوقاية الشخصية للبلدان التي هي في أشدِّ الحاجة إليها. واليوم تحول المصطلح إلى “دبلوماسية اللقاح”.

وقال سيباستيان سترانغيو، الذي ألَّف كتابا مؤخرا عن علاقة بكين بجنوب شرقي آسيا، إنّ “استراتيجية اللقاحات الصينية جزء من حملة أوسع لتصوير نفسها باعتبارها شريكا إقليميا مفيدا ومتفهما وحتميا”.

وتُعَد دبلوماسية اللقاحات الروسية جزءا من حملة أوسع من جانب الرئيس فلاديمير بوتين لإعادة تأكيد مكانة بلاده باعتبارها قوة كبرى، وتلميع صورته شخصيا بنجاحه في هذا الخصوص.

الانتقادات الإعلامية وحملة التشكيك تصاعدت لتصل إلى اتهامات بسلوك الطرق الملتوية والتجسس والمجازفة غير الأخلاقية والغيرة، وسط حديث عن “القومية في توزيع اللقاحات”

وتحاول السلطات الغربية مجابهة الإعلام الروسي بتطبيق قواعد رقابة، وفق ما ذكر جوزيف بوريل، مفوض الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية في ديسمبر الماضي، حيث أعرب عن نية الاتحاد استخدام نفوذه لتطبيق قواعد رقابة البيئة الإعلامية العالمية لمنع “التدخلات في الحياة الديمقراطية والانتخابات في أوروبا”.

وقال بوريل في بيان إن “وسائل إعلام روسية تنشر معلومات مضللة حول لقاحات مضادة لفايروس كورونا المطورة في أوروبا والولايات المتحدة”. وأشار إلى أن فترة جائحة عدوى فايروس كورونا أظهرت أن التدخلات الأجنبية وحملات التضليل الإعلامية قد تؤدي إلى تداعيات واسعة ومدمرة لأمن الاتحاد الأوروبي وديمقراطيته ومجتمعه.

وأضاف أن “بعض الأطراف الخارجية، بينها حكومية وغير حكومية، تشارك في حملات تضليل إعلامية وتنشر عن قصد معلومات كاذبة ومضللة”، معتبرا أنها “تفعل ذلك من أجل إضعافنا وتقويض قدراتنا على التعامل بفعالية مع الأزمة”.

وذكر بوريل أن “السخرية من مطوري اللقاحات الغربية تتم علنا في وسائل إعلام روسية متعددة اللغات تسيطر عليها الدولة، ما أفضى في بعض الحالات إلى مزاعم سخيفة بأن اللقاحات ستحوّل الناس إلى قردة”.

وأشار إلى أن “مثل هذه الروايات موجهة، كما هو واضح، إلى دول ترغب روسيا في بيعها لقاح سبوتنيك في”، مضيفا أن “هذه التحركات تهدد الصحة العامة وسط الجائحة”.

وسلّطت وسائل الإعلام الروسية الضوء على تصريحات بوريل، وردت بالقول إن روسيا نفت مرارا مثل هذه الاتهامات. وأضاف موقع قناة “آر.تي” الروسية أن لقاح “سبوتنيك في” يعتبر أول مصل مسجل في العالم ضد عدوى كوفيد – 19 يتم استهدافه بحملة تشويه مدعومة من الخارج.

18