هل يجدد قيس سعيد العهدة الرئاسية في تونس

إزاحة المنظومة السابقة وفتح ملفات الفساد يخلفان ارتياحا شعبيا.
الثلاثاء 2024/02/06
تواصل مباشر مع الفئات الشعبية

تونس - مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها نهاية العام الجاري، تصاعدت تساؤلات في الأوساط السياسية والشعبية في تونس بشأن التجديد للرئيس الحالي قيس سعيد لعهدة رئاسية ثانية، وسط تباين المواقف بخصوص حصيلة الرجل منذ اعتلائه كرسي قصر قرطاج أواخر العام 2019.

ولا يوجد إلى حدّ الآن أيّ مرشح للانتخابات الرئاسية، كما لم تعلن شخصيات سياسية عن نيتها المنافسة في سباق الرئاسة، ولم يعلن الرئيس سعيد عن رغبته في الترشح لولاية ثانية، بالموازاة مع تصاعد أصوات تطالبه بالترشح لعهدة رئاسية ثانية في مسعى لاستكمال مشروعه السياسي المدعّم بإجراءات 25 يوليو 2021.

ويرى مراقبون، أنه على الرغم من الاختلاف القائم حول تقييم مسيرة سعيد إلى حد الآن ومحدودية الإنجازات المحققة، إلا أن هناك قناعة راسخة لدى مساندي الرئيس وأنصاره بكونه نجح في إزاحة منظومة حكم سابقة تمكنت من السلطة، مع حفاظ سعيد على نفس الشعارات التي تبناها منذ سنوات، وعزّزها بإجراءات الخامس والعشرين من يوليو 2021 التي وضعت حدّا لتواجد المنظومة السابقة.

مراد علالة: زيارات سعيد للجهات تؤكد أنه ماض في تحقيق أهدافه
مراد علالة: زيارات سعيد للجهات تؤكد أنه ماض في تحقيق أهدافه

ويضيف هؤلاء، أنه يحسب لسعيد القادم من خارج منظومة الأحزاب، نظافة اليد وإعلانه منذ البداية بذل كل الجهود الممكنة في التصدي لممارسات الفساد التي تنخر الإدارة التونسية، مع الجرأة في حلّ ملفات حساسة لم تفتحها الحكومات السابقة.

وثمة إجماع على أن سعيد اصطدم بتركة ثقيلة خلفتها المنظومة السابقة، لكنه أعلن صراحة عن تحمله لمسؤولية فتح كل الملفات وتكريس مبدأ احترام القانون في المعاملات، كما قطع أشواطا مهمة في ملفات وقضايا أخرى، وهذا ما يجعله في وضع مريح لتجديد ثقة الشعب فيه، رغم وجود دعوات للمقاطعة من اليمين واليسار.

وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس الأحد أن الانتخابات الرئاسية القادمة ستجرى في خريف هذا العام. وقال الناطق الرسمي باسم الهيئة محمد التليلي المنصري في مؤتمر صحفي الأحد إن إجراء الانتخابات الرئاسية سيكون إما في شهر سبتمبر أو أكتوبر 2024، وإن الهيئة ستصادق على روزنامة الانتخابات وستبدأ الاستعداد لهذا الحدث الانتخابي بعد إرساء المجلس الوطني للجهات والأقاليم.

وشكّكت أطراف من المعارضة في إمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد، لكن المنصري قال إن “القانون واضح في الباب المتعلق بالانتخابات الرئاسية، ولم يتم تنقيحه أو تعديله أو إلغاؤه، وهو ساري المفعول بالنسبة إلى الهيئة”، مشيراً إلى أن “الانتخابات الرئاسية ستكون في موعدها، أي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من المدة الرئاسية”.

وبالموازاة مع ذلك، ما زال الغموض يكتنف مشاركة أحزاب المعارضة في هذه الانتخابات، خاصة أنه سبق أن قاطعت كافة المحطات الانتخابية التي جاءت بها خارطة الطريق التي أقرّها الرئيس قيس سعيد منذ 25 يوليو 2021، كما ترفض الاعتراف بالدستور الجديد للبلاد الذي تم اعتماده إثر استفتاء صيف 2022.

ناجي جلول: قيس سعيد ما زال يتمتع بشعبية محترمة لدى العديد من الفئات
ناجي جلول: قيس سعيد ما زال يتمتع بشعبية محترمة لدى العديد من الفئات

وأفاد الكاتب والمحلل السياسي مراد علالة أن “كل المؤشرات تفيد بأن الرئيس سعيد معني بشكل كبير بالانتخابات الرئاسية في نهاية العام الجاري، وهيئة الانتخابات لا يمكن أن تغامر بقول شيء لا يريده سعيد”.

وأضاف لـ”العرب” أن “سعيد كثف من زياراته الميدانية إلى مختلف الجهات التونسية، وهو ما يؤكد أنه ماض في تحقيق الأهداف المرسومة مسبقا، وهذا يندرج في إطار حملة انتخابية سابقة لأوانها، فضلا عن تقاطع القضائي بالسياسي في علاقة ببعض الأسماء، إلى جانب حرص الأحزاب الموالية للرئيس بأن يجدد سعيد لعهدة ثانية أملا في تقلد مناصب سياسية”.

وأشار مراد علالة إلى أنه “على المستوى العملي ليست هناك إنجازات تذكر من سعيد، باستثناء إعلان تأسيس الشركات الأهلية وقانون الصلح الجزائي والعمل على استرجاع الأموال المنهوبة، لكن ترسخ لدى أنصار الرئيس كيفية إزاحته للمنظومة السابقة التي كانت تقودها حركة النهضة وهذا ما خلف ارتياحا شعبيا، إلى جانب مواصلة تمسكه بنفس الشعارات التي وصل بها إلى سدّة الحكم في 2019”.

ومن المرجح أن تنتهي ولاية الرئيس قيس سعيد، الذي تم انتخابه لقيادة البلاد خلال الخريف المقبل. ووفقا للدستور التونسي، يتم انتخاب الرئيس لمدة 5 سنوات بالاقتراع العام، في الأشهر الثلاثة الأخيرة من فترة الرئاسة، وذلك بأغلبية مطلقة من الأصوات.

واعتبر ناجي جلول رئيس حزب الاتلاف الوطني التونسي أنه “حسب الدستور القديم والجديد (دستور 2014 ودستور 25 يوليو 2022)، لسعيد الحق في أن يعيد ترشحه للرئاسية”، قائلا إن “له شعبية لا بأس بها تمكنه من النجاح، خصوصا وإنه من خارج منظومة الأحزاب التي نفرها الشعب”.

فوزي بن عبدالرحمن: الأفكار الاقتصادية للرئيس بعيدة كل البعد عن الواقع
فوزي بن عبدالرحمن: الأفكار الاقتصادية للرئيس بعيدة كل البعد عن الواقع

وأكد في تصريح لـ”العرب” أن “هذا الرجل رغم الإنجازات الضعيفة هو رجل نظيف، والناس ينتخبون بالقلب والعاطفة ويعتبرون نظافة اليد مقياسا حقيقيا في الاختيار، كما أنه يوجد تناغم بين الشعب والرئيس، وناخبو سعيد ليسوا من النخبة، وهو ملتصق بالفئات الشعبية التي عانت من تردي الخدمات الاجتماعية على غرار الصحة والتعليم والنقل”.

واستطرد قائلا “سعيد ما زال يتمتع بشعبية محترمة خصوصا بفضل إنجاز 25 يوليو، لكن البلاد في حاجة إلى مصالحة وطنية وليترشح من يريد”.

ويعد قيس سعيد – الأستاذ الجامعي في القانون الدستوري – رابع رئيس لتونس بعد ثورة يناير 2011، وهو سابع رئيس للجمهورية التونسية منذ إعلانها في 25 يوليو 1957.

واستطاع سعيد أن يقدم نفسه للتونسيين والتونسيات وأن يلفت نظرهم ويدفعهم إلى التصويت لفائدته وإعطاء الفرصة لشخص من خارج الأحزاب وخارج الفاعلين السياسيين المعروفين في تونس.

وكان الرهان على أنه سيواصل مسار التوافق للبحث عن حلول لمشاكل تونس مع اعتبار المجهود الذي بذله جيل من الفاعلين السياسيين، ومن بينهم الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، في الاستمرار بنهج الانفتاح والتشجيع على الديمقراطية.

وإثر إجراءات الخامس والعشرين من يوليو 2021، تشكلت جبهة الخلاص الوطني التي تقودها حركة النهضة وبعض الوجوه السياسية البارزة على غرار أحمد نجيب الشابي، ووصفت تلك التدابير بـ”الانقلاب”.

وقال وزير التكوين المهني والتشغيل السابق فوزي بن عبدالرحمن، إن “سعيد لم يحقق نجاحات تذكر، وعاد بنا إلى منظومة حكم الفرد وعقيدة الإدارة التي تخدم الفرد وعهود خلناها انتهت”.

واعتبر في تصريح لـ”العرب”، أن ”الأفكار الاقتصادية للرئيس بعيدة كل البعد عن الواقع التونسي، وهناك فشل على جميع الأصعدة”، لافتا أنه “ما زال لم يفهم بعد أنه لا يتصدى لممارسات الفساد بل يواجه بعض الفاسدين”.

 

اقرأ أيضا:

      • تونس.. عقد آخر من الإنفاق بالديون

4