هل صفّت إسرائيل الرجل الثاني في القاعدة في إيران

نيويورك تايمز تؤكد قتل عملاء إسرائيليين لأبي محمد المصري وطهران تنفي.
الأحد 2020/11/15
علاقة النظام الإيراني بالقاعدة تُثار من جديد

بالرغم من العداء الذي يحكم علاقة إيران والقاعدة، إلا أن تقريرا لصحيفة نيويورك تايمز صدر الجمعة، كشف عن مقتل الرجل الثاني في تنظيم القاعدة المتشدد في أحد شوارع طهران على يد عملاء إسرائيليين ما يُعيد إلى الواجهة التساؤلات بشأن العلاقة بين القاعدة وطهران.

واشنطن - كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، الجمعة، نقلا عن مسؤولين بالمخابرات، عن قيام عميلين إسرائيليين بقتل الرجل الثاني في تنظيم القاعدة والمتهم بالمشاركة في التخطيط لتفجير سفارتي واشنطن في كينيا وتنزانيا عام 1998، وأن الواقعة حدثت في إيران في أغسطس الماضي بضوء أخضر من واشنطن.

وذكرت الصحيفة، الجمعة، أن رجلين يمتطيان دراجة نارية قتلا بالرصاص عبدالله أحمد عبدالله المصري المولد والشهير بأبي محمد المصري في أحد شوارع طهران في السابع من أغسطس الماضي قبل أن تنفي طهران ذلك.

وأضافت أن قتل المصري، الذي كان يُنظر إليه باعتباره الخليفة المرجح لزعيم التنظيم الحالي أيمن الظواهري، ظل في طي الكتمان إلى اليوم.

وتُثير هذه المعطيات بشأن مقتل الرجل الثاني في القاعدة مجددا التساؤلات بشأن علاقة طهران بهذا التنظيم المتشدد الذي وبالرغم من الضربات التي تلقاها إلا أنه لا تزال لديه العديد من الفروع النشطة.

وكان مصدر أمني أفغاني كبير قد صرح في أكتوبر الماضي بأن المصري، المدرج منذ فترة طويلة على قائمة مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي لأخطر الإرهابيين المطلوبين، قُتل في منطقة باسداران في طهران.

وقالت نيويورك تايمز في تقريرها إنه لم يتضح الدور الذي لعبته الولايات المتحدة، إن كانت قد لعبت دورا، في قتل المصري. وذكرت أن السلطات الأميركية كانت تتعقبه وعناصر أخرى من القاعدة في إيران منذ سنوات.

وأضافت أن القاعدة لم تعلن عن موته وأن المسؤولين الإيرانيين تكتموا عما حدث ولم تعلن أي حكومة مسؤوليتها.

ولكن إيران ردت السبت بنفي صحة تقرير الصحيفة، قائلة إنه لا يوجد “إرهابيون” من القاعدة على أراضيها وذلك بالرغم من أن تقارير لوسائل الإعلام المحلية في إيران نُشرت يوم الحادثة (8 أغسطس) تُؤكد حدوث عملية قتل غير عادية.

وقال سعيد خطيب زادة المتحدث باسم وزارة الخارجية “بين الحين والآخر، تحاول واشنطن وتل أبيب تصوير إيران على أنها مرتبطة بهذه الجماعة وغيرها من الجماعات الإرهابية في المنطقة من خلال بث الأكاذيب وتسريب معلومات كاذبة إلى وسائل الإعلام من أجل التهرب من المسؤولية عن الأنشطة الإجرامية لهذه الجماعات الإرهابية”.

وأضاف في بيان السبت “أميركا عملت في الماضي على كيل اتهامات كاذبة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية حيث أن هذا النهج أصبح توجها دائما في الإدارة الأميركية الحالية، وحاول البيت الأبيض اتخاذ المزيد من الخطوات لتنفيذ خطته الخاصة بالتخويف من إيران (رُهاب إيران) من خلال تكرار مثل هذه الاتهامات”.

ولم يؤكد مسؤول أميركي فضل عدم ذكر اسمه صحة المعلومات الواردة في تقرير الصحيفة.

وسائل إعلام إيرانية تحدثت عن واقعة قتل في 7 أغسطس، وهو نفس اليوم الذي تقول نيويورك تايمز إن المصري قُتل فيه

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه لن يعلق على التقرير.

وقالت إسرائيل في الماضي إن أجهزتها المخابراتية اخترقت إيران في السنوات الأخيرة، وقالت في 2018 إنها هرّبت أرشيفا يضم أسرارا نووية إيرانية.

وذكرت نيويورك تايمز أن عملية استهداف المصري، وهو من القيادات المؤسسة لتنظيم القاعدة، أسفرت أيضا عن مقتل ابنته، أرملة ابن زعيم التنظيم السابق أسامة بن لادن.

وقُتل بن لادن، مدبر هجمات 11 سبتمبر 2001 الشهيرة بالولايات المتحدة، في غارة أميركية بباكستان عام 2011.

وهناك عداء قائم أصلا منذ فترة طويلة بين إيران الشيعية وتنظيم القاعدة السني المتشدد.

ونقلت نيويورك تايمز عن مسؤولي المخابرات الذين لم تذكر أسماءهم أن المصري كان محتجزا في إيران منذ عام 2003، لكنه أصبح طليقا يقيم بحي راق في طهران منذ 2015.

ومضت قائلة إن مسؤولي مكافحة الإرهاب الأميركيين يعتقدون أن إيران ربما سمحت لمثل هذه العناصر بالعيش بها لتنفيذ عمليات ضد أهداف أميركية.

وكانت وسائل إعلام رسمية إيرانية قد تحدثت عن واقعة قتل غير عادية في طهران يوم السابع من أغسطس، وهو نفس اليوم الذي تقول نيويورك تايمز إن المصري قُتل فيه. وذكرت وسائل الإعلام في الثامن من أغسطس أن مجهولين على دراجة نارية قتلوا لبنانيا وابنته في حي باسداران بشمال طهران.

وقالت إن القتيل يدعى حبيب داود وإنه مدرس تاريخ يبلغ من العمر 58 عاما، وابنته تُدعى مريم وعمرها 27 عاما.

ونقلت وكالة مهر شبه الرسمية للأنباء عن مصدر بشرطة طهران قوله إن الاثنين كانا في سيارة “وأُطلقت عليهما النار أربع مرات من ناحية مقعد قائد السيارة”.

ولم تؤكد الحكومة الإيرانية الواقعة في ذلك الوقت، لكن وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء قالت في الثامن من أغسطس إن مكتب العلاقات العامة في حكومة طهران الإقليمية نشر التقرير على تويتر نقلا عن عدد من وسائل الإعلام ومنها حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي.

ولم يتضح بعد إن كان موت المصري قد أثر على أنشطة القاعدة ومدى ذلك التأثير إن كان قد حدث. فعلى الرغم من أن التنظيم فقد قيادات بارزة خلال العقدين الماضيين منذ هجمات نيويورك وواشنطن، ظلت له فروع نشطة من الشرق الأوسط إلى أفغانستان إلى غرب أفريقيا.

ويأتي التقرير عن مقتل المصري بعد أسابيع من مقتل اثنين آخرين من قيادات تنظيم القاعدة في أفغانستان على يد قوات الأمن المحلية.

وفي أكتوبر، قتلت قوات الأمن الأفغانية أبا محسن المصري، وهو أيضا على قائمة مكتب التحقيقات الاتحادي للعناصر الإرهابية. وأعلنت الحكومة الأفغانية هذا الشهر أنها قتلت قائدا كبيرا آخر في القاعدة.

3