هل سيحافظ رئيس الحكومة التونسية على قائمة الوزراء

وزراء حكومة نجلاء بودن المقالة أمام مصير مجهول.
الأحد 2023/08/20
رهانات المرحلة اقتضت التغيير

لا يزال الشارع السياسي في تونس ينتظر الحسم في مصير الفريق الوزاري في الحكومة السابقة، فبينما تدعو أطراف إلى التمسك بنفس الأسماء بهدف استكمال الملفات والمهمات، تطالب أخرى بضرورة ضخّ دماء جديدة لتنفيذ خطط الحكومة الحالية وفي مقدمتها تطهير الإدارة.

تونس - بات مصير مختلف الوزراء في تونس مجهولا منذ تعيين الرئيس قيس سعيد، أحمد الحشاني رئيسا جديدا للحكومة بداية الشهر الجاري، وسط تساؤلات المراقبين بشأن إمكانية محافظة الحشاني على مبدأ الاستمرارية في المناصب أم الالتجاء إلى التحوير الوزاري وفق برنامج عمله.

وعلى الرغم من أن بعض الوزراء الذين اشتغلوا ضمن الفريق الحكومي لنجلاء بودن المقالة حديثا قدموا مؤشرات ونوايا إيجابية للعمل وقطعوا خطوات كبيرة في مهامهم وفق خبراء، إلا أن تغييرهم يظل أمرا واردا في الأيام القادمة. ومنذ إعفاء بودن من مهامها وُضع بشكل جدي ملف إقرار تحوير وزاري واسع لا تُستثنى منه وزارات السيادة وانطلقت معه حركية حتى بين نواب البرلمان الحالي بحثا عن حقيبة وزارية.

ناجي جلول: في اعتقادي كل الوزراء في حاجة إلى التغيير
ناجي جلول: في اعتقادي كل الوزراء في حاجة إلى التغيير

وأكد مصدر موثوق به لجريدة "الشارع المغاربي" المحلية أن السؤال المطروح يتعلّق بمصير وزيرة المالية سهام نمصية ووزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيّد المعنيين بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي وبإعداد برنامج جديد وصفه محافظ البنك المركزي مروان العباسي بـ"البرنامج العادل"، وذلك بعد أن انتهى موضوعيا الاتفاق الموقّع على مستوى الخبراء منذ شهر أكتوبر من العام الماضي.

وينتظر 3 وزراء إنهاء مهامهم بطلب منهم، وطلبهم عرض على رئيسة الحكومة السابقة نجلاء بودن منذ أشهر، وفق المصدر ذاته. وقال ناجي جلول رئيس الإتلاف الوطني التونسي "الرئيس قيس سعيد هو من سيقرر تغيير الوزراء أو الإبقاء عليهم في مناصبهم، لأن الحكومة هي حكومة الرئيس، ولا توجد حكومة بمفهومها التقليدي".

وأضاف لـ”العرب”، "في اعتقادي كل الوزراء في حاجة إلى التغيير، وإذا ما غيّر رئيس الحكومة فمن الضروري تغيير الفريق، وتقريبا باستثناء وزير أو اثنين (وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيّد) البقية يستحقون التغيير"، لافتا أن “وزير التربية محمد علي البوغديري على دراية بعدة ملفات، لكن تم إقحامه في صراعات سياسية".

وترى أوساط سياسية أن أمام الحشاني عددا من الملفات ذات الأولوية التي بدأ بالانكباب على دراستها، وأولها ملف رغيف الخبز الذي تحول إلى هاجس اجتماعي وسياسي ملحّ، حتى أن الرئيس سعيد اتهم ما وصفها باللوبيات بافتعال أزمة الخبز التي تعيشها البلاد مع وقوف التونسيين في طوابير طويلة لاقتناء المكون الأساسي في النظام الغذائي التونسي.

وكان الرئيس التونسي أكد خلال إشرافه على موكب تسلم واستلام مقاليد رئاسة الحكومة بين الحشاني وبودن في الثاني من أغسطس، أن بلاده أمامها تحديات عدة منها مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى نوع آخر من الإرهاب وهو محاولة تجويع التونسيين من قبل بعض اللوبيات التي تتخفى وراء الستار، وتراهن على بث الفوضى في المجتمع وتأجيج الأوضاع في البلاد.

وفي وقت سابق، أكد القيادي في حراك 25 يوليو عبدالرزاق الخلولي أن "تونس ليست في حاجة إلى تحوير وزاري اليوم". وأوضح في تصريح لوسائل إعلام محلية أن "التحوير الوزاري في الوقت الراهن سيدخل البلاد في عديد المشاكل، إضافة إلى إمكانية سوء الاختيار وغياب الكفاءة".

وأكد أن "الاستقرار الحكومي مهم في المرحلة الحالية”، لافتا إلى أن عددا من الوزراء قد تمكنوا من الملفات وأصبحوا على دراية بمصالحهم وبإمكانهم الإصلاح والانطلاق في العمل رغم أن أداءهم لم يكن في المستوى المطلوب خلال العامين الماضيين". وتابع الخلولي "من المصلحة العامة للبلاد ومن مصلحة الدولة عدم إجراء تحوير وزاري حاليا بعدما تمكن الوزراء من دراسة الملفات الكبرى".

وتعد حكومة الحشاني الثانية بعد التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو 2021، وتمت بمقتضاها الإطاحة بمنظومة 14 يناير 2011، وهي تحمل رقم 14 بين الحكومات التي تولت شؤون البلاد منذ الإطاحة بالنظام السابق.

نبيل الرابحي: هناك وزراء عيّنهم قيس سعيد ويستبعد تغييرهم
نبيل الرابحي: هناك وزراء عيّنهم قيس سعيد ويستبعد تغييرهم

والحشاني هو رقم 10 بين رؤساء الحكومات الذين تداولوا على كرسي الحكم بقصر القصبة بعد محمد الغنوشي والباجي قائد السبسي وحمادي الجبالي وعلي العريض ومهدي جمعة والحبيب الصيد ويوسف الشاهد وهشام المشيشي ونجلاء بودن، وجاء إلى منصبه بعد تحولات دراماتيكية عرفتها البلاد ودفعت ببعض هذه الشخصيات إلى السجن أو المنفى الاختياري أو العزلة السياسية، وبعد مخاض سياسي صعب أنهاه الرئيس سعيد بإلغاء دستور 2014 وإلغاء النظام شبه البرلماني والعودة إلى النظام الرئاسي وفق دستور 2022 وانتخابات برلمان جديد برؤية سياسية مختلفة عمّا كان سائدا قبل يوليو 2021.

وقال المحلل السياسي نبيل الرابحي إن "الدستور الجديد (دستور 25 يوليو 2022)، جعل الحكومة مسؤولة أمام رئيس الجمهورية، ويمكن للرئيس أن يغير كل الوزراء، كما يمكنه استشارة رئيس الحكومة حول بعض الأسماء". وأكد في تصريح لـ"العرب" أن "رئيس الحكومة أحمد الحشاني اليوم هو بمثابة رئيس فريق، وهناك وزراء عيّنهم الرئيس سعيد ومن المستبعد الحديث حول تغييرهم وأبرزهم وزير الدفاع عماد مميش، ووزير الشؤون الخارجية نبيل عمار، في المقابل يمكن تغيير وزيري النقل والمالية".

وأردف الرابحي "هناك بعض الوزراء الذين عليهم نسبة رضا معينة من رئاسة الجمهورية والبقية يمكن أن يكونوا ملف تشاور بين الطرفين"، مشيرا إلى أن "اليوم المهمة الأولى لرئيس الحكومة، هي تطهير الإدارة مع المحافظة على مبدأ استمرارية الدولة". واستطرد قائلا "نجلاء بودن استوفت مراحل المهمة السياسية والقضائية، واليوم سنمرّ إلى مرحلة جديدة وهي تطهير الإدارة ومحاربة الفساد في الدولة العميقة".

وسيتولى الحشاني تنفيذ سياسات رئيس الدولة في مختلف المجالات، وبحسب دستور 2022 فإنّ الحكومة مسؤولة عن تصرفها أمام رئيس الجمهورية، يسيّرها رئيس الحكومة وينسق أعمالها ويتصرف في دواليب الإدارة، وله أن ينوب رئيس الجمهورية عند الاقتضاء في رئاسة مجلس الوزراء أو أيّ مجلس آخر.

اقرأ أيضا:

2