هل تعيق طالبان رهانات ترامب الانتخابية

لشكركاه (أفغانستان) - شنت قوات الأمن الأفغانية الثلاثاء، هجوما مضادا في الجنوب على مقاتلي حركة طالبان مع احتدام القتال لليوم الثالث على التوالي في هجوم للمسلحين ألقى بظلاله على محادثات السلام بين الطرفين.
ويختبر هجوم طالبان على إقليم هلمند عزيمة الحكومة في بداية محادثات تهدف إلى إنهاء الحرب الدائرة منذ 19 عاما، وقد يعيق تحقيق الوعد الذي قطعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي قبل الانتخابات بإعادة باقي القوات الأميركية إلى الديار بحلول أعياد الميلاد.
وجاء تعهّد ترامب في سياق تنشيط حملته الانتخابية وزيادة حظوظه للفوز في استحقاق الثالث من نوفمبر، علما أن انسحابا كاملا في مهلة زمنية قصيرة يُعد أمرا غير عملي لوجستيا، من شأنه إضعاف كابول في محادثات السلام.
وهذا أول هجوم كبير لطالبان منذ بدء المحادثات بينها وبين الحكومة الشهر الماضي وأحد أكبر الهجمات منذ التزام المسلحين بوقف إطلاق النار في إطار اتفاق بين الحركة وواشنطن في فبراير لسحب القوات الأميركية.
ومنذ يوم الأحد، استولى المسلحون على قواعد عسكرية في هلمند وأغلقوا العاصمة الإقليمية لشكركاه.
وقال المكتب الإعلامي لحاكم هلمند، الثلاثاء، إن قوات خاصة أفغانية مدعومة بغطاء جوي من القوات الجوية الوطنية نجحت في استعادة خمس نقاط تفتيش من طالبان وقتلت 23 من مقاتلي الحركة.
وأكد مسؤولون أميركيون، الاثنين، أن الولايات المتحدة شنت ضربات جوية استهدفت مقاتلي حركة طالبان في إقليم هلمند، بعد هجوم واسع النطاق سيطر خلاله مقاتلو الحركة على قواعد عسكرية في الإقليم واقتربوا من عاصمته.
وتمثل الضربات، التي نُفذت خلال اليومين الماضيين، تدخلا عسكريا نادر الحدوث من جانب واشنطن منذ أن وقعت على اتفاق لسحب القوات مع طالبان في فبراير.
وينص الاتفاق على انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان مقابل ضمانات أمنية من الجماعة، والتعهد بإجراء محادثات مع إدارة كابول لوضع تسوية سلمية تنهي عقودا من الحرب.
واستمر القتال رغم بضع جولات من محادثات السلام بين طالبان ومفاوضين من الحكومة الأفغانية في الدوحة الشهر الماضي.
وفي اليومين الماضيين، اقتحم المئات من مقاتلي طالبان نقاط تفتيش أمنية في هلمند، وسيطروا على مناطق رئيسية في ضواحي عاصمة الإقليم لشكركاه.
وأكد رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي الجنرال مارك ميلي أن سحب الولايات المتحدة لمزيد من الجنود من أفغانستان يتوقّف على خفض منسوب العنف وشروط أخرى تم الاتفاق بشأنها مع طالبان.
وبعد مرور خمسة أيام على إعلان الرئيس الأميركي أنه يريد عودة القوات الأميركية بحلول أعياد الميلاد، شدد الجنرال ميلي في مقابلة أجرتها معه محطة “أن.بي.آر” الإذاعية على أن سحب الدفعة الأخيرة من القوات الأميركية وقوامها 4500 جندي يتوقف على التزام طالبان بالحد من هجماتها والمضي قدما في محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية.
وقال الجنرال الأميركي في المقابلة إن تنفيذ “كامل الاتفاق وكل خطط سحب الجنود له شروط”.
وتابع إن “النقطة الأساسية هنا هي أننا نحاول إنهاء حرب بحس من المسؤولية وتروّ، وأن ننجز ذلك بشروط تضمن سلامة المصالح الحيوية للأمن القومي الأميركي والتي هي على المحك في أفغانستان”.
وأشار ميلي إلى أن عدد القوات الأميركية الذي كان يقدّر بـ12 ألفا انخفض بالفعل منذ توقيع الاتفاق في فبراير، والذي تطلّب مفاوضات بين طالبان وكابول وخفضا كبيرا لوتيرة أعمال العنف.
وأوضح أن منسوب أعمال العنف أدنى بأشواط مما كان عليه قبل سنوات، لكن الانخفاض في الأشهر الأربعة أو الخمسة الأخيرة “طفيف”.
وبحسب جدول الانسحاب، يفترض أن ينخفض عدد القوات الأميركية في أفغانستان إلى 4500 عنصر بحلول نوفمبر، لكن البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) يعتزم إبقاء هذا العدد حتى العام 2021 لمراقبة كيفية تقدّم المفاوضات في الدوحة، فيما تصدر واشنطن في هذا الخصوص إشارات ملتبسة.
والأسبوع الماضي، قال مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين إن عدد القوات الأميركية سينخفض إلى 2500 عنصر في أوائل العام المقبل، إلا أن ترامب نشر، الأربعاء، تغريدة تعهّد فيها بإعادة كل الجنود الأميركيين من أفغانستان بحلول 25 ديسمبر.