"نقوش على خاصرة أيلون" قصائد تستطلع ما وراء اللحظة الراهنة

السبت 2014/09/06
حسن ابو دية: أنا وقلمي فرسا رهان

صدرت عن دار فضاءات في عمّان مجموعة شعرية للشاعر الفلسطيني حسن أبودية بعنوان “نقوش على خاصرة أيلون”، بدعم من وزارة الثقافة الأردنية، تقع في 292 صفحة من القطع المتوسط، وتحتوي على 23 قصيدة ينتمي أغلبها إلى قصيدة النثر.

يعرف الشاعر، في تمهيده للمجموعة، “أيلون” بأنه الاسم الكنعاني لقريته “يالو”، التي هي عشقه الأبدي، ويضيف قائلا: «أزعم أن لا إنسان في الأرض يعشق موطنه كما أعشقها، وأظنني رغم بعدي عنها ما زلت موصولا بحبلها السّريّ، منها أتنفس، أتغذى وأستمد الحياة. لذا أجدني عندما تتكالب عليّ الهموم وتتصارع في رأسي مآسي الدنيا آوي إلى طيوف “يالو” أناجيها، وأناديها».

ما يلفت الانتباه في المجموعة هو العنوان الذي ينطوي على ثلاث مفردات مفتاحية، أولها “النقوش” وهي الآثار. مفردة تدل على تدوين التاريخ لحفظه من الضياع والاندثار. المفردة الثانية، وهي “الخاصرة”، صورة مجازية للوجع والعشق معا. فالخاصرة يشكها الألم، كما أنها الجزء الجمالي في جسم الإنسان. وفي جمع النقيضين يشدّد أبودية على أهمية الفضاء والمقصود قرية “يالو”، ذات التوصيفات الدلالية والحسية، فهي تمثل الأم والبيت والوطن، العرض والطفولة والذاكرة والهوية. أما المفردة الثالثة فهي “أيلون” أصل التدوين، وهي الفضاء الذي ينتمي إليه الشاعر بكل حواسه وفكره.

كما تحتفي االمجموعة بفضاءات أخرى على نحو بارز لتغدو المحور الأساسي الذي يدور حوله الخطاب الشعري، مثل “يبوس” (نسبة إلى اليبوسيين)، “حيبة”، “البيارة” (بئران تاريخيان)، التي تحيل إلى الهوية الكنعانية والفلسطينية، لكن مفهوم الفضاء فيها يتجاوز بعده اللغوي والتاريخي ليلتبس بدلالات الغربة والتجربة والذاكرة والعودة والنضال والوجود، فكأنما الفضاء هو البؤرة التي تنصهر فيها جميع الدلالات الفرعية والحافة. وقد حرص الشاعر حسن أبودية من البداية على أن يحدّد عملية التواصل بينه وبين قارئه، وأن يؤمّن عملية التقبّل من خلال العتبات النصية التي تتصدر المجموعة، كما يقول الناقد التونسي الحبيب العوادي في تقديمه لها. معجم مفردات الشاعر يمنح صوره الشعرية إيقاعا وتفردا لأنها مفردات الذاكرة. كذلك مراوحته ومزاوجته، وتنقله في تصوير الهمّ الجماعي تارة وأناه تارة أخرى، معاتبا ومناجيا ومستعينا بذاكرة الطفل الذي غادر القرية قسرا.

يقول حسن أبودية: «أنا وقلمي فرسا رهان نتسابق للوصول إلى استمطار وعي ما بعد اللحظة الراهنة، لنعرف على أيّ أرض نحن نقف، فقد نكون وسط رمال متحركة ونحن لاندري. فالوعي ثنائي الألم والقلق، إذ كلما ازددتَ ثقافة ووعيا أدركتَ أكثر حجم دوامة الحدث الذي تعيشه».

16