نقص الطاقة والدولار يهدد مصانع الحديد المصرية بالإغلاق

القاهرة - قال مسؤولون في قطاع الحديد والصلب إن الوعود الحكومية بتخفيف أزمات القطاع، لم تقدم حتى الآن أي حلول ملموسة لوقف نزيف الخسائر المستمر الذي ينذر بإغلاق المصانع وتوقف حركة الإنتاج.
وكان رئيس الحكومة شريف إسماعيل قد وعد خلال اجتماعه مؤخرا مع عدد من كبار رجال الأعمال في صناعة الحديد وبحضور وزراء الصناعة والاستثمار والتخطيط، بحل المعوقات التي تواجه المصانع.
كما تعهد بمواصلة ضخ الوقود للمصانع، إلى جانب منح صناعة الحديد أولوية لدى البنوك في توفير الدولار بهدف استيراد مستلزمات الإنتاج من الخارج.
جاء ذلك بعد قيام المنتجين برفع مذكرة إلى رئيس الوزراء تضمنت عددا من البنود، في مقدمتها فرض رسوم إغراق على واردات الحديد من الخارج، خاصة من السوق الأوكرانية.
وتراجع حجم إنتاج المصانع المحلية من الحديد بنسبة 40 بالمئة خلال العام الماضي، ليصل خلال شهر يناير الماضي إلى 520 ألف طن مقارنة بنحو 800 ألف طن في يناير 2015.
وقال رفيق الضو العضو المنتدب لشركة السويس للصلب لـ”العرب” إن صناعة الحديد المصرية تمر بأسوأ مرحلة في تاريخها، بسبب سيل المشكلات التي تواجهها بالتزامن مع تفاقم أزمة الدولار.
وكان سعر صرف الدولار في السوق الموازية قد شهد ارتفاعا بمستويات قياسية، حيث سجل نحو 9.75 جنيه للدولار خلال تعاملات الأسبوع الماضي، في حين أن الأسعار في السوق الرسمية تبلغ نحو 7.73 جنيه.
وأوضح الضو أن استمرار أزمة الطاقة خلال الأعوام الأخيرة، سواء بعدم انتظامها أو ارتفاع تكلفتها بنسب كبيرة، كبد صناعة الحديد خسائر فادحة، في الوقت الذي تعمل فيه المصانع بنحو 25 بالمئة فقط من طاقتها الإنتاجية.
|
وأكد جورج متى، مدير التسويق في مجموعة حديد عز، أن أسعار الغاز الذي يتم إمداده لمصانع الحديد بنحو 7 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بزيادة تبلغ نحو 133 بالمئة عن الأسعار العالمية، التي قال إنها تبلغ حاليا نحو 3 دولارات فقط.
وأضاف أن ذلك يمثل فجوة كبيرة عن الأسعار العالمية، في وقت تشهد فيه السوق المحلية نموا في معدلات الاستهلاك بنسبة 9 بالمئة.
ويصل إنتاج مصر من الحديد إلى نحو 8 ملايين طن في العام، وتستهدف زيادة معدلات الإنتاج إلى نحو 10 ملايين طن بحلول عام 2018 وإلى 12 مليون طن خلال عام 2020.
وأكد محمد حنفي مدير غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، إن هناك نذير خطر على الأبواب، حيث يرتفع الاستهلاك خلال فصل الصيف، ولن تستطيع المصانع الوفاء باحتياجات السوق.
وأضاف في تصريحات لـ”العرب”، أن استمرار استيراد الحديد من الخارج، سواء التركي أو الأوكراني أو الصيني، إلى جانب استيراد كافة المنتجات المعدنية لعدم قدرة المصانع على الوفاء بحاجة السوق سيؤدي إلى كارثة.
وتصل استثمارات صناعة الحديد في مصر إلى نحو 7 مليارات دولار.
وقدّر بنك الاستثمار بلتون أن مصر لديها مشروعات تحت الإنشاء تصل الاستثمارات فيها إلى حوالي 250 مليار دولار، لمواجهة زيادة الاستهلاك المحلية، حيث لا تستطيع المصانع مواكبة تلك الزيادة بسبب المشكلات التي تواجهها.
وقال خالد الفقي عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية، ونقيب العاملين في الصناعات المعدنية، إن أزمة الطاقة تمثل 85 في المئة من التحديات التي تواجه صناعة الحديد.
|
وأشار في تصريحات لـ”العرب” إلى أن شركة الحديد والصلب المصرية، وهي الشركة الحكومية الوحيدة التي تعاني من مشكلة الأفران القديمة، وتحتاج إلى تطوير شامل، للخروج من عثرتها، إضافة إلى معاناتها من أزمة الطاقة.
وكشفت مؤشرات نتائج أعمال النصف الأول من العام المالي الجاري للشركة، عن تسجيل خسائر بقيمة بلغت نحو 41 مليون دولار.
وحذر الفقي من أن مشكلة نقص الطاقة ستقضي على الصناعة بأسرها، إن لم تتحرك الحكومة لحلها، وستغلق جميع مصانع الحديد والصلب، وسيتم تشريد 35 ألف عامل يعملون بها.
وأضاف “تقدمنا بأكثر من استغاثة إلى رئيس الوزراء، لكن حتى الآن لم يتخذ أي خطوات عملية لإنقاذ الصناعة”.
وتتجه الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة إلى استخدام الفحم، كأحد البدائل المتاحة لسد فجوة الطاقة، وبادرت مصانع الأسمنت بالفعل بتدشين محطات كهرباء تعمل بالفحم لسد العجز.
وأشارت غرفة الصناعات المعدنية في اتحاد الصناعات المصرية إلى أن إنشاء محطات لإنتاج الفحم لسداد احتياجات أفران الحديد، يتطلب أكثر من ألفي طن يوميا لتشغيل أربعة أفران لصهر الحديد.
في المقابل أكد رئيس الوزراء أن قرار خفض سعر الغاز الطبيعي لمصانع الحديد والصلب، سيمكنها من العمل بكامل طاقتها الإنتاجية، بعد أن كانت تعمل بطاقة لا تزيد على 20 بالمئة، وذكر أن ذلك سيخفض فاتورة استيراد الحديد من الخارج بما يوفر نحو 1.5 مليار دولار سنويا.
وقال إن قرار خفض أسعار الغاز، مؤقت ويسري لمدة عام واحد، وتتم مراجعته بعد ذلك كل ثلاثة أشهر.