نجيب الشابي في مرمى وعود النهضة من جديد

الشابي يدعم الحركة ضد قرارات قيس سعيد لتلميع صورته مع الغنوشي.
الخميس 2022/02/24
نجيب الشابي يبحث عن التموقع

تحاول حركة النهضة استغلال نقاط ضعف الشخصيات السياسية التي تسعى لتصدر المشهد في تونس وتطمح لتقلّد مناصب مهمة في السلطة بعد 2011، عبر الإيهام بتوفير ممهدات النجاح لها لاستغلالها في ضرب خصومها وتحقيق مصالحها الحزبية، وهو ما يجري الآن من خلال ما يعرف بحراك "مواطنون ضد الانقلاب"، الذي كرّسته الحركة كمبادرة سياسية لتقديم الوعود لحلفائها ضدّ قرارات الرئيس قيس سعيّد، على غرار السياسي أحمد نجيب الشابي المعارض السابق للنهضة.

تونس - تواصل حركة النهضة، ذات المرجعية الإسلامية في تونس، استقطاب شخصيات سياسية كانت تعارضها في السابق لاعتبارات أيديولوجية وسياسية، على غرار السياسي أحمد نجيب الشابي الذي انخرط مؤخرا في توجهات داعمة للحركة بهدف إلغاء قرارات الرئيس قيس سعيد التي اتخذها في الخامس والعشرين من يوليو الماضي، وأدلى بتصريحات جديدة داعمة للنهضة وصورته مع رئيسها راشد الغنوشي، بعد مواقف سابقة ضدّها واتهامات خطيرة لها.

وقال رئيس الهيئة السياسية لحزب أمل، أحمد نجيب الشابي الاثنين إنه لا يخشى الجلوس مع حركة النهضة في مواجهة الرئيس التونسي قيس سعيد رغم الكثير من الخلافات.

وأضاف الشابي في تصريح لإذاعة محلية “في النهاية جلست مع الغنوشي رئيس حركة إسلامية معترف بها في تونس ولها أنصارها”، لافتا "أعتقد أن مرحلة الإقصاء السياسي تم تجاوزها والقضاء هو الفيصل في إدانة النهضة وليس الرأي العام أو الرئيس سعيد".

وجدد انتقاده للمعارضة وخاصة تلك التي كانت تعارض الأطراف التي حكمت تونس بعد انتخابات 2011 وهي اليوم متحالفة معها، قائلا "يخالون الدولة غنيمة فعلى أي قدم يرقصون".

وانتقد الشابي ظهور زوجة الرئيس سعيد بحقيبة باهظة الثمن في ظل الأزمة المالية الخانقة.

وكان الرئيس التونسي سعيّد أبرز في لقاء جمعه السبت في قصر قرطاج برئيسة الحكومة نجلاء بودن أنه أوضح في بروكسيل أسباب اتخاذه للإجراءات الاستثنائية في الخامس والعشرين من يوليو الماضي، مذكرا بأن “تأسيس مجلس أعلى مؤقت للقضاء هدفه تحقيق المساواة في العدالة أمام جميع التونسيين”.

ويرى مراقبون أن الشابي لم ينقطع عن دعم توجهات النهضة التي تغازله بترشيحه مجددا لرئاسة الجمهورية في الانتخابات القادمة، وهذا بمثابة طعم تقدمه الحركة للرجل بهدف تحقيق أهدافها السياسية حسبما تقتضيه المرحلة الحالية.

نبيل الرابحي: نجيب الشابي لم ينقطع عن تقديم خدماته والنهضة غازلته سياسيا

وأكد المحلل السياسي نبيل الرابحي أن "العلاقة بين النهضة والشابي قديمة – جديدة، بدأت منذ الثامن عشر من أكتوبر 2005، وتكوين جبهة سياسية ضد النظام آنذاك، ثم شهدت العلاقة تقلبات على امتداد السنوات الأخيرة، حيث شارك الشابي في انتخابات 2011، لكنه مُني بخسارة عرف بعدها أن الطرف الوحيد القادر على إنقاذه هو النهضة".

وأضاف في تصريح لـ”العرب” “النقطة المفصلية في العلاقة بين الطرفين كانت في السادس من فبراير 2013 (تاريخ اغتيال السياسي المعارض شكري بلعيد)، عندما استقال رئيس الحكومة حمادي الجبالي (قيادي سابق في النهضة) من منصبه ودعا إلى تشكيل حكومة غير متحزبة لقيادة البلاد، لكن الشابي قفز مع النهضة وأربكت تصريحاته أحزاب العائلة الوسطية، وقال إنه يجب تدعيمها بشخصيات سياسية وتم تعيين علي العريض (قيادي في النهضة) وزيرا للداخلية”.

وتابع الرابحي “الشابي لم ينقطع عن تقديم خدماته للنهضة وهي أيضا غازلته سياسيا بترشيحه لمناصب معينة، واتضح أنه لا يملك مبادئ ثابتة ولم يخرج من قوقعة الثامن عشر من أكتوبر، وهو في تحالف استراتيجي مع الحركة، ويحلم بمنصب رئاسة الجمهورية، وهذا بمثابة طعم من الحركة للشابي”.

وبخصوص تداعيات هذا التقارب على الشابي في المستقبل، اعتبر الرابحي أنه “خسر الكثير من شعبيته ودعمه للغنوشي هو تملّق سياسي، لكن كل من اقترب من النهضة إلا واكتوى واندثر مثل أحزاب المؤتمر من أجل الجمهورية وحركة نداء تونس وقلب تونس”.

واستطرد “هناك مساران الآن، الدولة الديمقراطية الاجتماعية التي يدعو لها الرئيس سعيد، مقابل الدولة العميقة التي تحالفت مع الفساد وتقودها حركة النهضة”.

وعُرف السياسي الشابي سابقا بمعارضته الشديدة لتوجهات النهضة السياسية، حتى أنه وجّه لها اتهامات خطيرة وقال إنه يرفض التحالف معها أو إقامة دولة عقائدية في تونس.

وقال الشابي في تصريحات سابقة لـ”العرب” “حركة النهضة ستكون الخصم السياسي الأول لنا، فهذه الحركة تمثل طائفة عقائدية عابرة للبلدان ولم تبد سوى رغبة في التمدد داخل الدولة وتحويلها إلى أداة لتنفيذ مخططاتها، وبالتالي هي تمثل خطرا على الديمقراطية”.

وأضاف ‘‘النهضة سنناهضها بالوسائل السلمية ومن خلال المؤسسات وبتعبئة الرأي العام، والنهضة في الواقع لا تمثل حتى 10 في المئة من الجسم الانتخابي التونسي؛ النهضة قوة ضعيفة وهي تستمد قوتها من تشتت خصومها وضعف إقبال التونسيين”، مشددا ‘‘نحن ليست لدينا أي نية لإبرام أي اتفاق أو تفاهم مع النهضة‘‘.

الشابي لم ينقطع عن دعم توجهات النهضة التي تغازله بترشيحه مجددا لرئاسة الجمهورية في الانتخابات القادمة وهو طعم تقدمه الحركة للرجل بهدف تحقيق أهدافها السياسية

وفرضت المصالح السياسية المشتركة عودة التحالفات بين اليمين واليسار في تونس، على غرار ما يُعرف بـ”مبادرة مواطنون ضد الانقلاب” التي تسعى لإلغاء القرارات الاستثنائية التي أعلن عنها الرئيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي.

والأسبوع الماضي نظمت المبادرة لقاء تضامنيا مع القيادي في حركة النهضة نورالدين البحيري الذي يقبع في الإقامة الجبرية منذ نهاية شهر ديسمبر الماضي.

وشارك في اللقاء رئيس الهيئة السياسية لحزب ‘أمل’ أحمد نجيب الشابي، المحامي والناشط السياسي جوهر بن مبارك، القيادية في حزب قلب تونس سميرة الشواشي، النائب بالبرلمان المجمد الصافي سعيد، بالإضافة إلى قيادات حركة النهضة على غرار رئيس الحركة الغنوشي، وأيضا المستقيل مؤخرا من الحركة سمير ديلو. 

وأعادت مساندة الشابي للنهضة في الظرف الراهن، إلى الأذهان هيئة الثامن عشر من أكتوبر للحقوق والحريات، التي تأسست سنة 2005 لمعارضة نظام الرئيس زين العابدين بن علي، وتكونت من نشطاء سياسيين من توجهات سياسية مختلفة على غرار الشابي أمين عام الحزب الديمقراطي التقدمي حينها، حمة الهمامي الناطق الرسمي لحزب العمال الشيوعي  التونسي، عبدالرؤوف العيادي نائب رئيس المؤتمر من أجل الجمهورية في تلك الفترة وديلو القيادي في حركة النهضة.

4