نبش الزوج في ماضي الزوجة يولد لديه الشكوك والحيرة

علماء النفس يجمعون على أن النبش في الماضي سبب رئيسي في دمار الحياة الزوجية حيث أنه لن يحلّ المشكلات التي يعيشها الزوجان بل قد يزيد من تعقيداتها.
الاثنين 2021/02/01
كلما حدثت الزوجة زوجها بماضيها قبل الزواج كلما كان ذلك أفضل

يؤكد مستشارو العلاقات الأسرية أن النبش في ماضي الزوجة يقلب الحياة الزوجية رأسا على عقب،  ويضعها على نار من الشكوك والوساوس التي لن يجني منها الزوجان إلا الألم والوهم والدمار. وينصحون الزوج بوجوب التحلي بالتسامح والتفهم إذا علم عن طريق المصادفة بهذه العلاقات السابقة. ويرون أنه من الأفضل أن تصارح الزوجة شريكها قبل الزواج، كما ينصحون بأن تكون المصارحة جزئية، حفاظا على كرامة الزوج، ومنعا لاستثارة غيرته.

يجزم علماء النفس أن الشك والوهم يظلان لصيقين بالرجل، حتى لو تزوج من امرأة دون ماض، أو من فتاة في مقتبل العمر، وحتى لو ارتبط بزوجته منذ الطفولة، فماذا لو تزوج من امرأة لها ماض، وعلم صدفة بهذا الماضي؟

يؤكد علماء النفس أن الشك هنا لن يؤدي إلا إلى المزيد من الشك، طالما أن مجتمعنا لا يحاسب الرجل بقدر ما يحاسب المرأة التي غالبا ما يكون الرجل سببا في مغامراتها العاطفية. ويرون أن النبش في ماضي الزوجة لن يجدي نفعا، بل سيأزم العلاقة بين الزوجين ويزيد من غيرة الرجل الذي سيبدأ في تضييق الخناق على زوجته.

كما يشير خبراء العلاقات الأسرية إلى أن المرأة التي غالبا ما لا تلوم الرجل على ماضيه هي عكس الرجل، الذي ما إن يختار شريكة حياته حتى يبدأ في البحث والتنقيب عن الصغيرة والكبيرة في تفاصيل ماضيها، ما يعرض الحياة الزوجية لهزات.

عزة كريم: من الأفضل طي صفحات الماضي، لتبدأ الحياة الزوجية منذ يوم عقد القران
عزة كريم: من الأفضل طي صفحات الماضي، لتبدأ الحياة الزوجية منذ يوم عقد القران

ويقول علماء النفس إن هناك زوجات بمجرد ما يسردن لأزواجهن ماضيهن من باب تقديم البرهان على حبهن لهم، ومصارحتهم بجميع التفاصيل والأسرار عن حياتهن، حتى ينقلب عليهن أزواجهن ويصبحون يعدون عليهن الحركات، حتى أن كل حركة يقمن بها يعتبرونها حنينا إلى ذلك الماضي، ويتفجر الشك والسؤال حول الماضي ليصير سيلا يجرف الحاضر.

ويؤكد سيد صبحي، أستاذ الصحة النفسية في جامعة عين شمس، أن نفسية الزوجين الشرقيين تغلب عليها الغيرة، التي قد تكون محمودة إذا كانت معتدلة، أما إذا دخل الزوجان في دوامة البحث عن الماضي فإن هذه الغيرة ستتحول إلى غيرة مذمومة، تقضي على الاستقرار الأسري، إن لم يصل الأمر إلى الطلاق وتشتت العائلة.

ويرى الخبراء أن سرد الذكريات وكشف بعض تفاصيلها لشريك الحياة الزوجية يمكن أن يكون سببا في تحويل الحياة إلى جحيم لا يطاق، مشيرين إلى أنه كلما كان الحب أقوى وكانت العلاقة مدتها أطول فإن ذلك يؤدي إلى صدمة أكبر قد تفوق خيبة الأمل لتصل عند بعض الأشخاص إلى الإحباط، ويمكن أن يلجأ بعضهم إلى محاولة الانتحار.

لذا ينصح خبراء علم النفس في حالة اكتشاف الزوج عن طريق المصادفة لهذه العلاقات السابقة وجوب التحلي بالتسامح والتفهم، لأن ذلك من شأنه أن يعزّز القدرة على المغفرة والنسيان، فمن المفترض أن كلا من الزوجين قد سأل عن الآخر وتعرف عليه خلال فترة الخطوبة.

ويقول أحمد الأبيض المختص التونسي في علم النفس إن النبش في تاريخ الزوجة ينطلق من زاويتين اثنتين؛ فإما أن يكون الزوج تقيا فيريد أن تكون زوجته على نفس الشاكلة ولا يريد ماضيا يطل عليه من حين إلى آخر ليعكر صفو حياته، لذلك من المفروض أن يختار زوجته بدقة.

وإما أن يكون شخصا يتصور أن الآخرين مخادعون مثله ويسقط ذاته عليهم، ولأنه مغامر يختار هذا الاتجاه ولا يستوعب أن يكون هناك شخص معتدل، وهو لا يصلح أن يكون زوجا.

أحمد الأبيض: في بعض الأحيان لا يكون نبش الماضي سلوكا داخليا نابعا من ذات الزوج
أحمد الأبيض: في بعض الأحيان لا يكون نبش الماضي سلوكا داخليا نابعا من ذات الزوج

ويضيف لـ”العرب” أنه في بعض الأحيان لا يكون نبش الماضي سلوكا داخليا نابعا من ذات الزوج، وإنما تفرضه بعض المعطيات الخارجية التي تحدث في المجتمع مثل السلوكيات الخاطئة التي تنتهجها بعض النساء، ما يجعل الزوج يتساءل عن مدى استقامة زوجته وهل كان لديها ماض أم لا. وينصح الأبيض الأزواج “بتنسيب” الأمور وعدم ترك الشك يسيطر على عقولهم.

كما يرى عادل مدني أستاذ ورئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر أنه على الزوج ألا يبدأ حياته الزوجية بالبحث عن القضايا والأمور والخبايا التي قد تهدم سعادته الزوجية، موضحا أنه على الزوجين أن يدركا أنَّ النبش في الماضي والبحث فيه قد يزرعان الشكوك ويولدان المشاكل والخلافات التي يصعب حلها.

وينصح مدني الشباب المقبلين على الزواج بألا يكونون متشددين مع الفتيات اللاتي يتقدمون لخطبتهن إذا ما اكتشفوا أن لهن علاقات سابقة، كما يدعو الفتيات إلى ضرورة تجنُّب مواضع الشبهات، خاصَّة إذا كان الزوج يتصف بالشك والغيرة الزائدة عن حدها.

ويفسر زيادة الجرائم التي تُرتَكَب ضد السيدات، بسبب الشك في سلوكهن، بأن الرجل الشرقي، والعربي بالتحديد، أصبح كثير المغامرات والنزوات، لذلك فهو دائم الشك ويرفض أن تكون لشريكته علاقاتٌ قبل الزواج، وأن تكون بلا أي خبرات، في حين يتباهى هو بأنه كان مغامرا فيحكي لها كل مغامراته، وكيف كان مطلوبا ومرغوبا من الفتيات.

وينصح عدد من  أستاذة الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الزوجة بعدم مصارحة زوجها  بعلاقاتها السابقة طالما أنها كانت بعيدة عن المحرمات، لأنَّ هناك العديد من الأزواج لديهم وسواس قهري، فإذا ما صارحته الزوجة بهذه العلاقات فقد يتربَّص بها عند كل مكالمة تليفونية، أو عند كل خروج من المنزل.

ويقولون إنه لا داعيَ لهذه المصارحة التي قد تكون سببا في انهيار الأسرة، لأنَّ غالبية الأزواج ليست طبائعهم واحدة، فقد يتقبل زوج الأمر، ولا يتقبله زوج آخر، والأمر كذلك بالنسبة إلى الزوجة إزاء زوجها.

المصارحة التي تكون سببا في انهيار الأسرة لا موجب لها لأن طبائع الأزواج ليست واحدة، فقد يتقبل بعضهم الأمر ويرفضه آخرون

كما ترى عزة كريم، أستاذة علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية بمصر، أنه من الأفضل طي صفحات الماضي، لتبدأ الحياة الزوجية منذ يوم عقد القران، مشيرة إلى أنه لا يوجد بشر على وجه الأرض في أي مجتمع بلا ماض أو أخطاء، “وإذا قمنا بحساب كل إنسان إلى ماضيه الذي تاب عنه فإننا سنفتح أبواب جهنم على كل الأسر أو غالبيتها”.
وبحسب كريم، فإنه إذا كانت العلاقات السابقة للزوجة أو للزوج علاقات رسمية مثل عقد زواج أو خطبة ثم فُسِخَت، فعلى الزوجة أن تُصارح زوجها أو خطيبها الجديد بها، لأنه ربما يعلم من أناس آخرين إذا لم تعلمه هي بذلك.
وتنصح الأزواج بعدم الاكتراث بماضي الزوجة أو الاهتمام به، ولا ترى بدا من النبش فيه وتقول “أتعجب من الأزواج والزوجات الذين ينبشون في الماضي، وكأنهم يبحثون عن المتاعب وتعكير صفو الحياة الزوجية”.

ويجمع علماء الاجتماع ومستشارو العلاقات الأسرية على أن النبش في الماضي سبب رئيسي في دمار الحياة الزوجية حيث أنه لن يحلّ المشكلات التي يعيشها الزوجان في الوقت الراهن، بل قد يزيد من تعقيداتها.

21