مواقع التواصل الاجتماعي تهدد الصحة الجنسية للمراهقين

تضاعف أعداد تطبيقات المواعدة يساهم في انتشار الهوس الجنسي.
الثلاثاء 2021/06/01
الحسابات الأسرية تحمي الشباب من الانحراف السلوكي

يؤكد خبراء علم النفس أن العلاقات العاطفية السرّية التي يربطها المراهقون عبر مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن تسبّب خطرا على صحتهم الجنسية، ويشيرون إلى أن تضاعف أعداد تطبيقات المواعدة والمواقع الإباحية ساهم في انتشار الهوس الجنسي بين الشباب. وينصح هؤلاء الخبراء الأسر بتأجيل خطوة استخدام أبنائها لوسائل التواصل الاجتماعي إلى أقصى حدّ ممكن، وألا تستسلم سريعا أمام إلحاحهم.

أدى وجود الهواتف الذكية المتصلة بالإنترنت في أيدي نسبة كبيرة من المراهقين إلى قضاء جل وقتهم في التنقل بين صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، ما مكنهم من ربط علاقات عاطفية سرية كانت سببا في إثارتهم الجنسية ما ولد لديهم مشاكل صحية لاحقا.

وطبقا لدراسة حديثة، فإن الوقت الذي يقضيه الطفل في مرحلة المراهقة المبكرة يؤثر عليه بشكل كبير في بقية سنوات المراهقة، وقد وجدت الدراسة أن هذا التأثير يتضح بشكل أكبر في الفتيات.

ووفق منظمة اليونيسيف، يمكن تقسيم مرحلة المراهقة إلى قسمين، المراهقة المبكرة من 10 إلى 14 سنة، والمتأخرة من 15 إلى 19 سنة. وفي مرحلة المراهقة المبكرة تبدأ التغيرات البدنية بوضوح. أما التغييرات النفسية والداخلية فعلى الرغم من أنها أقل وضوحا فإنها بالعمق نفسه.

وطبقا لبحوث علم الأعصاب الحديثة، هناك نمو كهربي وفسيولوجي مذهل يحدث في نمو المراهقين في سنوات المراهقة المبكرة، حيث يتضاعف عدد خلايا الدماغ ويعاد ترتيب شبكة الخلايا العصبية، مما يؤثر بشكل كبير على القدرات العاطفية والعقلية. ومن الملاحظ أن التطور النفسي والجنسي يظهر في الفتيات بمرحلة أسبق من الفتيان بفارق من عامين إلى ثلاثة أعوام، نظرا لتطور الفص الجبهي المسؤول عن التفكير المنطقي وصنع القرار مبكرا في الفتيات عنه في الفتيان.

ويمكن أن تكون العلاقات العاطفية السرية التي تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي سببا في الإثارة الجنسية لدى المراهقين ما يولد لديهم مشاكل صحية لاحقا.

المراهقون المهووسون جنسيا قد يصابون بالعديد من الأعراض والاضطرابات النفسية وأبرزها الحاجة الجنسية الملحّة

كما يمكن أن يسيء المراهقون التعامل مع بعض الفيديوهات الجنسية المسربة عبر مواقع التواصل أو المواقع الجنسية.

ويعتبر “الهوس الجنسي” واحدا من أشهر الظواهر النفسية الجنسية التي أخذت بالتفشّي عبر العالم خاصّة مع تطوّر وسائل التواصل الاجتماعي وتضاعف أعداد تطبيقات المواعدة والمواقع الإباحية على الشبكة العنكبوتية.

وقال عالم النفس الألماني ستيفان فليجيل في أحد المؤتمرات الخاصّة بالأبحاث الجنسية في ألمانيا إنه لا إحصاءات دقيقة تتوفّر الآن حول المصابين بالهوس الجنسيّ لأنّهم يعانون من رُهاب الإفصاح بالحقيقة وطلب المساعدة.

وأشار علماء نفس ألمان متخصّصون بالفحوص السريرية إلى أنّ ثمّة زيادة ضخمة وملحوظة في أعداد المواقع الإباحية المنتشرة على الشبكة العنكبوتية وروّادها.

ولكن على الجانب الآخر أشار المتحدّثون للإعلام من الأخصّائيين إلى أنّ هناك أيضا زيادة في أعداد حلقات العلاج والمساعدات الذاتية للمصابين بالهوس الجنسي عبرَ تقديمهم النصيحة لبعضهم البعض.

وتشير الدراسات إلى أنّ 60 في المئة من الذين لا يتحكّمون في اندفاعاتهم الجنسية هم من الذكور، وأنّ السبب الرئيسي لانتشار ظاهرة “الهوس الجنسيّ” هو تضاعف أعداد المواقع الإباحية وتطبيقات المواعدة في السنوات الأخيرة والتي تشجّع، بطريقة أو بأخرى، على منح الجنس قيمة مضاعفة وربّما مبالغا بها.

ويرى خبراء علم النفس أن المهووسين جنسيا قد يصابون بالعديد من الأعراض والاضطرابات النفسية وأبرزها الحاجة الجنسية الملحّة وفرط في الاستجابة إلى المثيرات الجنسية وتخيّلات جنسية غير سوية وكَسل وإرهاق عام.

وتشير الدراسات إلى أنّ المدمنين على الجنس قد يصل بهم المطاف إلى قضاء ما يزيد عن 10 ساعات في متابعة الجنس أو ممارسته أو القيام بنشاطات متصلة به، ولا يمكن لهؤلاء إخفاء الآثار السلبية التي يخلّفها سلوكهم ذاك عن المحيطين بهم.

ويمكن أن يكون الوقت الذي يمضيه بعض الأشخاص على الإنترنت سعيا وراء الجنس مؤشّرا على مشاكل أخرى توجد في حياة المستخدمين أو تؤدّي حتى إلى المزيد من الإدمان.

مواقع التواصل منصة للمراهقة المبكرة
مواقع التواصل منصة "وحيدة" للمراهقة المبكرة

ويؤثّر هذا الإدمان بشكل مباشر على الحياة الأسرية أو المجتمعية للفرد حيث ينعكس بشكل مباشر على سلوك المدمن سواء في العمل أو الجامعة أو المدرسة أو المنزل.

ومن الآثار الأخرى للإدمان على الجنس ملاحظة تشوّش في التفكير ولجوء المراهقين غالبا إلى إيجاد تبريرات لتصرّفاتهم وإلقاء اللوم على الآخرين، وهم بصورة عامّة ينكرون وجود مشكلة لديهم ويجدون أعذارا لأفعالهم.

كما يرتبط الإدمان الجنسي أيضا بحبّ المخاطرة؛ فالشخص المدمن في هذه الحالة يُوقِع نفسه في كافّة أشكال النشاط الجنسي على الرغم من العواقب الوخيمة المحتملة لمثل هذه الأفعال.

ويرى خبراء علم الاجتماع أنه وفي ظل هذا التنامي المتسارع لوسائل التواصل الاجتماعي تبدو الرغبة في عزل الأبناء وحمايتهم بشكل مطلق رغبة خيالية وكل ما يمكن للآباء فعله هو توفير تجربة آمنة قدر الإمكان.

ويفضل خبراء التربية أن يؤجل الآباء خطوة استخدام أبنائهم لوسائل التواصل الاجتماعي ﻷقصى ما يمكن، وألا يستسلموا سريعا أمام إلحاحهم، وأن يمنحوهم فرصة للنضج بعض الشيء بما يمكنهم من استخدامها ببعض الحكمة، وألا يسمحوا لهم بإنشاء حسابات على مواقع التواصل قبل بلوغ الثالثة عشرة من العمر.

مواقع التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، تحتاج إلى مراقبة ومتابعة من قبل الأهل لأولادهم خوفاً عليهم من الانحراف والوقوع في شباك العلاقات الجنسية

وينصح الخبراء الآباء بمساعدة أبنائهم المراهقين على إنشاء حسابات أسرية بدلا من حسابات الأفراد، وهي خدمة توفرها بعض الشبكات الاجتماعية، مما يتيح لهم فرصة التواصل مع أصدقائهم في إطار آمن.

كما ينصحونهم بالحرص على تقليص الوقت الذي يقضونه في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديده بإطار واضح يتفقون عليه معا. ومساعدتهم على التخطيط للقاءات حقيقية مع أصدقائهم.

ويشير الخبراء إلى أن الأبناء ليسوا في حاجة إلى عدد كبير من الأصدقاء على فيسبوك ومن المتابعين على إنستغرام قدر احتياجهم إلى 4 أو 6 أصدقاء مقربين لمساعدتهم على التطور الاجتماعي بشكل صحي.

ويدعو الخبراء الأولياء إلى تشجيع أبنائهم المراهقين على دعوة الأصدقاء في المنزل للعب أو مشاهدة فيلم أو تناول وجبة يعدونها بأنفسهم، وقضاء معهم المزيد من الوقت.

وبشكل عام يُظهِر المراهقون الأكثر ارتباطا وتواصلا مع أسرهم المزيد من السعادة والنجاح في حيواتهم. وعلى الرغم مما يبدو من رغبة المراهقين في الابتعاد عن أسرهم والاستقلال عنهم فإنهم بحاجة إلى الأسرة أكثر من أي وقت مضى. ويحتاجون إلى الشعور بأن هناك من يستطيعون العودة له بعيدا عن دراما وسائل التواصل الاجتماعي.

وكلما ارتبط الأبناء أكثر بالعالم الحقيقي قلّ ارتباطهم بوسائل التواصل الاجتماعي والوقت الذي يقضونه في استخدامها، ويشمل هذا علاقات الصداقة الواقعية والاندماج في أنشطة رياضية وفنية واجتماعية.

21