معركة الطعون والأحكام القضائية تفقد البرلمان الليبي حماسه لإجراء الانتخابات

أصدر 70 نائبا بالبرلمان الليبي مساء السبت بيانا طالبوا فيه رئاسة مجلس النواب بالدعوة إلى عقد جلسة لدراسة ما وصفوه بالتطورات السلبية للعملية الانتخابية، ما يسلط الضوء على فقدان البرلمان حماسه تجاه الانتخابات المقرر تنظيمها في الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري وذلك بسبب معركة الطعون والأحكام القضائية الصادرة في هذا الصدد.
تونس - يعكس البيان الذي أصدره 70 نائبا بمجلس النواب الليبي للمطالبة بعقد جلسة طارئة بشأن ما وصفه هؤلاء بالتطورات السلبية للعملية الانتخابية فقدان البرلمان حماسه إزاء الانتخابات المقرر تنظيمها في الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري.
وتُرجع أوساط سياسية ليبية تبدل موقف البرلمان من داعم بشدة لإجراء الانتخابات إلى البعث برسائل مفادها أنه يرفضها إلى معركة الطعون والأحكام القضائية الصادرة في هذا السياق، علاوة على ما وُصف بمخالفة القوانين الانتخابية الصادرة عن مجلس النواب.
وطالب 70 نائبا بعقد جلسة لمجلس النواب الاثنين لمساءلة المفوضية العليا للانتخابات وجهات قضائية عن سير العملية الانتخابية.
وأضاف هؤلاء في بيان نُشر مساء السبت أنه “في الوقت الذي يؤكد فيه مجلس النواب دعمه والتزامه بإجراء الانتخابات وهو ما عمل من أجله بإصداره للقوانين المنظمة لها وبما لا تقصي أحدا، فإننا نتابع بقلق شديد التطورات السلبية للعملية الانتخابية وعدم تنفيد القانون والالتفاف عليه من قبل المؤسسات القضائية والمفوضية العليا للانتخابات والسكوت على شبهات التزوير وشراء الأصوات والتأثير على القضاء ترهيبا وترغيبا”.

علي العيساوي: البرلمان يرى أن العملية الانتخابية حادت عن مسارها المرسوم لها
وتابع البيان “هذا الأمر دفعنا إلى مطالبة رئاسة مجلس النواب بعقد جلسة في الموعد القانوني الاثنين على أن يمتثل رئيس المفوضية العليا للانتخابات وممثلو المؤسسات المشرفة على العملية الأمنية والقضائية المساندة”، مشددا على أنه “إلى حين ذلك نحذر المفوضية العليا للانتخابات من إعلان قائمة المرشحين النهائية إلى حين انتهاء جلسة المساءلة ليتسنى لمجلس النواب تقييم الوضع وسبل إنفاذ العملية الانتخابية في موعدها في بيئة سياسية مناسبة وفق التشريعات الصادرة”.
ويأتي ذلك في وقت يترقب فيه الليبيون القائمة النهائية للمرشحين في الانتخابات الرئاسية، بينما تستعد المفوضية العليا للانتخابات للاستئناف ضد بعض المرشحين الذين استبعدتهم وأعادهم القضاء إلى السباق الرئاسي على غرار سيف الإسلام القذافي.
وترى أوساط سياسية ليبية أن إجراء الانتخابات في الظروف التي تعيشها البلاد اليوم مغامرة لا يمكن التكهن بنتائجها خاصة في ظل التبدل اليومي للمواقف إزاء الاستحقاق المرتقب بالاستناد إلى تطورات العملية الانتخابية.
ولم تمر العملية الانتخابية في مرحلتها الأولى بتسجيل المرشحين والناخبين دون خروقات حيث رصدت المفوضية العليا للانتخابات اعتداءات على مراكزها وغيرها من الحوادث التي تستهدف خلق مناخ سياسي متوتر يدعم موقف الأطراف السياسية المحلية الرافضة لإجراء الانتخابات في موعدها.
وقال عضو مجلس النواب علي العيساوي إن “ما يمكن تأكيده أن الانتخابات لن تجري في موعدها المحدد في الرابع والعشرين من ديسمبر، البرلمان وأعضاؤه يرون أن العملية الانتخابية حادت عن مسارها المرسوم لها”.
وأضاف العيساوي في تصريح لـ”العرب” أن “البرلمان كان دائما داعما لإجراء الانتخابات في موعدها لكن نتيجة التطورات الأخيرة المترتبة عن حرب الطعون وما حدث في القضاء، وما قامت به بعض الأطراف الرافضة للانتخابات وانعدام الثقة سواء في الشرق أو في الغرب أثر على مجريات العملية الانتخابية إضافة إلى عدم اتفاق الأطراف الدولية حول إجراء الانتخابات في موعدها”.
وأوضح أن الانقسام الموجود حاليا في ليبيا لن يسمح بإجراء الانتخابات، مشيرا إلى أنه “قد يتم إطلاق خارطة طريق جديدة تتفق عليها القوى السياسية وذلك يترتب عليه تأجيل الاستحقاق الانتخابي الذي يشكل قفزة نحو المجهول وقد يجر البلاد إلى مربع الصراع مجددا”.
وتأتي هذه التطورات في وقت يستمر فيه تباين مواقف المجتمع الدولي إزاء الانتخابات الليبية قبل ثلاثة أسابيع من موعد إجرائها.
وعادت تركيا إلى دعم الانتخابات بعد أيام من عودة رئيس حكومة تصريف الأعمال عبدالحميد الدبيبة إلى السباق الرئاسي بحكم قضائي ما يعكس مراهنتها عليه لتولي الرئاسة في المرحلة المقبلة خاصة بعد أن بات يحظى بشعبية واسعة في الغرب الليبي بعد إطلاقه حملة دعائية واسعة النطاق.
وأكد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن أن تركيا تؤيد إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، موضحا أن بلاده ترى أنه في حال تأجيل الانتخابات يجب توضيح الأسباب بشفافية للرأي العام والإعلان عن خارطة طريق محددة بخصوص السباق الانتخابي.

وشدد الأحد على أن “تركيا تعتقد أن ذلك مهم جدا من ناحية شرعية الحكومة القائمة وسلامة الخطوات التي سيتم اتخاذها حتى موعد إجراء الانتخابات”.
وفي المقابل، لا تزال روسيا متحفظة إزاء إجراء الانتخابات في موعدها خاصة في ظل عدم تثبيت ترشح سيف الإسلام القذافي رغم عودته إلى السباق بحكم قضائي صادر عن محكمة الاستئناف بسبها.
وينبع التخوف الروسي من استئناف المفوضية العليا للانتخابات ضد القرار الصادر لمصلحة القذافي.
ومؤخرا ذكر تقرير لمجلة فورين بوليسي الأميركية استعمال روسيا فيتو ضد تعيين بريطانيا مبعوثا جديدا إلى ليبيا بعد أسابيع من استقالة المبعوث الحالي يان كوبيتش المقرب من موسكو بشكل مفاجئ وهو ما يعكس عدم تحمس موسكو للاستحقاق الانتخابي.
وتبدو فرنسا بصدد مراجعة موقفها من الانتخابات وذلك انطلاقا من تقارير في وسائل إعلام فرنسية تحذر من أن تدهور الوضع الأمني لا يسمح بإجراء الانتخابات كما أنه سيؤثر على النتائج في حال تمسك الفاعلون الدوليون بإجرائها.
لكن الولايات المتحدة لها رأي آخر حيث لا تزال تدعم بقوة إجراء الانتخابات في موعدها، وهددت في وقت سابق بفرض عقوبات مالية ومنع السفر على الأفراد الذين يتسببون في عرقلة إجراء الاستحقاق المذكور في موعده.