معرض "نحاتات مصر" قاعة افتراضية تفاعلية

تجارب نحتية نسوية مستوحاة من الحشرات التي تقطع خيوط العنبكوت، بتقنيات جديدة تُلائم المتغيرات الاستثنائية الطارئة.
الجمعة 2020/04/03
بين التزويق والفن جماليات حسية لا تُتقنها إلاّ الأنثى

بعد افتتاح معرض جماعي مهم للنحاتات المصريات المعاصرات أمام الجمهور في عدة أيام، أقدم الغاليري الذي يستضيف الأعمال في القاهرة على تجربة جديدة، بإغلاق القاعة وتحويل مسار المعرض في أسبوعه الثاني إلى البث الافتراضي عبر السوشيال ميديا.

القاهرة – بالفن يمكن أن يتحوّل حصار فايروس كورونا المُستجدّ، المفروض على سائر الفعاليات الثقافية والفنية في مصر وأغلبية دول العالم، إلى خيوط عنكبوت واهية. فالتجمعات البشرية المحظورة من الممكن الاستعاضة عنها بلقاءات في العالم الافتراضي، عبر الإنترنت وصفحات السوشيال ميديا، لتظل القوة الناعمة مُؤدية دورها في توجيه رسالتها ومخاطبة المتلقي.

من هذا المنطلق الإيجابي، حرص معرض “أرواح” للنحاتات المصريات الشابات بغاليري “مجدوب ديزاين ستوديو” في القاهرة، المقرّر أن يستمر حتى 9 أبريل الجاري، على استكمال أيام انعقاده المقبلة بتقنيات جديدة تُلائم هذه المتغيرات الاستثنائية الطارئة، فأغلق الغاليري أبوابه.

لكنه فتح نوافذه الضوئية إلكترونيّا في فضاء أرحب، ليتّسع لزوّار من أيّ مكان في مصر وخارجها. وذلك من خلال صور الأعمال ثلاثية الأبعاد وفيديوهات يومية للفنانات المشاركات للحديث عن تجاربهنّ، بما يُعدّ مبادرة نوعية تستحق التحليل في هذا المجال البصري المؤثر، تحت وطأة كورونا والعزل المجتمعي الراهن.

وأوضح المجدوب أن إدارة الغاليري أطلقت هذه المبادرة تحت شعار “خليك في البيت”، حرصا على سلامة زوّار المعرض، على أن يُعاد النظر في فترة الإغلاق تبعا للمُتغيّرات. وقال موضحا “ننشر يوميا لقطات لجوانب من المعرض، بالإضافة إلى أعمال الفنانات المُشاركات، وفيديوهات يتحدّثن فيها عن تجاربهنّ الفنية، وهي محاولة لإتاحة الفرصة لزيارة افتراضية آمنة، لحين انتهاء فترة العزل”.

لم تمرّ سوى أيام قليلة على بدء هذه التجربة، ولا يزال حجم التفاعل معها محدودا على الصفحة الرسمية للغاليري على فيسبوك، بما يعني أن الجانب الترويجي والتسويقي يبدو أقلّ من المأمول. لكنه أمر مُتوقّع كون العرض بهذه التقنية غير مألوف للمتلقي، ومثل هذه الخطوة الأولى على أيّ حال أفضل من الإغلاق النهائي للغاليري، في ظل تعليق الفعاليات الثقافية الجماعية.

طموحات فنية

 تركيز على ثيمة "الكائنات الحية"
 تركيز على ثيمة "الكائنات الحية"

من الوجهة الفنية، رسمت أعمال المُبدعات المُشاركات ملامح النحت النسائي بمصر في الآونة الأخيرة، من حيث الحساسية الفنية وطبيعة الخامات وطواعيتها وحجمها وتكلفتها وقابليتها للتسويق. وأثبت المعرض الجماعي خصوصية النحت لدى المرأة واختلافه النوعي عن مثيله لدى الرجل.

ومن خلال ثيمة “الكائنات الحية”، ركّزت الفنانات على “الحشرات”، كونها أكثر ملاءمة لسمات النحت النسوي، إذ تميل المرأة النحاتة عادة إلى اشتغال مُجسّمات صغيرة الحجم، لا تتطلّب قوة عضلية وبدنية، ولا معدّات ثقيلة، ولا تحمّلها تكلفة اقتصادية عالية غير متاحة لها، ويمكن إنجازها في المنازل دون الحاجة إلى ورش خاصة، وفي الوقت نفسه يسهل نقلها وتسويقها بمرونة بخلاف الأعمال الضخمة. كما أنها عادة من خامات طيّعة، ليُمكن للمرأة التعامل معها بحساسية ورهافة وفيوضات شعورية، فمجال تفوّق المرأة في فورانها العاطفي والفني.

تنوّعت تجارب الشابات المصريات في منحوتاتهنّ الدقيقة من الخشب والبرونز والرخام والطين الأسواني والنحاس والقصدير والفايبر وغيرها، وحرصت الفنانات على ارتياد حقول التجريب في أعمال امتزجت فيها أكثر من خامة، وأكثر من حشرة معا أو أجزاء من حشرات مُتعدّدة، في التكوين الواحد.

من أبرز المبدعات المشاركات: رهام أبوالعز، هبة أبوالعلا، إسراء حاتم، إنجي بركات، شروق هلال، مريم الكسباني، يوستينا فهمي، سمر مجدي، منة إسكندراني، ميسون الزربا، ريم أسامة، سارة سمير، لينا المجدوب ووئام علي. وقد بثّت صفحة الغاليري فيديوهات تعريفية بكل فنانة، إلى جانب لقاءات مصوّرة معهنّ حول أعمالهنّ الفنية في ميدان النحت الشائك.

ومن الخامات النادرة التي استعملتها الفنانات في أعمالهنّ المبتكرة الصخر الملحي، كما لدى النحاتة إسراء حاتم، بما سمح بحوار حميم بين الفنانة والخامة، وبإمكانية إيجاد صيغة للتفاعل بين الضوء والكتلة. ولجأت بعض الفنانات إلى إعادة التدوير، بما سمح لهنّ بالتعامل مع خامات لا حصر لها مُتوفّرة في البيئة المحلية.

واتجهت فنانات أخريات إلى تقنية المزج، كما في أعمال النحاتة هبة أبوالعلا، التي جمعت بين خامات النحاس والقصدير والفايبر في تكوين واحد، كما دمجت أكثر من حشرة وكائن حي في عمل مركّب، كذلك الذي استوعب حركة الدودة مع الجعران وذيل العقرب. وفي عمل آخر صمّمت بيت حشرة مع التركيز على المُتغيّرات التي طرأت على المكان الآمن عند اقتراب إحدى العناكب الخطيرة.

17