معجونون من النسيان
كان هذا المقال سيكون مختلفا تماما لولا أني نسيت فكرته الأصلية.
حاولت التذكر ولم أفلح..
أصبح إسقاط الأشياء من ذاكرتي عادة سيئة جدا حتى أني أصبحت أنسى كل شيء تقريبا.
هي حيلة جيدة دربت نفسي عليها كي أنسى ما أريد حتى تطوّر الأمر إلى نسيان ما لا أريد.
يجادل كثيرون بأن الذكريات تجعلنا ما نحن عليه. إنها تشكل فهمنا للعالم وتساعدنا بكل تأكيد على توقع ما هو قادم. ولأكثر من قرن من الزمان، عمل الباحثون على فهم كيفية تكوين الذكريات ثم الاحتفاظ بها لنتذكرها في الأيام أو الأسابيع أو حتى السنوات التالية. لكن ربما كان هؤلاء العلماء ينظرون إلى نصف الصورة فقط. لفهم كيف نتذكر، يجب علينا أيضا أن نفهم كيف ولماذا ننسى.
حتى ما يقرب من عشر سنوات مضت، اعتقد معظم الباحثين أن النسيان هو عملية سلبية تتحلل فيها الذكريات غير المستخدمة بمرور الوقت مثل الصورة التي تُترك في ضوء الشمس. لكن بعد ذلك، بدأ عدد قليل من الباحثين الذين كانوا يحققون في الذاكرة في الخروج بنتائج بدت وكأنها تتناقض مع هذا الافتراض الذي مضت عليه عقود. بدأوا في طرح الفكرة الجذرية بأن الدماغ بُني لينسى.. نحن ننسى لأننا نريد أن ننسى غالبا بعض النسيان متحكم به من أجل منعنا من الانغماس في تجاربنا المرّة ربما.. ما هي الذاكرة أصلا دون نسيان؟ بالنسبة إلى حالتي يبدو أنه وجب عليّ السيطرة قبل أم يصبح النسيان زهايمر.
بعد نسيان فكرة مقالي، وجدتني أفكر كم من الأفكار نسيها أصحابها، عن قصد أو دونه، بعضها أفكار سيئة تستحق القبر في أعماق الذاكرة، لكن قد تكون الأخرى جيدة أو عبقرية ولا أزعم طبعا أن فكرتي المنسية منها.
إن الفكرة ليست واحدة أبدا إنها آلاف من الأجزاء الصغيرة، المنتقاة بعناية والمصقولة، التي تتناسب مع بعضها مثل الفسيفساء لتشكيل صورة كاملة. الفكرة جمع لهذه الشظايا قد يحصل أن تسقط شظية فتأتي الفكرة مشوهة أو تنسى كلها كأنها لم تكن.
لكن ما الذي يجعل فكرة ما جيدة بل عظيمة أحيانا وأخرى سيئة لا تستحق التقدير. ما الذي يجعل فكرة ما تلفت انتباهنا، وتسرع دقات قلوبنا، وتثبت في ذاكرتنا؟ من السهل إصدار حكم بشأن ما إذا كانت الفكرة جيدة والقول إنها تبدو مميزة حقا، ولكن من الصعب تحديد سبب ذلك.
