مصر حريصة على الانفتاح على السلطة الإسرائيلية الجديدة

عبدالفتاح السيسي في أول اتصال هاتفي مع بينيت: إعمار غزة ضرورة لتثبيت الهدنة.
الثلاثاء 2021/06/29
آمال الغزيين معلقة على مصر في الإعمار

يعكس الاتصال بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت اهتماما مصريا بالانفتاح على السلطة الإسرائيلية الجديدة لما لذلك من أهمية استراتيجية بالنسبة إلى القاهرة، ومنها ما يتعلق بالملف الفلسطيني الذي تحرص على الإمساك بكافة خيوطه.

القاهرة – أجرى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الاثنين اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، أبدى من خلاله حرصه على دفع التعاون الثنائي قدما، وتعزيز الاستقرار من خلال العمل على إزالة فتيل أي توتر قد ينفجر في قطاع غزة.

وهذا أول اتصال هاتفي للرئيس السيسي مع بينيت الذي تولى رئاسة الحكومة الإسرائيلية في منتصف يونيو الجاري، بناء على اتفاق تناوب مع زعيم “يش عتيد” الوسطي يائير لبيد، أنهى من خلاله حقبة طويلة من تربّع زعيم الليكود بنيامين نتنياهو على عرش السلطة في إسرائيل.

وقالت الرئاسة المصرية في بيان إن الرئيس السيسي أكد لرئيس وزراء إسرائيل الجديد على أهمية دعم الجهود المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة بعد قتال دار هناك الشهر الماضي.

وأضاف بيان الرئاسة أن السيسي شدد على “دعم مصر لكافة جهود التوصل إلى حلّ عادل ودائم بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وصولا إلى تحقيق سلام شامل بالشرق الأوسط”.

وتابع البيان “كما شدد الرئيس على أهمية الحيلولة دون تصاعد التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكذا أهمية دعم الجهود المصرية لإعادة الإعمار بالمناطق الفلسطينية”.

وأفاد بيان من مكتب بينيت بأن الزعيم الإسرائيلي شكر مصر على دورها في التوسط لوقف إطلاق النار الذي أنهى القتال وعلى توسطها من أجل العثور على إسرائيليين فقدوا أو اعتقلوا في غزة. لافتا إلى أن الجانبين سيعملان على ترتيب لقاء بينهما في وقت قريب.

السلطات الإسرائيلية سمحت الاثنين بعبور ثماني شاحنات محملة بأكثر من "300 ألف لتر" من الوقود إلى قطاع غزة

ويقول متابعون إن الاتصال الهاتفي الذي جرى بين السيسي وبينيت يعكس حرصا مصريا على الانفتاح على السلطة الإسرائيلية الجديدة، وقد سبقه تواصل بين وزير الخارجية سامح شكري ونظيره الإسرائيلي يائير لبيد، مشيرين إلى أن الاتصالات على المستوى الأمني لم تنقطع بين الجانبين، لاسيما لجهة التنسيق بشأن سبل تثبيت اتفاق التهدئة في قطاع غزة.

وكان وفد أمني رفيع المستوى، بقيادة نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي نمرود شفير، زار القاهرة الأسبوع الماضي، حيث التقى مدير جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل، لبحث الرؤية المصرية بشأن هدنة طويلة مع الجيب الفلسطيني المحاصر.

ونجحت القاهرة في التوصل إلى وقف إطلاق نار بين إسرائيل وحركة حماس في الـ21 من مايو الماضي، بعد 11 يوما من أخطر تصعيد بين الطرفين منذ حرب 2014.

وتدفع مصر حاليا باتجاه تثبيت هذا الاتفاق، من خلال حلحلة القضايا الخلافية المتعلقة بإعادة الإعمار والأسرى، حيث تصر تل أبيب على ربط الملفين معا وهو ما ترفضه حركة حماس بشدة.

وكشفت مصادر مطلعة في وقت سابق أن مصر نجحت في كسر الجمود الحاصل، من خلال التوصل إلى اتفاق أولي بشأن رفع القيود التي فرضتها إسرائيل على القطاع، والعودة إلى ما قبل 10 مايو الماضي.

وبالفعل استأنفت إسرائيل الاثنين إدخال الوقود، الخاص بتشغيل محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة. وقال مصدر في هيئة المعابر في غزة، إن السلطات الإسرائيلية سمحت بعبور ثماني شاحنات محملة بأكثر من “300 ألف لتر” من الوقود، فيما يتوقع دخول عدد آخر من الشاحنات خلال الأيام القادمة.

Thumbnail

ويرى مراقبون أن المرونة التي أبدتها تل أبيب والتي توجت باتصال هاتفي بين السيسي وبينيت، لا تعني أن مسألة إعمار غزة ستجري بسلاسة، حيث إن الحكومة الإسرائيلية الجديدة لا تزال على موقفها لجهة ربط المسألة باستعادة جنديين مفقودين في حرب غزة 2014 وكذلك استعادة مدنيين تسللا كلّا على حدة إلى القطاع.

في المقابل تصر حماس التي لم تذكر تفاصيل عن وضع الإسرائيليين الأربعة بأن المحادثات الخاصة بهم يجب أن تُبنى على أساس مبادلتهم بفلسطينيين مسجونين في إسرائيل لا بالمساعدات. ويعارض رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد منذ مدة طويلة إخلاء سبيل سجناء من النشطاء الفلسطينيين.

ويشير المراقبون إلى أن إسرائيل لا تزال تنتظر ضمانات بشأن سبل الحيلولة دون وقوع المساعدات وأموال إعادة الإعمار في أيدي حماس، وتشاركها في ذلك الإدارة الأميركية.

وتريد إدارة بايدن إشراك الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يحظى بدعم دولي في إعادة الإعمار في غزة. لكن عباس ليس له نفوذ في غزة منذ انتزعت حماس السيطرة على القطاع في العام 2007.

وقال ناجي سرحان نائب وزير الأشغال العامة والإسكان إنه ستمر شهور قبل أن يتوصل الوسطاء إلى آلية عملية للتمويل.

وأضاف سرحان الذي شارك في محادثات تجري في القاهرة، إنه سيتم رفع الركام المتخلّف من القتال خلال مايو بنهاية يوليو “وأعتقد أننا سنشهد خلال ثلاثة شهور بداية إعادة إعمار غزة وخاصة المباني وبنية الطرق التحتية. هذا هو ما نسمعه”.

وكشف سام روز المسؤول عن شؤون غزة في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن الوكالة أطلقت حملة حجمها 162 مليون دولار من أجل خطط توفير مساعدات سريعة من بينها مساعدات إنسانية للأسر النازحة.

وعندما سئل روز عن الموعد الذي يمكن أن تبدأ فيه إعادة البناء قال “لا يمكنني أن أذكر إطارا زمنيا في الوقت الحالي. فهذا يعتمد على حقائق خارجة عن سيطرتي”.

وتسعى مصر من خلال تثبيت وقف إطلاق النار وإطلاق ورشة الإعمار التأكيد على إمساكها بكافة خيوط الملف الفلسطيني، الذي حاولت العديد من القوى الإقليمية الاستثمار فيه على مدى السنوات الماضية.

وتعهدت كلّ من مصر وقطر بمبلغ 500 مليون دولار لإعادة إعمار قطاع غزة الذي يعتمد ثلثا سكانه البالغ عددهم نحو مليوني نسمة على المساعدات.

ودمر 2200 منزل ولحقت أضرار بنحو 37 ألف منزل بسبب الضربات الجوية الإسرائيلية على مدى 11 يوما من القتال عبر الحدود. وتفرض إسرائيل حصارا أمنيا على القطاع يقيد الصادرات والواردات منه وإليه.

Thumbnail
2