مصر تُغري النساء بامتيازات وظيفية ومالية لكفالة الأطفال

تعمل الحكومة المصرية على غلق جميع مؤسسات رعاية الأطفال بنهاية عام 2025 لتحل مكانها الأسر الكافلة، لذلك بادرت بوضع العديد من التسهيلات لتذليل المعوقات الإدارية والمالية والنفسية أمام النساء الراغبات في الكفالة. وستحصل السيدة العاملة التي تكفل طفلا يتيما على نفس الإجازات المقررة للأم الطبيعية، كما ستحصل على بطاقات دعم تمويني للصغير وإعفاء من مصروفات التعليم إلى حين التخرج في المدرسة أو الكلية.
القاهرة - ضاعفت الحكومة المصرية من المزايا والعطايا الممنوحة للنساء الراغبات في كفالة الأطفال مجهولي النسب أو غيرهم من المدرجين على قوائم دور الرعاية الاجتماعية، في توجه يستهدف توسيع مهام العائلات الكافلة ودمج الصغار أسريا، مع مساعدة المرأة التي ترغب في كفالة طفل ماليا ووظيفيا لرفع العبء عنها.
ووافق مجلس الوزراء المصري مؤخرا على تعديل قانون الطفل الصادر قبل 27 عاما، بمنح المرأة العاملة في الجهاز الإداري للدولة أو القطاعين العام والخاص، حال كفالتها أو حضانتها طفلا، ذات الحقوق المتعلقة بالأم الطبيعية لتشجيع كفالة الصغار من خلال منح الأم البديلة نفس المزايا لتسهيل مهمتها في التربية.
وستحصل السيدة العاملة التي تكفل طفلا على نفس الإجازات المقررة للأم الطبيعية، وهي معضلة كانت تواجه العديد من النساء المصريات اللاتي يرغبن في كفالة صغار لا تتجاوز أعمارهم بضعة أشهر، لكن الحكومة تداركت تلك المشكلة وقررت تفرّغ السيدات لتربية صغارهن المكفولين.
ولا ترغب الحكومة في أن تكون الأعباء المالية والوظيفية عائقا أمام توسيع دائرة كفالة الأطفال، لأن بعض النساء العاملات لم ينجبن أو لا يرغبن في الزواج والإنجاب، ولديهن الحافز لكفالة الصغار والتعامل معهم كأبنائهن، لكن يواجهن مشكلة دقيقة في مسألة التفرغ للتربية، خاصة في الشهور الأولى من حياة الأطفال.
وأصبحت المزايا الممنوحة للنساء العاملات أو أي امرأة ترغب في كفالة طفل يتيم أو مجهول النسب موجود بدار رعاية اجتماعية تشمل توفير بطاقات دعم تمويني للصغير وإعفاء من مصروفات التعليم إلى حين التخرج في المدرسة أو الكلية، وتخصيص أماكن إقامة في المدن الجامعية مجانا.
ولن تواجه الأمهات الكافلات أزمة في السكن مستقبلا، حيث ستخصص الحكومة لهن نسبة من الوحدات السكنية التي تنشئها الدولة للأبناء الذين يتم كفالتهم، مع إتاحة استقلالهم المواصلات مجانا في وسائل النقل العامة، من مترو الأنفاق والسكة الحديد والأتوبيسات.
وإذا أرادت السيدة الكافلة أن توفر للطفل بيئة ترفيهية لن تواجه معضلة مالية، لأن الحكومة قررت أن يتم إعفاء المكفولين من اشتراكات ورسوم النوادي والمتنزهات وعضوية المراكز الرياضية، وطالما أن الطفل مدرج على اسم أم كافلة، فإنه سيتمتع بخدمات التأمين الصحي كاملة.
ويبدو أن الحكومة حسمت موقفها من ملف الأطفال الأيتام ومجهولي النسب، فهي لم تعد ترغب من المرأة أو الأسرة الكافلة سوى التربية الصحيحة لهم، ورعايتهم والحفاظ عليهم، على أن تقوم مؤسسات الدولة بتوفير احتياجاتهم التعليمية والصحية والترفيهية والسكنية مستقبلا.
وتدرك الحكومة المصرية أنه أمام تدهور المستوى المعيشي للكثير من العائلات، وتدني رواتب الكثير من الموظفين في القطاعين العام والخاص، أو حتى أمام مقدرتهم المادية نسبيا لن يتمكنوا من كفالة أطفال قد يتسببون في زيادة الأعباء عليهم، ولا بديل عن تحمل الدولة لهذا العبء نظير دمجهم.
وتتحرك وزارة التضامن الاجتماعي في مصر من خلال إستراتيجية تعتمد على توسيع دائرة الكفالة، بهدف التخفيف عن دور الرعاية، لأنه مهما كانت عناية المؤسسات التي تقوم بدور إنساني وتربوي، فهناك حلقة فارغة مطلوب ترميمها من خلال تنشئة الطفل داخل أسرة مستقرة وعبر امرأة توفر له الأمومة المفقودة.
وتملك الحكومة خطة قائمة على غلق جميع مؤسسات رعاية الطفل بنهاية عام 2025، لتحل مكانها أسر كافلة، وترغب في تذليل المعوقات الإدارية والمالية والنفسية أمام العائلات أو النساء الراغبات في الكفالة لتحقيق الهدف الذي يصبون إليه، ومن المهم أن يجد الطفل بيئة وأسرة مناسبة لاستيعابه.
ويرى متخصصون في شؤون الطفل أن التسهيلات الحكومية الممنوحة للنساء الراغبات في كفالة الأيتام ومجهولي النسب تمثل نقطة تحول مهمة في ملف الأطفال المدرجين على قوائم المؤسسات الاجتماعية، على اعتبار أن السيدات هن الفئة الأكثر قبولا للكفالة، خاصة إذا كن عازبات أو لا ينجبن أو لم يتزوجن.
وقال أحمد مصيلحي رئيس شبكة الدفاع عن الطفل المصري إن منح المرأة العاملة نفس حقوق الأم الطبيعية طالما كفلت طفلا، سوف يزيد من معدلات الكفالة، ويسهل مهمة تنشئة الصغار في بيئة صحية، بما يمكنهم مستقبلا من الاندماج في المجتمع، لأن العبء الوظيفي كان عائقا أمام تحقيق الكفالة.
وأضاف لـ”العرب” أن الأهم من الإغراءات الحكومية المرتبطة بالكفالة أن يتم تثقيف المجتمع نفسه بنظام الاحتضان لأطفال المؤسسات الاجتماعية، ووضع قواعد صارمة تضمن أن الصغير تمت كفالته من جانب شخص سوي وأسرة مستقرة، مع التشدد في رقابتهم نفسيا وسلوكيا وصحيا بعد الكفالة.
◙ المزايا الممنوحة للراغبات في كفالة طفل يتيم أو مجهول النسب تشمل توفير بطاقات دعم تمويني للصغير وإعفاء من مصروفات التعليم
وأكدت العقوبات التي صادق عليها مجلس الوزراء تجاه أيّ شخص يهمل في تربية ورعاية الطفل المكفول أن الدولة لا ترغب في التضحية بهؤلاء الصغار على حساب توسيع قاعدة الكفالة وتنفيذ خطة غلق مؤسسات الرعاية، لأن التسهيلات الممنوحة للمرأة والأسر كانت محل ريبة وتشكك.
وحسب التعديلات القانونية التي صدرت قبل أيام، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن ستة أشهر، كل من سُلم إليه طفل وأهمل في أداء أحد واجباته، إذا ترتب على ذلك ارتكاب الصغير جريمة أو تعرض للخطر، مع تغليظ العقوبة إذا كان الخطر ناشئا عن إخلال في الواجبات.
وباتت الكفالة تتم عبر تقديم طلب إلكتروني لتحفيز الراغبين في حضانة الأطفال بعيدا عن الإجراءات الروتينية، بما يوفر أجواء عائلية هادئة للصغار لأن إقامة الطفل وسط أسرة أفضل اجتماعيا ونفسيا وسلوكيا من العيش في مؤسسة للرعاية الاجتماعية، وهو ما تعمل الحكومة على تحقيق التوازن بشأنه.
ويتاح للمرأة التي ترغب في كفالة طفل تحديد مواصفاته والاطلاع عليه إلكترونيا لمعرفة السن والبيئة التي كان يعيش فيها قبل دخوله دار الرعاية عبر قاعدة بيانات متاحة من جانب وزارة التضامن الاجتماعي تحوي كل ما يخص الطفل، وما إذا كان من مجهولي النسب أو يتيما أو من أطفال الشوارع.
وأكد مصيلحي أن المزايا العديدة التي تحصل عليها العائلات الكافلة لا تزال بحاجة إلى جهود مكثفة لتوصيلها إلى الناس، مع نسف المعتقدات الخاطئة بشأن تحريم الكفالة وربطها بالتبني، ما تسبب في اقتناع البعض بأنها من المحرمات الدينية، وهذا لا يجب الصمت عليه أو التراخي في الرد عليه بحسم.
ويصر البعض من رجال الدين المتشددين على تبني رؤية شاذة بشأن كفالة الأطفال، لاسيما من جانب النساء، حيث يروجون أن احتضان المرأة لطفل غريب وتربيته حرام شرعا، كونه قد يطلع على جسدها، رغم أنه يحل له الزواج منها، وهي نظرة جنسية تتجاهل الأبعاد الإنسانية والاجتماعية للأطفال.