مصر تمضي في معركة تسوية الملف الأسود للأراضي المنهوبة

تحث الحكومة المصرية الخطى لإنقاذ اقتصاد البلاد المتعثر عبر البحث عن موارد مالية جديدة، في ظل تراجع مؤشرات إنتاج عدة قطاعات حيوية، وذلك من خلال استئناف بيع أراضي الدولة المنهوبة التي تعدى عليها الأفراد دون سند قانوني.
الاثنين 2016/09/05
فرض الأمر الواقع

تستعد لجنة استرداد أراضي الدولة لعقد المزاد الثاني في أكتوبر المقبل، الذي ستشرف عليه هيئة الخدمات الحكومية لطرح نحو 2.5 ألف فدان من مساحات من الأراضي المتعدى عليها من طرف الأفراد والشركات.

وكشف تقرير الأمانة الفنية للجنة استرداد أراضي الدولة في مصر عن ارتفاع المساحات المستردة إلى نحو 58 ألف فدان، بينها 6500 فدان مملوكة لهيئة المجتمعات العمرانية، وأكثر من 51 ألف فدان تابعة لهيئة التنمية الزراعية.

وبلغت حصيلة المزاد الأول حوالي 18.5 مليون دولار من خلال بيع نحو ألف فدان من الأراضي الواقعة على الطريق الرابط بين القاهرة والإسكندرية.

وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد أصدر قرارا بتشكيل لجنة خاصة باسترداد أراضي الدولة، في إطار حملات الحرب على الفساد، بقيادة رئيس الحكومة السابق إبراهيم محلب مساعد الرئيس للمشروعات القومية والاستراتيجية حاليا.

ويهدف تشكيل تلك اللجنة إلى مواجهة عمليات الفساد التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية، في تخصيص مساحات كبيرة من الأراضي لغيـر مستحقيها، على أن يتم توريد حصيلة عمليات البيع إلى حساب باسم “حق الشعب” في البنـك المركزي المصري.

أيمن جوهر: المزاد الأول كان ناجحا من حيث الإيرادات وتم إيداع الحصيلة لحساب حق الشعب

وتسعى اللجنة إلى جمع قرابة 100 مليار جنيه (10 مليار دولار) قيمة مبدئية لحصيلة الأراضي التي جرى الاستيلاء عليها بطرق غير قانونية.

وأبدى اقتصاديون مخاوف حيال الدور الذي تقوم به اللجنة وما تنوي القيام به من مزادات، لأنها يمكن أن تتسبب في رفع أسعار الأراضي بشكل كبير، يتنافى مع الهدف الرئيسي، وهو استصلاح وتعمير الأراضي الجديدة.

وأعادوا إلى الأذهان سيناريو عام 2006 عندما أعلن أحمد المغربي، وزير الإسكان الأسبق عن مزادات لبيع الأراضي لشركات الاستثمار العقاري، ما تسبب في ارتفاع الأسعار لمستويات غير مسبوقة.

وأفضت الظاهرة حينها إلى موجة تضخم كبيرة في أسعار العقارات، وقامت بعض شركات العقارات بطرح أسهمها فى البورصة، عقب الإعلان عن تلك المزادات وتم تحديد أسعار الاكتتاب في أسهم الكثير من الشركات بقيم عالية غير حقيقية، بسبب ارتفاع أسعار الأراضي.

ويرى خبراء أن الحكومة المصرية لجأت إلى تقنين الأراضي، للحد من ظاهرة انتشار الفساد على هذا المستوى، الذي تحول إلى ظاهرة أضاعت على الدولة أموالا طائلة.

ويعتقد مدحت نافع، خبير الاستثمار والتمويل أن بيع أراضي الدولة خطوة غير صحيحة، بل إنها تعد تخلصا من الأصول بشكل غير اقتصادي.

وقال في تصريحات لـ”العرب” إنه “من الأفضل استغلال تلك الأصول، وإعادة استثمارها بشكل يدر عائدا أفضل للبلاد بدلا من عمليات البيع العشوائي”.

مدحت نافع: طريقة بيع الأراضي للتخلص من الأصول غير مدروسة والأفضل استغلالها

وأعرب الخبير عن مخاوفه من تكرار عمليات التخلص غير المدروس في بيع الأصول، كما حدث في أوقـات سابقة، في بـداية عهد خصخصة الشركات التـابعة للحكومة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.

وبدأ برنامج التخلص من الشركات الحكومية في مصر عام 1991 والبالغ عددها نحو 314 شركة، وتم التراجع عنه بدءا من عام 2005 وأطلق عليه برنامج إدارة أصول الدولة، وليس بيع الأصول.

وأكد أيمن جوهر رئيس الهيئة العامة للخدمات الحكومية، الجهة المسؤولة عن بيع الأصول المملوكة للدولة، أن مزاد الأراضي الأخير كان ناجحا، من حيث الإيرادات المتوقعة.

وأوضح لـ“العرب” أن الهيئة العامة للخدمات كانت تتوقع أسعارا أقل من الأسعار التي انتهى إليها المزاد الأول، ونحن “راضون تماما عن هذه المستويات، التي تحفظ حق الدولة”. وأشار إلى أنه تم توريد حصيلة عمليات البيع لحساب “حق الشعب” على الفور بغرض استخدامها في المجالات التي تحقق عوائد مباشرة للأفراد في الخدمات المختلفة.

وفي هذه الأثناء، لفت أحمد أيوب المتحدث الرسمي باسم لجنة استرداد أراضي الدولة إلى أن عمليات حصر أراضي الدولة المتعدى عليها مستمرة. وقال لـ“العرب” إنه “فور الانتهاء من الحصر سيتم الإعلان عن الرقم النهائي لحصيلة الأراضي التي جرى استردادها”.

ولا تزال اللجنـة تنـاقش عـددا مـن التقارير حاليا حـول الأراضي المتعدى عليهـا، منها تقرير قـدمه المستشار عماد عطية، رئيس محكمة استئناف القاهـرة حول مساحات جديدة من أراضى الدولة المعتدى عليها تبلغ نحو خمسة آلاف فدان بطريق مصر الإسماعيليـة ومسـاحة أخـرى تتجاوز 4.2 ألف فدان مـوزعة على ثـلاث منـاطـق في طـريق القـاهرة- الإسكندرية. وتبحث اللجنة إمكانية الاستفادة من أراضي مزارع الرياح في محافظة المنيا الواقعة جنوب العاصمة، في النشاط الزراعي، حيث تبلغ مساحتها أكثر من 32 ألف فدان يمكن أن تضيف عائدا كبيرا للاقتصاد، إذا تم استغلالها بجانب توربينات الرياح.

وتتم دراسة هذا المقترح مع هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، ويحتاج الأمر إلى موافقة الشركات الأجنبية المنفذة لمزارع إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح.

10