مصر تغلق معبر رفح لمنع حماس من مغامرة حرب جديدة

حماس لا ترى جدوى في استمرار التهدئة مع إسرائيل، وهو ما جعل القاهرة تلجأ إلى توظيف الجغرافيا السياسية للضغط عليها في غزة.
الثلاثاء 2021/08/24
المعبر.. ورقة ضغط بيد مصر

القاهرة– تحاول مصر تهذيب سلوك حركة حماس عن طريق معبر رفح بعدما صارت تحركاتها الأخيرة تشكل تهديدا للوساطة التي تقوم بها القاهرة لمنع خرق اتفاق وقف إطلاق النار.

وكشفت مصادر فلسطينية لـ”العرب” أن قرار مصر إغلاق معبر رفح الاثنين حتى إشعار آخر ينطوي على رسالة إلى حماس يفيد فحواها بأن هناك انزعاجا من توجهها نحو زيادة وتيرة التحركات العسكرية تجاه إسرائيل بما يؤدي إلى اندلاع حرب جديدة.

وأضافت المصادر ذاتها أن قرار الإغلاق جاء بعد أن وصلت إلى القاهرة معلومات تفيد بأن الحركة تجد في التصعيد وسيلة للهروب إلى الأمام ومحاولة للخروج من مأزقها الحالي أمام المواطنين، حيث أفضى تشددها في الكثير من الملفات الحيوية إلى زيادة الأزمات في القطاع وتوجيه الاتهامات إليها مباشرة.

وأعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية التابعة لحركة حماس إياد البزم الأحد أن مصر أبلغت السلطات في القطاع بأنها ستغلق معبر رفح البري الذي يربط بين غزة وسيناء في كلا الاتجاهين بدءا من الاثنين.

أيمن الرقب: القاهرة سعت إلى إيجاد أرضية إيجابية لحلحلة العديد من الملفات الشائكة

وطبقا لمصادر مصرية تم الإغلاق لأسباب أمنية عقب تصعيد جرى السبت الماضي بين إسرائيل وحماس، حيث قصفت طائرات إسرائيلية مواقع في غزة، الأمر الذي سبقه تبادل لإطلاق النار عبر الحدود بين الجانبين.

ولم تصدر بيانات رسمية من القاهرة بشأن مدة الإغلاق المتوقعة، في إشارة إلى أن القرار النهائي يرتبط بمدى انضباط سلوك حماس.

وقررت القاهرة فتح معبر رفح قُبيل وقف إطلاق النار في قطاع غزة في الحادي والعشرين من مايو الماضي لإرسال مساعدات إنسانية والسماح للجرحى في القطاع بتلقي العلاج في مصر بعد 11 يوما من الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية.

وكانت القاهرة تعتقد أن نجاح وساطتها في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار سيقود إلى تهدئة طويلة الأمد في غزة تسمح بإعادة ترتيب أوضاع القطاع والحد من الانقسام بين القوى الفلسطينية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإفساح المجال لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

وجاءت النتائج بما يتعارض مع الحسابات المصرية، حيث عادت حماس إلى ممارساتها السياسية والأمنية في غزة، ولم تبد تجاوبا مع طروحات القاهرة في عدد من القضايا التي بنت حساباتها عليها بما يوفر قدرا كبيرا من الأمن والاستقرار على المدى الطويل.

ويجهض إصرار حماس على تغليب اللجوء إلى السلاح تحركات مصر وخاصة الجولة المكوكية التي قام بها رئيس جهاز المخابرات اللواء عباس كامل الأسبوع الماضي بين تل أبيب ورام الله من أجل نزع فتيل حرب لاحت مقدماتها في الأفق.

وقد يقابل انجرار حماس إلى التصعيد بتصعيد أكبر من جانب إسرائيل التي يريد رئيس حكومتها الجديد نيفتالي بينيت إثبات صرامته العسكرية بعد أن تجاوز الأيام الصعبة الأولى لتشكيل مجلسه الوزاري الذي تشكل من فسيفساء تضم قوى متطرفة.

وأكدت صحيفة “معاريف” العبرية على موقعها الإلكتروني الاثنين أنه “في ظل أحداث شرق غزة، باتت مسافة التصعيد قصيرة جدا، لكن على إسرائيل اختيار الوقت المناسب وعدم الانجرار إلى وقت غير مناسب لها”.

ويشير متابعون إلى أن عودة المنحة القطرية (30 مليون دولار) لغزة عن طريق الأمم المتحدة وتغيير الآلية السابقة التي كانت تشرف عليها حماس يمثلان أزمة كبيرة للحركة لأنه جرى اقتطاع القسط المخصص لرواتب موظفيها (10 ملايين دولار).

ولجأت حماس إلى التصعيد بهدف الضغط على إسرائيل والأمم المتحدة لاستعادة القسط المقطوع من المنحة والذي يمكّنها من احتواء أي تذمر داخل كوادر الحركة.

Thumbnail

وطلبت مصر من حماس وقف التحركات العنيفة والاكتفاء بالتحركات الشعبية السلمية وعدم الاقتراب من السلك الشائك الذي يفصل بينها وبين إسرائيل، لكن الحركة دفعت المئات من الشباب باتجاهه والاشتباك مع القوات الإسرائيلية؛ إذ تسلل شاب وأطلق رصاصات من مسدسه نحو جندي إسرائيلي كان يقوم بقنص الفلسطينيين، وهو ما زاد الأوضاع توترا.

وفوّتت الوساطة المصرية على إسرائيل فرصة الرد على إصابة الجندي قبل أيام، لكن تمادي حماس في استفزازاتها الأمنية ربما يؤدي إلى انفلات أمني.

ولا ترى حماس جدوى في استمرار التهدئة مع إسرائيل، وهو ما جعل القاهرة تلجأ إلى توظيف الجغرافيا السياسية للضغط عليها في غزة حيث يعد معبر رفح الشريان الرئيسي للدخول والخروج من القطاع في ظل سد إسرائيل جميعَ المنافذ البرية.

وقد يتم تصوير غلق معبر رفح هذه المرة على أنه خطوة غير إنسانية يمكن أن تخنق الفلسطينيين في غزة، ما يضع مصر وإسرائيل في كفة واحدة، وهي الدعاية التي درجت قوى إسلامية بمساعدة الإعلام القطري والتركي على تصديرها للجمهور العربي.

ويقول متابعون إن القاهرة منتبهة للدعاية السوداء وعدم استبعاد إعادة إنتاجها، لكنها غير عابئة بها لأن المسألة تتعلق بالأمن القومي المصري وضوابطه، فمن الممكن أن تؤدي حالة الغليان في غزة إلى اندفاع فلسطينيين نحو معبر رفح بلا ضوابط أمنية.

تفادي التصعيد
تفادي التصعيد

وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب أن مصر أعادت علاقات الثقة مع غزة من خلال الجهود التي بذلتها لإعادة إعمار القطاع وإدخال معدات رفع الأنقاض والتعهد بتقديم مساعدات مادية سخية لإصلاح البنية التحتية حتى شعر الكثيرون بارتياح نتيجة وجود المصريين لمساعدتهم.

وذكر لـ”العرب” أن القاهرة سعت إلى إيجاد أرضية إيجابية لحلحلة العديد من الملفات الشائكة، من بينها صفقة الأسرى ومحاولة إنجازها في أسرع وقت ممكن والعمل على رفع الحصار الكلي عن غزة من جانب إسرائيل والتواصل مع جميع الجهات المعنية للوصول إلى نتيجة مرضية، فكل ما تريده مصر ضمان أمن غزة واستقرارها المرتبط بقوة بأمنها.

1