مصر تعدّ لمشروع قانون جديد للأسرة يدعم المصارحة قبل الزواج

الشريكان سيكونان ملزمين بإجراء فحوصات جسدية وعقلية.
الجمعة 2022/11/04
التشريع الجديد من شأنه تخفيض نسب الطلاق

تنكب الحكومة المصرية على إعداد مشروع قانون جديد يهدف إلى مكافحة العلاقة الزوجية القائمة على الخداع والمغالطة من البداية، وذلك بإلزامية خضوع الشريكين لفحوصات شاملة على كل أجزاء الجسد وتقييم الحالة العقلية والنفسية لكليهما حتى يكونا على بيّنة بكل خفايا أمورهما فيقرران إما المواصلة في العلاقة أو الانفصال. ويرى الخبراء أن التشريع الجديد سيحول دون وقوع مشاكل تؤدي إلى الطلاق مستقبلا.

القاهرة - قاربت الحكومة المصرية على إنجاز مشروع قانون خاص بالأسرة المصرية يقضي بإدراج جملة من البنود الخاصة بسلامة عقود الزواج، من بينها تكريس المصارحة بين الشريكين قبل الإقدام على خطوة الزواج رسميا، بحيث يكون كل طرف على دراية مسبقة بالظروف الصحية والنفسية والمادية والعائلية التي يعيشها الشريك لتجنب حدوث صدامات مستقبلية بين الطرفين.

وأعلن عمر مروان وزير العدل أن هناك مشاورات مع الرئيس عبدالفتاح السيسي بشأن قانون الأسرة المصرية على أن يتم الانتهاء منه قريبا، وسيكون “الرجل والمرأة على علم بكل شيء، هل الرجل قادر على الزواج، وهل المرأة مستعدة له، وإلى أي درجة سيكونان متوافقين إذا ارتبطا وهما من بيئتين مختلفتين، وماذا عن سلامة الحالة الصحية والنفسية لكليهما”.

وترتبط السلامة الصحية للشريكين بأن تكون هناك فحوصات شاملة لهما قبل إبرام عقود الزواج، ويتم إجراؤها على كل أجزاء الجسد ، مع تقييم الحالة العقلية لهما والتحقق من خلوهما من الأمراض التي تؤثر على حياتهما ، على أن يكون ذلك جزءا من سلامة عقد الزواج، ولن يستطيع المأذون توثيق العقود قبل إتمام الخطوة.

هناك أزواج يواجهون أزمة معقدة في كيفية فهم بعضهم بعضا، وهناك أيضا من لديهم مشكلات نفسية تقود إلى الطلاق

وقال وزير العدل إن الرئيس السيسي طلب تحويل البنود الجديدة في صحة عقود الزواج إلى تشريع يلتزم به المقبل أو المقبلة على خطوة تكوين أسرة، كي لا تكون العلاقة الزوجية قائمة على الخداع والمغالطة من البداية، ثم يقرر كل طرف هل يستكمل العلاقة مع شخص غير مستعد للزواج بشكل كاف أم يتراجع.

وطالب الرئيس المصري الحكومة من قبل بوجود مسارات واقعية لأزمة الطلاق من خلال نشر ثقافة الزواج الصحي، وهو مفهوم يؤسس لحالة من الاكتمال بين الزوجين من النواحي الصحية والاجتماعية والنفسية لحماية الشريكين وأولادهما من الوقوع في ورطة الانفصال لأسباب مرتبطة بعدم ملاءمة كل شريك للآخر، ودعا إلى أن يكون كلاهما على علم ببواطن الأمور.

وسيكون الشاب والفتاة ملزمين بإجراء فحوصات شاملة على كل أجزاء الجسد وتقييم الحالة العقلية والنفسية والتحقق من خلوهما من الأمراض التي تؤثر على حياتهما الزوجية ونسلهما، وإذا كان أحدهما يحمل جينات وراثية خطيرة فلهما الحرية في إتمام الزواج من عدمه بعد حضور جلسة توعية بطب الأسرة حول التأثيرات الصحية.

ومن بين مزايا الفحوصات الشاملة أن يعرف كل طرف قبل الزواج إلى أي درجة يعاني شريكه من اضطرابات نفسية، وهل يستطيع الإنجاب أم لديه مشكلة تحتاج إلى علاج، وهكذا، على أن يتم تقديم تقرير طبي مفصل لكل طرف في العلاقة، وعلى أساسه يقرر ما إذا كانت هذه الزيجة مناسبة له أم لا، كي لا يصطدم بالحقيقة بعد الزواج.

وكثيرا ما تقع خلافات زوجية عنيفة بين الشريكين جراء الشعور بأن أحدهما يعيش مع شريك مختلف، إذ تحدث تحولات جذرية في الشخصية وطبيعة العلاقة وطريقة حل المشكلات، وهناك أزواج يواجهون أزمة معقدة في كيفية فهم بعضهم، وهناك أيضا من لديهم مشكلات نفسية تؤثر على سلامة العلاقة وتقود إلى الطلاق.

ويرى مؤيدون للتشريع أن إصدار قانون يكرس للمصارحة بين الشريكين ويحول دون أن تكون الحياة الزوجية قائمة على الخداع، بحيث يكون كل طرف مدركا بما لدى الآخر من مشكلات حتى لا يصطدم بالواقع مستقبلا، وقد يصبح مجبرا على البقاء في علاقة مع شريك لا يتوافق معه.

نشر ثقافة المصارحة بين الشريكين بداية تأسيس علاقة زوجية قوية
نشر ثقافة المصارحة بين الشريكين بداية تأسيس علاقة زوجية قوية

وسيتم منح الشاب والفتاة شهادة تبين لكليهما إذا كان الزواج صحيا أو غير صحي، على أن تمنح للطرفين شهادة معتمدة تفيد اجتياز دورة التأهيل النفسي والاجتماعي والسلوكي قبيل إبرام عقود الزواج عند المأذون، وهذه ميزة مضافة ترتبط بمحو أمية الكثير من المقبلين على الزواج، حيث لا يتم تأهيلهم وتدريبهم على تحمل مسؤولية بناء أسرة، ما يتسبب في خلافات يعجز الطرفان عن تجاوزها ويصل الأمر للطلاق.

وحسب تصريحات عدد من نواب البرلمان اطلعوا على بعض بنود التشريع المرتقب، فإن المأذون سيكون ملزما بعدم إبرام عقد الزواج دون أن يقدم الشاب والفتاة ما يفيد شهادة السلامة الصحية والسلوكية والنفسية وخضوع كل منهما للفحوصات الشاملة من الجهة التي اعتمدتها الحكومة لهذا الغرض، بحيث لا يكون هناك مجال للتلاعب في الأوراق أو تزويرها بواسطة أطباء ومستشفيات بعينها مقابل دفع مبالغ مالية.

وفي حال جاء تقرير اللجنة مؤكدا أن هذه الزيجة غير صحية يجب أن يوقع الطرفان (الشريكان)، بما يفيد أنهما يوافقان على استكمال العلاقة قبل إبرام عقد الزواج، ويتحملان وحدهما تبعات ذلك، ولن يكون من حق المأذون توثيق العقد إلا بموافقة كتابية من الشاب والفتاة على النكاح وهما يعرفان عدم صحية الزواج، وإلا تعرض المأذون لعقوبة تصل للحبس.

الرئيس المصري طالب الحكومة من قبل بوجود مسارات واقعية لأزمة الطلاق من خلال نشر ثقافة الزواج الصحي

وأوضح محمد هاني استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية بالقاهرة أن نشر ثقافة المصارحة بين الشريكين بداية تأسيس علاقة زوجية قوية يصعب اختراقها بالمشكلات والأزمات المستقبلية لأن الكثير من الأزواج يدخلون في علاقة مبهمة، لا يعرفون إذا كانت ستنجح أم لا، وما إذا كانت صحية أم يشوبها خلل ومعرضة للفشل.

وأضاف لـ”العرب” أن بعض الزيجات تبدأ بأن يكون أحد الطرفين أنانيا، ولا يفصح عن كامل الحقيقة للشريك، ويتعامل خلال فترة الخطبة بطريقة مثالية ثم يكتشف الطرف الآخر بعد الزواج أنه تعرض لخديعة كبرى، فقد يكون أحدهما حاملا لمرض عضوي أو وراثي أو نفسي وهنا ميزة الفحوصات الشاملة أن تمنح جرس إنذار لكليهما، بأن يستمرا أم يبتعدا قبل تكوين أسرة، قد تتعرض للهدم مستقبلا.

ويعتقد متابعون أن الفكرة جيدة إلى حد بعيد، لكن العبرة في اقتناع الأسر بجدواها، والتعامل مع الزواج غير الصحي باعتباره مقدمة لمشكلات معقدة لن يجني منها أي طرف إلا المزيد من المخاطر على المستوى النفسي والصحي والاجتماعي، كما أنه لا يجب التعامل مع المصارحة كمقدمة للفضيحة، بل وسيلة لحماية الكيان الأسري.

وترتبط مخاوف بعض الشباب والفتيات من الالتزام بجدية الفحوصات، لاسيما الذين بينهم علاقات عاطفية ويخططون للزواج مهما كانت المنغصات الأسرية، بأن كل عائلة قد تتدخل لإنهاء العلاقة، إذا كان أي منهما يحمل مرضا وراثيا أو جينيا أو لديه مشكلة نفسية أو عضوية، وهنا من الواجب نصحهم وإرشادهم بإعمال العقل ولا يكون كل طرف أسيرا للعاطفة.

وبعيدا عن تقبل الشباب والعائلات لهذا المسار من عدمه، تظل أهم مزايا التقارير التي تعكس صحية أو عدم صحية الزواج، أنها ستعالج تشوهات الأبناء التي تنتج عن زواج الأقارب المنتشر في مصر، وأحيانا ما يكون دون رغبة الشريكين، لأن الزيجات في هذه الأماكن تخضع للضغوط والأعراف والتقاليد والصداقات العائلية.

17