مصر تضع مواصفات قياسية لكفاءة الأداء ومكافحة الفساد

تستعد القاهرة لإطلاق أول مواصفات قياسية لمكافحة الفساد والرشوة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع نهاية العام الحالي، لتعزيز قدرتها على النمو الاقتصادي، بعد أن شكلت هذه الظاهرة صداعا مزمنا للحكومات العربية وكلفت موازناتها خسائر بالمليارات من الدولارات سنويا.
القاهرة- تدشن مصر قريبا مواصفات قياسية لمكافحة الفساد والرشوة، ستكون الأولى من نوعها في المنطقة العربية، تحت مسمى “أيزو 37001”، بالتعاون مع منظمة التقييس الدولية (أيزو).
وأكدت باربارا نيجر الخبيرة بالمنظمة في تصريح خاص لـ”العرب” خلال زيارتها للقاهرة مؤخرا أن المواصفات قابلة للتطبيق في كافة المنشآت بجميع الدول، لأنها ليست مواصفة لنشر الوعي فقط، لكنها أداة لمنع وتقليل مخاطر الرشوة داخل أي منشأة سواء حكومية أو في القطاع الخاص.
وأشارت إلى أن المنظمة تستهدف تطبيق المواصفات في عدد من هيئات التفتيش بدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من بينها مصر والمغرب والأردن وتونس وفلسطين والجزائر كنواة لتشجيع باقي المنشآت في الدول العربية علي تطبيقها.
وأوضحت أن لتطبيق المواصفة أهمية كبيرة في اعتراف الجهات الدولية بالمواصفة المصرية، كما تعد رسالة إيجابية للمنشآت الحاصلة على تلك العلامة، لكونها تطبق نظما تمنع الفساد من المنبع.
وشكك خبراء في قدرة مصر على مواجهة تلك الظاهرة بهذه الطريقة، وقالوا إن الفساد أضحى أسلوب حياة في بعض الأنشطة الاقتصادية والإجراءات الحكومية رغم ملاحقات هيئة الرقابة الإدارية بالبلاد للفساد والمفسدين.
وقدرت منظمة الشفافية الدولية حجم الأموال المنهوبة نتيجة الفساد في كل من مصر وتونس وليبيا واليمن بنحو 165 مليار دولار. وتقول إن الأموال استعملت من المسؤولين السابقين وعائلاتهم للصرف على السيارات الفارهة ولضمان تعزيز سلطتهم. وأعلنت هيئة المواصفات والجودة المصرية أنها أول جهة حكومية في مصر تطبق نظام إدارة مكافحة الرشوة.
ويعد الفساد العقبة الرئيسية التي تعرقل جهود التنمية الاقتصادية المستدامة ويسهم في تقويض قدرة الحكومة على توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، فضلا عن كونه طاردا لمناخ الاستثمار. وتأتي مصر في المركز الـ117 في مؤشر الشفافية الدولية، ضمن قائمة تضم 180 دولة، فيما تقدر المنظمة نسبة الشفافية بالقاهرة بنحو 32 بالمئة.
وقالت وزارة التجارة والصناعة إن المواصفة الجديدة مشتقة من مبادئ المنظمة الدولية للتقييس وتستهدف إعلاء قيم السلوك الوظيفي وتبني جميع مبادئ المسؤولية المجتمعية بكافة المنشآت الوطنية الحكومية وغير الحكومية من شفافية ومساءلة واحترام سيادة القانون.
ويقوم المجلس الوطني للاعتماد بمصر بالتعاون مع الهيئة العامة للمواصفات والجودة بتطبيق المواصفة الجديدة والترويج لها أمام مجتمع الأعمال والمواطنين، لمنح أولوية لشراء المنتجات التي تحمل تلك العلامة. وقال وليد جمال الدين رئيس المجلس التصديري لمواد البناء، لـ”العرب” إن “الفساد سلوك أفراد، ومن الصعوبة ضبطه أو السيطرة عليه”.
وأوضح أن المجلس سيتقدم للحصول على هذه الشهادة الجديدة فور إطلاقها من باب تسويق منتجاتهم محليا ودوليا، لكن ذلك لا يعني أنهم قضوا على الفساد، في ظل إصرار الحكومة على التعامل النقدي من خلال جهات تتعامل مباشرة مع المواطنين.
وكانت وزارة المالية قد قالت في وقت سابق إن تحصيل المدفوعات الحكومية سيتم إلكترونيا وبشكل إلزامي، بدءا من يناير 2019 للمعاملات التي تزيد عن 5 آلاف دولار.
وتقوم الهيئة المصرية للمواصفات والجودة بعمليات مراجعة سنوية للشركات والمؤسسات الحاصلة على شهادة “أيزو 37001” من أجل ضمان تطبيق اشتراطات تلك المواصفة القياسية بشكل مستمر وبطريقة شفافة، وحتى لا يتم الحصول عليها من باب الدعاية فقط.
ولفت عمرو حسنين رئيس مؤسسة “ميريس” للتصنيف الائتماني إلى أن المواصفة الجديدة سوف تطبق عددا من الضوابط والإجراءات في الدورات المستندية داخل المنشأة، لضمان عدم قيام فرد واحد بجميع المعاملات بمفرده.
وقال في تصرحات لـ”العرب” إن “تلك الرقابة تضمن مواجهة الرشوة ومنعها من المنبع في ظل الفصل بين مقدم الخدمة ومن يدفع ثمنها، لكنه أكد أن التوعية بمخاطر الفساد على المنشآت من النقاط الهامة التي يجب التأكيد عليها، لأن الفاسدين سوف يبتكرون طرقا جديدة لممارسة نشاطهم”.
وتناقش الحكومة المصرية مشروع قانون لتطوير المعاملات المالية غير النقدية تمهيدا لعرضه على البرلمان ودخوله حيز النفاذ الفترة المقبلة، لتقليل استخدام النقود الورقية، والاتجاه نحو المعاملات المالية غير النقدية.
وتشمل تلك الأساليب استخدام خدمات مثل بطاقات الدفع الإلكتروني أو الهاتف المحمول نظرا للمميزات الكبيرة التي تتمتع بها هذه الوسائل وسهولة استخدامها بالنسبة لجميع الأفراد والجهات دون استثناء.
وبدأت القاهرة منذ شهر أبريل الماضي في صرف مرتبات جميع العاملين بالجهاز الإداري للدولة إلكترونيا من خلال بطاقات إلكترونية ويصل عددهم نحو 6.5 مليون موظف.
ويرى البنك المركزي المصري أن التحول الرقمي يعزز من فرص نمو حجم الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، حيث أظهرت الدراسات أن كل زيادة في استخدام وسائل الدفع غير النقدية بنسبة 10 بالمئة تؤدى لزيادة بنحو 1.5 مليار دولار سنويا وتتيح 200 ألف فرصة عمل جديدة.
القاهرة تعزز الإصلاحات بالإفصاح عن بيانات 200 شركة حكومية
القاهرة- بدأت مصر مرحلة الإصلاح الشامل لأوضاع الشركات الحكومية بالكشف عن بيانات العشرات من الشركات أمس، والتي من المفترض أن تدخل في عمليات إعادة هيكلة واسعة لتحفيزها على النشاط.
ونسبت صحيفة “البورصة” المصرية لنائب وزير المالية أحمد كجوك قوله إن “الحكومة نشرت بيانات الشركات التابعة لها بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي”. وأوضح أن الشركات البالغ عددها 200، تتوزع على قطاعات مختلفة مثل البترول والكهرباء، وهى مملوكة كليا للحكومة أو لها حصص فيها.
وقال كجوك، إن الخطوة “تستهدف بشكل عام تحسين أوضاع الشركات المملوكة للدولة وهيكل ملكيتها ورفع أوضاعها المالية دون اللجوء للاقتراض وفتح الباب للمنافسة لتطوير الشركات”.
وتتضمن البيانات قائمة كاملة بالشركات المملوكة للدولة، موزعة حسب الصناعة، وأهداف السياسة العامة ونوع الملكية، وكيفية ممارسة الحكومة لسياسة الملكية الخاصة بها، بما في ذلك تعيين أعضاء مجلس الإدارة وسياسة توزيع الأرباح والترتيبات التنظيمية والإدارية.
وتوصلت مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في عام 2016، لاقتراض 12 مليار دولار على مدار ثلاثة أعوام، لتطبيق برنامج إصلاح اقتصادي تضمن تحرير سعر صرف الجنيه وخفض دعم الوقود والكهرباء. وسرّعت الحكومة مؤخرا وتيرة إدراج حصص من الشركات المتعثرة المملوكة للدولة في البورصة لتحسين كفاءتها.