مدينة النسيج الصينية تمتحن جدوى صناعة الملابس المصرية

المنطقة الصناعية الجديدة تضم 592 مصنعا بتقنيات متطورة، و9 مليارات دولار الإنتاج السنوي المتوقع عند اكتمال المشروع.
الخميس 2019/01/31
قدرات محدودة لمواجهة التحدي الصيني

يدخل قطاع الملابس والمنسوجات المصرية مرحلة جديدة من المنافسة تمتحن جدوى وجودها والأسس التي تقوم عليها، مع قرب تدشين أكبر مدينة للنسيج في البلاد، معتمدة على تقنيات تكنولوجية متقدّمة من المتوقّع أن تعرّي الاختلالات وطرق الإنتاج والمعدّات البالية التي تستخدمها الصناعة المحلية.

القاهرة - رجّح خبراء ومنتجو صناعة الملابس والمنسوجات أن يؤدي تأسيس أكبر مدينة صينية للمنسوجات في مصر وضع نهاية لصناعة الملابس المصرية، التي تعاني من ديون كبيرة وتقادم معدّاتها التكنولوجية.

وتضمّ المدينة الجديدة 592 مصنعا، وتعدّ من أكبر المناطق الصناعية المتخصصة في البلاد، وقد حظيت باهتمام كبير من الحكومة المصرية التي قررت تصنيفها ضمن المشروعات القومية.

وتمّ نقل تبعية المشروع من الهيئة العامة للتنمية الصناعية إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بهدف تيسير الإجراءات وضمان سرعة التنفيذ. وتم إسناد عمليات التنفيذ للهيئة الهندسية للقوات المسلحة.

وقال عمرو نصار وزير التجارة والصناعة في تصريحات خاصة لـ”العرب”، إن “مطلع مايو المقبل سيشهد انطلاق عمليات التشغيل التجريبي لمصانع المرحلة الأولى من المدينة الصناعية الصينية”.

عمرو نصار: الهيئة الهندسية للقوات المسلحة أنجزت نصف المرحلة الأولى للمدينة الصينية
عمرو نصار: الهيئة الهندسية للقوات المسلحة أنجزت نصف المرحلة الأولى للمدينة الصينية

وأوضح أنه تمّ اختيار مدينة السادات والتي تبعد عن القاهرة شمالا بنحو 90 كيلومترا لتكون مقرّا للمدينة الصناعية الصينية على مساحة 3.1 مليون متر مربع، ويتوقّع أن يتم الانتهاء من تنفيذ جميع مراحل المشروع خلال أربع سنوات.

وكان من المخطط أن يتم تنفيذ المدينة الصناعية الصينية خلال سبع سنوات إلى أنه صدرت توجيهات من رئاسة الجمهورية لوزارة الصناعة بضغط المدة إلى نحو أربع سنوات فقط.

وانتهت الهيئة الهندسية في القوات المسلحة من تنفيذ نصف أعمال إنشاءات المرحلة الأولى للمدينة، والتي تصل مساحتها نحو 600 ألف متر وتضم 150 مصنعا بتكلفة إجمالية تقدر بنحو 118 مليون دولار.

ويقام المشروع الجديد وفق أحدث التكنولوجيات في مجال صناعة الغزل والنسيج وتنفذه شركة شانغ جينج للاستثمار، التابعة لشركة مانكاي المملوكة للحكومة الصينية.

وقدّر طارق قابيل وزير الصناعة السابق، والذي وقّع اتفاق تأسيس المنطقة منتصف العام الماضي خلال حديثه مع “العرب” قيمة الإنتاج السنوي بالمنطقة عند اكتمال كافة مراحلها بنحو 9 مليارات دولار سنويا.

ووقّعت الشركة الصينية عقود بيع مبدئية مع نحو 48 مصنعا صينيا في المرحلة الأولى، وتجري مفاوضات مع أكثر من 60 مستثمرا صينيا للتعاقد على بيع مصانع آخر بنفس المرحلة.

وتقوم الشركة حاليا بعقد مؤتمرات ترويجية وتسويقية للمشروع في عدد من المقاطعات الصينية، بعد أن نفّذت نحو 25 زيارة لوفود صينية للمشروع خلال المرحلة الماضية

وأكد مفرح البلتاجي، رئيس شركة مصر العامرية للغزل والنسج، أن مدينة المنسوجات والملابس الجديدة، ستكتب نهاية صناعة الغزل والنسيج في البلاد، لاسيما أنه تمّ توجيه إنتاجها للسوق المحلية، بدلا من استهداف التصدير للأسواق الخارجية.

وقال لـ”العرب”، إن “المصانع الجديدة في المدينة، تستخدم آلات ومعدات حديثة، تعزّز من خفض تكاليف إنتاجها، وتزيد الأمور تعقيدا أمام المصانع المصرية، ما يمكن أن يخرجها من سباق المنافسة”.

ورصدت وزارة قطاع الأعمال العام نحو 1.5 مليار دولار لتطوير شركات الغزل والنسيج الحكومية التي بليت خطوط إنتاجها، إلا أن مؤشراتها المالية تكشف صعوبة التطوير.

محمد المرشدي: المنطقة الصينية تزيد أوجاع صناعة النسيج وينبغي توجيهها للأسواق الخارجية
محمد المرشدي: المنطقة الصينية تزيد أوجاع صناعة النسيج وينبغي توجيهها للأسواق الخارجية

ويصل عدد شركات القطاع الحكومية الخاسرة التابعة للشركة القابضة للغزل والنسيج 22 شركة من بين 32 شركة، وبلغت خسائرها الإجمالية نحو 152 مليون دولار.

وتعاني صناعة الغزل والنسيج المحلية من إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي تنفّذها الحكومة منذ أكثر من عامين، خاصة رفع الدعم عن أسعار الطاقة، لأنها صناعة نمت منذ مهدها الأول على الحماية والدعم الحكومي.

وتستورد المصانع الغزل الهندي بنحو 3 دولارات للكيلوغرام، بينما سعر الغزل المحلي يصل لنحو 3.4 دولار للكيلوغرام، منها 1.7 دولار تكلفة أجور العمال.

وما يزيد الأمور تعقيدا أمام الشركات المحلية هو اعتماد المصانع في المنطقة الصينية على الذكاء الاصطناعي، وهو ما يخفض الاعتماد على العمالة بشكل كبير.

وتلتهم الأجور في مصانع القطاع وخاصة الحكومية منها نحو 74 بالمئة من إيراداتها، مقابل 13 بالمئة في الشركات العالمية.

ويرى محمد المرشدي، رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات المصرية، أن المنطقة الصينية، لن تساهم في حلّ مشاكل صناعة الغزل والنسيج، بل سوف تؤثر سلبا عليها، إذا تمّ توجيه إنتاجها للسوق المحلية.

وشدّد خلال تصريحات لـ”العرب” على ضرورة أن تركز المدينة على التصدير واستهداف الأسواق الخارجية، وهي “خطوة نترقبها، فالأمور لم تتضح حتى الآن”.

ودشّنت الحكومة خطة لتطوير قطاع الغزل والنسيج، واستوردت محالج تفوق الطاقة الإنتاجية الحالية، وبالتالي فالمشكلة الحالية للقطاع ليست في عدد المصانع بل في تدني طاقتها الإنتاجية.

وتؤسس الشركة الصينية التي تنفّذ المشروع أول مدرسة للتدريب على أحدث تكنولوجيا صناعة الغزل والنسيج، لضمان توفير أيدي عاملة مدربة تستطيع التعامل مع تقنيات الإنتاج الجديدة بالمنطقة الصناعية.

11