متمردو تيغراي يقبلون بهدنة وفق شروط تضعف آبي أحمد

أديس أبابا- أعلن المتمردون في تيغراي الأحد القبول بـ”وقف إطلاق نار مبدئي” في الإقليم الذين استعادوا السيطرة على أجزاء كبيرة فيه وسط تراجع الجيش الإثيوبي، ولكنهم طالبوا بشروط قد تصعّب التوصل إلى اتفاق نهائي.
وبرزت من بين الشروط انسحاب القوات الإريترية من الإقليم الإثيوبي الشمالي وكذلك القوات الآتية من إقليم أمهرة المجاور بعد انتشارهما فيه دعماً للجيش الإثيوبي في عمليته العسكرية على السلطات التي كانت قائمة فيها. كما طالبوا بإعادة تلك السلطات.
وكان رئيس الوزراء آبي أحمد الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2019 أرسل الجيش الفيدرالي إلى تيغراي في نوفمبر الماضي لاعتقال ونزع سلاح قادة حزب جبهة تحرير شعب تيغراي الحاكم في الإقليم آنذاك.

أنطونيو غوتيريش: وجود القوات الأجنبية في تيغراي عامل يفاقم المواجهة
وأعلن آبي أحمد النصر بعد أسابيع بعدما استولت القوات الفيدرالية على ميكيلي. ولكن بعد شهور من إعادة تجميع صفوفهم، شن متمردو تيغراي هجوما مضادا واسع النطاق الشهر الماضي سمح لهم باستعادة المدينة وتأكيد سيطرتهم على غالبية الإقليم. وعلى الإثر، أعلنت الحكومة وقفا لإطلاق النار من جانب واحد وصفته قوات دفاع تيغراي بأنه “مزحة”.
ودعت الأمم المتحدة ودول عدة إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار إفساحاً في المجال أمام أولوية إيصال المساعدات الإنسانية. وقال بيان موقّع من “حكومة تيغراي” الأحد، “نوافق على وقف إطلاق نار مبدئي بشرط حصولنا على ضمانة موثوقة بعدم المساس بأمن شعبنا” لاحقاً. وأضاف “رغم ذلك وقبل إضفاء طابع رسمي على اتفاق لوقف إطلاق النار، يتوجب حل المسائل الشائكة”.
وكانت بعض الشروط الواردة في البيان عسكرية الطابع فيما أخرى سياسية، على غرار عودة قوات أمهرة والقوات الإريترية إلى “مواقعها حيث كانت قبل الحرب” واستئناف عمل “حكومة تيغراي المنتخبة ديمقراطياً، وإعادة كافة صلاحياتها ومسؤولياتها الدستورية”.
وترفض أديس أبابا أيّ حوار مع قادة جبهة تحرير شعب تيغراي التي صنّفها البرلمان الإثيوبي “منظمة إرهابية” في مايو.
كما طالبت “الجبهة” بـ”إجراءات كفيلة بمساءلة آبي أحمد والرئيس الإريتري أسياس أفورقي بشأن الأضرار التي تسببا بها”، إضافة إلى تشكيل الأمم المتحدة “هيئة تقصي حقائق مستقلة” حول “الجرائم المريعة” التي ارتكبت خلال النزاع.
ووردت كذلك شروط ذات طابع إنساني على غرار “توزيع المساعدات الإنسانية بلا عراقيل، من جميع الجهات وبكافة وسائل النقل” و”عودة سكان تيغراي” النازحين. وجددت السلطات المتمردة التأكيد على توفير “المساندة التامة لجميع الملتزمين بإيصال المعونة الإنسانية”.
وتضعف شروط المتمردين في تيغراي سلطة رئيس الوزراء الإثيوبي وقد تفتح الباب، إذا ما تم القبول بها، أمام حركات تمرد أخرى في الأقاليم الإثيوبية الأخرى التي تعيش بدورها ظروفا مشابهة لما يعيشه إقليم تيغراي.
وتسببت الحرب الإثيوبية بخسائر بشرية هائلة وبأزمة إنسانية مروعة، ويقول برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن 5.2 مليون شخص، أو 91 في المئة من سكان تيغراي، يحتاجون إلى مساعدات غذائية طارئة. كما تسببت في فرار 60 ألف شخص إلى السودان طلبا للجوء، في ظل صعوبات تواجهها الحكومة الانتقالية التي تولت السلطة بعد الإطاحة بعمر البشير في أبريل 2019، في مقدمها أزمة اقتصادية.
ادعت لأمم المتحدة ودول عدة إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار إفساحاً في المجال أمام أولوية إيصال المساعدات الإنسانية.
وطالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش السبت بضرورة أن يكون هناك “وقف حقيقي” لإطلاق النار في إقليم تيغراي الإثيوبي.
وقال غوتيريش، في بيان “إنني قلق للغاية بشأن الوضع الحالي في تيغراي”. وأضاف “من الضروري أن يكون هناك وقف حقيقي لإطلاق النار يمهد الطريق لحوار قادر على تحقيق حل سياسي في الإقليم”. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أن “وجود القوات الأجنبية (لم يسمها) هو عامل يفاقم المواجهة”.
وكان آبي أحمد علي، أعلن في مارس الماضي، أن إريتريا وافقت على سحب قواتها من إقليم تيغراي شمالي البلاد، لكن تقارير أممية تشير إلى أن ذلك لم يحدث حتى الآن.
والجمعة، قالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري ديكارلو، في جلسة لمجلس الأمن “تم تدمير البنية التحتية الرئيسية في ميكيلي”. وشددت دول عدة من بينها الولايات المتحدة وإيرلندا والمملكة المتحدة التي تقف وراء الاجتماع الذي عارضته الدول الأفريقية باعتبار أن الأمر يتعلق بشأن إثيوبي داخلي، على أن وصول المساعدات الإنسانية يجب ألا تشوبه أي عراقيل.
لكن مع انقطاع الكهرباء والاتصالات وتعليق الرحلات الجوية وانقطاع غالبية الطرقات، يخشى مسؤولون في الأمم المتحدة ودبلوماسيون أن يتفاقم الوضع.
وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزف بوريل في تغريدة “وقف إطلاق النار لا يعني قطع الكهرباء وتدمير البنى التحتية الأساسية. وقف إطلاق نار فعلي يعني بذل المستحيل لوصول المساعدات إلى الملايين من الأطفال والنساء والرجال الذين يحتاجونها بشكل عاجل”.