ماذا ينتظر التونسيون من الانتخابات المحلية بنظامها الانتخابي الجديد

هيئة الانتخابات تتوقع إجراء انتخابات مجالس الأقاليم والجهات في ديسمبر القادم.
السبت 2023/08/19
استعدادات حثيثة مع آخر محطة انتخابية

تكثف هيئة الانتخابات في تونس من جهودها لخوض محطة انتخابية جديدة تمثل المرحلة الأخيرة في مسار 25 يوليو 2021 الذي قطع مع المنظومة السياسية السابقة، وسط تطلعات كبيرة من المواطنين بأن تغيّر المجالس الجديدة من نسق المنوال التنموي في الجهات وترتقي بمستوى الخدمات الاجتماعية في البلاد.

تونس - طرح تنظيم انتخابات محلية لأول مرة بنظامها الانتخابي الجديد في تونس تساؤلات لدى المراقبين حول المزايا المنتظرة منها، فضلا عن الإضافة المرجوة من المجلس الوطني للأقاليم والجهات على المستويين التنموي والاجتماعي، بالمقارنة مع الانتخابات السابقة التي أفرزت حصيلة تنموية ضعيفة. ويقوم النظام النيابي الحالي في تونس على غرفتين نيابيتين، عوضا عن غرفة واحدة قبل حل البرلمان السابق.

 ويفترض الدستور التونسي المصادق عليه في 25 يوليو 2022 أن توافق الغرفتان على عدد من مشاريع القوانين، من بينها قانون المالية، وكل مخططات التنمية المحلية والجهوية. وقال المتحدث باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس محمد التليلي المنصري إنه "من المتوقع إجراء الانتخابات المحلية في النصف الأول من ديسمبر المقبل".

وهذه أول انتخابات محلية تعرفها تونس بنظامها الانتخابي الجديد ليتم تصعيد ممثلين إلى المجلس الوطني للأقاليم والجهات، وهو الغرفة الثانية للبرلمان الجديد المنتخب في دورتين بين ديسمبر 2022 ويناير الماضي. وأضاف المنصري في تصريح لوكالة الأنباء التونسية أن “الهيئة جاهزة لهذا الموعد الانتخابي في انتظار صدور أمرين خلال الأيام القليلة القادمة، يتعلق الأول بتقسيم الدوائر الانتخابية والثاني بدعوة الناخبين".

وأكد أن "الهيئة مستعدة لوجستيا وتقنيا لتنظيم هذه المحطة الانتخابية، وأن الأرضية جاهزة لذلك، حيث صدر في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الجريدة الرسمية) تباعا بأوامر من وزير الداخلية كمال الفقي التحديد الترابي للعمادات وتضمن خارطة لها، في انتظار صدور قرار تقديم الدوائر الانتخابية الذي انتهت هيئة الانتخابات من إعداده، وعددها 2155 دائرة انتخابية حيث عند تقسيم الدوائر الانتخابية ارتأت الهيئة إضافة 70 دائرة على خلفية أن 43 معتمدية تضم أقل من 5 عمادات".

المنذر ثابت: المجالس ستطرح القضايا الجهوية وتنقل مشاغل المواطنين
المنذر ثابت: المجالس ستطرح القضايا الجهوية وتنقل مشاغل المواطنين

وتهم الانتخابات المحلية تكوين 279 مجلسا محليا بانتخابات تجرى في دوائر ضيقة على الأفراد وعلى دورتين على غرار الانتخابات التشريعية التي جرت كذلك على دورتين، وكل معتمدية تصعد أحد أعضاء المجلس المحلي بالقرعة، ليكون عضوا في المجلس الجهوي، علما وأن تركيز المجلس الوطني للجهات والأقاليم يأتي تنفيذا للمرسوم عدد 10 الصادر في 8 مارس 2022.

وأفاد المحلل السياسي المنذر ثابت أنه "بعد حل البرلمان السابق والمجالس البلدية هناك فراغ، حيث ظل انعقاد المجالس الجهوية معلقا"، لافتا إلى أن "هذه الانتخابات ستعيد الأمل للمناطق والجهات من خلال طرح ملفات وقضايا بصفة واضحة وخصوصا المسألة التنموية والاجتماعية".

وأكّد لـ"العرب" أنه "سيكون هناك اهتمام من المواطنين بهذه المجالس، وسيكون هناك فضاء مخصص لطرح القضايا الجهوية وسينقل مشاغل المواطنين في مختلف المناطق بصفة ملموسة وواقعية بعيدا عن المجرّدات الحزبية". وأضاف ثابت “هذه المجالس بمثابة سلطة موازية للجهاز التنفيذي، لأن محصلة التنمية بعد 2011 إلى حدود تاريخ 25 يوليو 2021 سلبية، واستحقاق التنمية الجهوية لا يزال قائما في تونس".

ويتكوّن هذا المجلس، وفق ما جاء في الفصل 82 من مشروع الدستور الجديد، من “نواب منتخبين عن الجهات والأقاليم، إذ يَنتخب أعضاء كل مجلس جهوي 3 أعضاء من بينهم لتمثيل جهتهم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وينتخب الأعضاء المنتخبون في المجالس الجهوية في كل إقليم نائباً واحداً من بينهم يمثل هذا الإقليم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم، ويتم تعويض النائب الممثل للإقليم طبقاً لما يضبطه القانون الانتخابي".

ووفق الدستور “تُعرض وجوبا على المجلس الوطني للجهات والأقاليم المشاريع المتعلقة بميزانية الدولة، ومخططات التنمية الجهوية، والإقليمية، والوطنية، لضمان التوازن بين الجهات والأقاليم". كما أنه "لا يمكن المصادقة على قانون المالية، ومخططات التنمية إلا بالأغلبية المطلقة لكل من المجلسين، كما يمارس هذا المجلس صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية".

وفي مارس الماضي حل الرئيس التونسي قيس سعيد المجالس البلدية المنتخبة في 2018 ضمن سلسلة قراراته التي أعقبت إعلانه عن تدابير استثنائية في البلاد عام 2021 متهما هذه المجالس بالولاء السياسي للأحزاب. ويقول خبراء اقتصاد إن مجالس الجهات والأقاليم من شأنها أن تطور الجانب التنموي في الجهات الذي كان أحد أهم مطالب ثورة يناير 2011، خصوصا بعدما أهملت الحكومات المتعاقبة المشاريع التنموية في السنوات الأخيرة.

وأفاد الخبير المالي والمصرفي محمد صالح الجنادي بأن “مجالس الجهات والأقاليم ستكون غرفة ثانية في البرلمان، ويمكن أن تكون فرصة لطرح القضايا الجوهرية في الجهات على غرار التشغيل والتنمية وفقدان أهم مرافق الحياة وتردّي مستوى الخدمات الأساسية مثل النقل والصحة والتعليم".

◙ مجالس الجهات والأقاليم ستكون غرفة ثانية في البرلمان، ويمكن أن تكون فرصة لطرح القضايا الجوهرية في الجهات على غرار التشغيل والتنمية

وقال في تصريح لـ"العرب" إن "هناك تفاوتا جهويا في مستوى التنمية والاستثمار، وبناء المشاريع التنموية يتطلب الكثير من الوقت خصوصا في الجهات الداخلية"، مشيرا إلى أن “المجالس منهج مقبول لكن الإنجاز قد يكون صعبا". وأصدر سعيد المرسوم الرئاسي عدد 10 المتعلّق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية.

وينص المرسوم على أن هيئة الانتخابات هي التي “تتولى تنظيم انتخابات أعضاء المجالس المعنيّة وإدارتها والإشراف عليها في جميع مراحلها، وتضمن سلامة المسار الانتخابي ونزاهته وشفافيّته وتصرّح بالنّتائج. وتتولّى إصدار التراتيب اللازمة لتنظيم الانتخابات موضوع هذا المرسوم وتنشرها بموقعها الإلكتروني وبالرّائد الرّسمي للجمهوريّة التونسيّة. وتُحمل نفقات تنظيم الانتخابات وإدارتها على ميزانيّة الهيئة”، وفق نص المرسوم.

ويجري الاقتراع على الأفراد في دوائر ضيقة تسمى العمادات لتشكيل مجالس محلية ثم يتم تصعيد ممثلين عن هذه المجالس إلى مجالس جهوية. وينتخب بعد ذلك كل مجلس جهوي ثلاثة ممثلين عنه في المجلس الوطني للجهات والأقاليم. وينتخب أعضاء المجالس الجهوية في كل إقليم نائبا ممثلا لهذا الإقليم في المجلس الوطني. وليس واضحا بعد عدد الأقاليم التي سيتم اعتمادها. وتعتبر المعارضة مشروع المجالس المحلية ضربة للامركزية السلطة.

اقرأ أيضا: 

4