لماذا يتكتم قيس سعيد على إعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة

تونس- تتسابق شخصيات سياسية على اختلاف ألوانها في تونس لإعلان ترشحها رسميا للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها الخريف المقبل، في المقابل يواصل الرئيس قيس سعيد تكتمه على إعلان ترشحه بالرغم من كثرة الحديث عن الانتخابات وترشيحات المعارضة.
وطرح تكتم سعيد لدى الأوساط السياسية حزمة من التساؤلات أبرزها هل أنه ينتظر التوقيت المناسب للإعلان عن ترشحه، أم أنه يتمتع بثقة كبيرة في شعبيته في الشارع كخزان انتخابي، أم أنه يريد إعلان ترشحه بعد تحقيق نتائج لبعض سياساته.
ويذهب مراقبون إلى كون الرئيس التونسي ربما ينتظر تاريخا وطنيا بعينه حتى يعلن عن تقديم ترشحه رسميا، وسط ترجيحات بأن يكون ذلك التاريخ الخامس والعشرون من يوليو القادم، نظرا لرمزيته السياسية لدى السلطة.
ويرون أن الرئيس سعيد يكتفي الآن بالمراقبة والتأمل في الساحة السياسية، منتظرا أن يكون مطلبا شعبيا من مختلف الفئات التي راهنت على توجهاته، بالموازاة مع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي، خصوصا وأنه يملك رصيدا محترما من الثقة في الشارع.
وأفاد المحلل السياسي المنذر ثابت أن “الأجواء السياسية الحالية تتنزّل في إطار التحضير للانتخابات الرئاسية، كما أن عديد الوجوه أعلنت ترشحها لخوض غمار الانتخابات، وأعتقد أن الرئيس سعيد عندما يمسك عن الإعلان عن ترشحه، فهو يدفع بتلك الأغلبية الشعبية التي تسانده للمطالبة بتقديم ترشحه رسميا”.
وأكد لـ”العرب” أن “هناك مراهنة من سعيد على هذا المعطى أولا بالتأمل في عدد المرشحين على اختلاف ألوانهم السياسية، لكن في نهاية المطاف سيكون مرشحا فوق كل المعطيات، وهو يدرك أنه في منتصف طريق أسس الجمهورية الثالثة، التي بدأها بتطهير الدولة من ممارسات الفساد، وإيقاف نزيف التداين الخارجي، فضلا عن إنقاذ البلاد من شبح الإفلاس الذي أعلنته مختلف الدوائر الاقتصادية وكذّبها، إلى جانب النجاح في تحويل المسؤولية للوزارات والمؤسسات”.
وأشار ثابت إلى أن “الرئيس سعيد ينتظر تاريخا له دلالة سياسية ورمزية (قد يكون 25 يوليو المقبل) لإعلان الترشح رسميا، لكنه عمليا شرع في حملته الانتخابية التي شهدت زيارات فجئية إلى العديد من المناطق ومراقبة لمختلف الملفات وسير المؤسسات وعدد من الإقالات والتعيينات في مناصب سياسية”.
وكان الرئيس سعيد انتخب في 13 أكتوبر 2019 لعهدة من 5 سنوات، وفاز بأغلبية واسعة من الأصوات فاقت 70 في المئة ضد منافسه نبيل القروي في الدور الثاني.
وعلى الرغم من عدم إعلان رغبته في الترشح لولاية ثانية، تتصاعد أصوات تطالب الرئيس سعيد بالترشح لعهدة رئاسية ثانية في مسعى لاستكمال مشروعه السياسي المدعّم بإجراءات الخامس والعشرين من يوليو 2021.
وقال المحلل السياسي والخبير الأمني، خليفة الشيباني “ليس بالضرورة أن يعلن الرئيس سعيد الآن عن ترشحه، وأعتقد أنه سيترشح لأن مشروع 25 يوليو يتطلب ولاية ثانية، كما أعتقد أنه سيفوز بالاستحقاق المرتقب لأن كافة استطلاعات الرأي ترشحه”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “هناك آجال محددة للانتخابات، والإنجازات التي حصلت على المستوى السياسي بعد إجراءات 25 يوليو 2021 عديدة، وكانت مرحلة لبناء المؤسسات، كما أن المرحلة القادمة تتطلب وجود سعيد”.
واستطرد الشيباني قائلا “أعتقد ما زال الوقت مبكرا حتى يعلن الرئيس سعيد ترشّحه رسميا لخوض الانتخابات”.
والثلاثاء، أعلن السياسي المعارض في تونس لطفي المرايحي رئيس حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري، ترشحه للانتخابات الرئاسية.
ويعد المرايحي أحد أبرز منتقدي الرئيس الحالي قيس سعيد الذي صعد إلى السلطة في انتخابات 2019 قبل أن يطيح بالنظام السياسي في 25 يوليو 2021 بدعوى مكافحة الفساد والفوضى وتصحيح مسار الثورة.
وكان المرايحي من بين المرشحين الذين نافسوا الرئيس سعيد في الدور الأول للانتخابات الرئاسية عام 2019، وجاء في المركز السابع بعد أن جمع 6.6 في المئة من أصوات الناخبين.
والأسبوع الماضي، كشف أحمد نجيب الشابي رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة والمدعومة من حركة النهضة، عن جملة من الشروط للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، مؤكداً أن “هذه الجبهة السياسية لم تحسم بعد في مسألة مشاركتها في الانتخابات الرئاسية، لعدم وضوح الرؤية السياسية، وعدم توفير مناخ انتخابي يوحي بالمنافسة الشفافة على كرسي الرئاسة”.
وعلى هامش الوقفة الدورية التي نظّمتها الجبهة للمطالبة بإطلاق سراح السياسيّين الموقوفين بتهمة “التآمر ضد أمن الدولة” للبعض منهم، وعدة تهم أخرى ضد البعض الآخر، قال الشابي إنّ “الجبهة تطالب بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها”، في إشارة إلى اقتراح بعض الأحزاب المناصرة للرئيس قيس سعيد إرجاء الانتخابات إلى سنة 2027.
وقاطعت قوى المعارضة، ولاسيما جبهة الخلاص، انتخابات المجالس المحلية، بعدما قاطعت كافة المحطات الانتخابية التي جاءت بها خارطة الطريق التي أقرّها الرئيس سعيد منذ 25 يوليو 2021، كما ترفض الاعتراف بالدستور الجديد للبلاد الذي تم اعتماده إثر استفتاء صيف 2022، بينما انخرطت فيها أحزاب أخرى، ومنها حركة “الشعب” وحركة “تونس إلى الأمام” و”التيار الشعبي”.
وكان الرئيس التونسي قد أكد خلال شهر مارس الماضي أن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستتم في موعدها، مشيرا إلى أن المعارضة التي قاطعت الاستحقاقات السابقة “تعد العُدّة لهذا الموعد”.