"كناوة لالة ميمونة" محاولة لتدوين موروث فني مغربي

كتاب "كناوة لالة ميمونة" شهادة استثنائية حول موروث كناوة ودعوة إلى الحفاظ عليه من خلال تدوين الرقصات والموسيقى الخاصة بجنوب – شرق المغرب.
الجمعة 2020/10/02
كناوة البادية تراث فني إنساني

باريس- “كناوة لالة ميمونة” أو “إكناون ن للا ميمونة”، هو عنوان كتاب صدر حديثا لدى دار النشر “هارتمان”، والذي شارك في تأليفه مبارك الحوزي، رئيس فرقة “كناوة تودغى”، وإيروان دولون، الباحث الفرنسي في علم الاجتماع الأنثروبولوجي.

ويأتي هذا المؤلف لتقريب القراء من خصائص كناوة الجنوب – الشرقي للمغرب، وتقديم صورة واضحة حول موروث كناوة وعلاقتهم برفيقتهم للا ميمونة التي يُعتبرون من مريديها.  ويعد هذا الكتاب شهادة استثنائية حول موروث جدير بصيانته والحفاظ عليه للأجيال القادمة.

صورة واضحة حول موروث كناوة
صورة واضحة حول موروث كناوة

ما الذي يعنيه أن تكون كناويا في القرن الـ21؟ في هذا الإصدار يستعرض الكاتبان الطقوس والمعتقدات وممارسات أتباع للا ميمونة، حيث يتطرقان من خلاله إلى العديد من المواضيع، بدءا من الشمولي وانتهاء إلى ما هو محلي، من تاريخ كناوة إلى تاريخ كناوة تودغى، مبرزين خصائص الآلات، والرقصات، والأهازيج وطقوس الحضرة التي يقوم بها من يسمون بكناوة البادية.

ويكشف المؤلفان عن رؤية مريدي للا ميمونة، مبرزين الكيفية التي يتمثل بها هؤلاء قديستهم، وكيف يحيون في احترام تام لـ”قيم تكناويت”.

ولقد نشأ هذا المؤلف من لقاء جمع بين مبارك الحوزي، رئيس فرقة “كناوة تودغى”، المجاز في اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة ابن زهر بأكادير، وإيروان دولون، الباحث في السوسيو – أنثربولوجيا، الذي قام بإنجاز أعمال حول أمازيغ المغرب بصفته باحثا مشاركا بمركز جاك بيرك في الرباط.

وقد امتزج مجالان دراسيان في هذا المؤلف: الأدب والسوسيو – أنثربولوجيا. حيث يتم من خلاله تقديم وصف مسهب لحج للا ميمونة، الذي يعد موعدا هاما في حياة كناوة، ويعتبر أيضا تجسيدا لحالتهم النفسية. كما يتم عبره تحليل العروض والألعاب التي يقوم بها كناوة خلال المهرجانات، وكذا اندماجهم في محيطهم الأفريقي والأمازيغي.

وأوضح مبارك الحوزي، رئيس فرقة “كناوة تودغى” في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا المؤلف الذي تؤثثه الكثير من الصور بالألوان والتي تشكل “شهادة استثنائية”، يأتي لسد “الخصاص” الحاصل في الدراسات المتعلقة بكناوة للا ميمونة.

وحسب الحوزي، فقد أجريت الغالبية العظمى من الدراسات حول كناوة سيدنا بلال، معتبرا أنه من المنطقي تأليف كتاب عن كناوة للا ميمونة “التي تظل أقل شهرة لدى وسائل الإعلام من كناوة سيدنا بلال”.    وأضاف “لكن هذا الأمر لا يتوقف عند هذا الحد: في هذه الدراسة، يتحدث كناوة للا ميمونة أنفسهم، وذلك ربما لأول مرة”.

أن تكون كناويا في القرن الحادي والعشرين
أن تكون كناويا في القرن الحادي والعشرين

وحسب هذا المدافع الكبير عن كناوة، فإن هذا الإصدار يساهم لا محالة في الحفاظ على موروث أضحى مدرجا ضمن التراث الثقافي للبشرية لدى منظمة اليونسكو.

وأوضح أنه يشكل فرصة للمساهمة في الحفاظ على الرقصات والموسيقى الخاصة بجنوب – شرق المغرب، لاسيما كناوة. وذلك من خلال وصف هذه الأشكال الفنية وإبرازها بعناية، مبرزا التنوع الثقافي في المغرب، ومحاولا نقش هذا الموروث “على الرخام” ونقله كتراث ثقافي لامادي. وعبّر عن افتخاره بالمشاركة في لقاء تشاوري حول مشروع ترشيح “فنون كناوة” على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي اللامادي لليونسكو في 10 يونيو 2014 بالصويرة.

وحسب المؤلف، فإن هذا الكتاب نابع من قناعته بضرورة إبراز كناوة للا ميمونة على نحو أكبر، والذين حجبوا إعلاميا لزمن طويل بكناوة سيدنا بلال، وتسليط الضوء على مناطق المغرب التي تتبنى أيضا هذا الموروث.

وأكد الحوزي أن هذا الإصدار يأتي لإعطاء هذه المناطق حقها، مضيفا أنه “ينبغي توعية المسؤولين المحليين بالفرصة الرائعة لوجود مجموعات كناوة في مناطقهم، بما يلزمهم بالعمل من أجل صون هذا التراث وتثمين هذه الثقافة، عبر إدراجها ضمن الفعاليات الثقافية المحلية”.

وأضاف “إننا نشهد على عملية تسليع ظاهرة كناوة. ومن ثم، فإن البعض ينتهزون الفرصة للقيام بأعمال تجارية من خلال تكناويت”.

وحسب الحوزي فإن “قيم تكناويت كثيرة. لكن يمكننا استحضار ثلاث قيم أساسية منها: احترام الذات والآخرين، الاحترام بين الجنسين والأجيال، والميرو: المساعدة والاتحاد في الدوار”.

وخلص مبارك الحوزي بالقول “هذا أيضا ما أردنا شرحه في هذا الكتاب، من خلال إظهار ما يعنيه أن تكون كناويا في القرن الحادي والعشرين، وما يعنيه ذلك من حيث المنظور الروحي، بعيدا عما هو فولكلوري وتجاري”.

15