قيس سعيد ينفي وجود مساعٍ لتوطين المهاجرين في تونس

الرئيس التونسي يتمسك بموقفه القديم – الجديد الرافض لأن تكون تونس أرضا لبناء مخيمات تأوي المهاجرين.
الأربعاء 2024/05/08
في انتظار إيجاد حلول للأزمة

تونس - نفى الرئيس التونسي قيس سعيد وجود مساعٍ من السلطة لتحويل البلاد إلى منصة لاستقبال المهاجرين وتوطينهم، واصفا تدفقهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء على تونس بـ“غير الطبيعي”، وداعيا في اجتماع لمجلس الأمن القومي إلى مواجهة الوضع بـ“طريقة مختلفة”.

وتقول أوساط سياسية إن الرئيس سعيد يتمسك بموقفه القديم – الجديد الرافض لأن تكون تونس أرضا لبناء مخيمات تأوي المهاجرين، كما أن الموقف يحمل ردا واضحا على كل الانتقادات التي تقول إن السلطة صامتة وتكتفي بالمشاهدة في علاقة بقضية الهجرة غير النظامية.

وتشهد تونس، منذ قرابة الثلاث سنوات، تدفقا لافتا للمهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، بنية العبور إلى سواحل الجزر الإيطالية ومنها إلى دول الاتحاد الأوروبي بحثا عن فرص أفضل للحياة.

وقال قيس سعيد، في كلمة له خلال الاجتماع الذي بثته الرئاسة التونسية على صفحتها الرسمية بـ“فيسبوك”، إن المئات يدخلون البلاد يوميا وتمت الإثنين إعادة 400 مهاجر على الحدود الشرقية، المتاخمة لليبيا.

وأضاف قيس سعيد: “تقوم تونس بالتنسيق المستمر مع الدول المجاورة، لكن لابد أن نواجه الوضع اليوم بطريقة مختلفة لأنه لا يمكن أن يستمر”، مشيرا إلى أن: “المهاجرين، وإن كانوا ضحايا، فلسنا نحن سببا في وضعياتهم، بل هم ضحايا نظام عالمي”.

وأكد سعيد أن “تونس لن تكون أرضا لتوطين هؤلاء المهاجرين كما أنها تعمل على ألا تكون أيضا معبرا لهم”، مشيرا إلى أن “هناك في تونس من تحصل سنة 2018 على أموال لتوطينهم في تونس”.

وكثفت إيطاليا والاتحاد الأوروبي عمليات التنسيق مع تونس للحد من التدفقات بمساعدات مالية ولوجيستية، لكن الأعداد الكبيرة للمهاجرين تنذر بأزمة اجتماعية مع السكان المحليين في عدة ولايات، في وقت تواجه فيه البلاد صعوبات اقتصادية.

وأكد خالد الغالي، رئيس الاتحاد الجهوي للشغل، أكبر المنظمات الوطنية التونسية في مدينتي جبنيانة والعامرة بولاية صفاقس، التي تشهد تركيزا كبيرا للمهاجرين في غابات الزيتون، إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يشارك في تحمل أعباء الأزمة.

وأوضح أنه، “يجب أن تكون هناك حلول وتعاون بين جميع الأطراف. إذا كان التفكير في مخيم للأخوة المهاجرين فمن سيشرف عليه. يتعين على الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية تحمل مسؤولياتهم”.

وسجلت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس) طفرة قياسية في تدفق المهاجرين عبر سواحل تونس في 2023، بما يعادل ثلثي الواصلين إلى الجزر الإيطالية والبالغ عددهم أكثر من 150 ألفا.

محمد العربي العياري: الرئيس يطمئن الرأي العام بأن السلطة موجودة وتتحرك
محمد العربي العياري: الرئيس يطمئن الرأي العام بأن السلطة موجودة وتتحرك

وترى تونس إنه لا يمكنها تحمل أعباء الأزمة بمفردها ولا يمكن أن تتحول إلى بلد لتوطين الآلاف من المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء.

وأفاد الباحث في العلوم السياسية محمد العربي العياري أن “خطاب الرئيس سعيد جديد – قديم، وربما ما يميّز الخطاب هذه المرة أنه يأتي في إطار اجتماع مجلس الأمن القومي، على عكس ما يقال على هامش الزيارات في الأيام السابقة”.

وأضاف لـ“العرب”، “يبدو أن هناك مجموعة من الإجراءات في علاقة بترحيل المهاجرين بالتنسيق مع هيئات دولية”، لافتا أن “الرئيس سعيد قدم هذا الخطاب أمام مجلس الأمن القومي ويتحدث بعد الجدل الذي أحدثه قدوم المهاجرين نحو مدينة صفاقس خصوصا، مع الدعوات المحلية لإيجاد حلول”.

وتابع العياري “القضية أصبحت تثار بمنطق أمني، والرئيس يتفاعل مع الرأي العام ويطمئنه بأن السلطة موجودة وتتحرك”.

وتصاعدت في الآونة الأخيرة أصوات تروج من خلال صفحات إلكترونية إلى أن الاتفاق المبرم بين تونس والاتحاد الأوروبي في يوليو الماضي، ينص على توطين المهاجرين.

وقالت نجاة الزموري، نائبة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، “الرئيس سعيد لا ينفي مساعي السلطة بشأن التوطين بقدر ما وجه اتهامات لهياكل المجتمع المدني، ومسألة التوطين مسؤولية الدولة بالأساس”.

وأكدت لـ“العرب”، “لم تتم إدارة الأزمة بالطريقة المناسبة، والاتحاد الأوروبي المسؤول الأول، وربما أيضا لم تتم دراسة الاتفاقية بالشكل المطلوب، لأنه تبين أنه بمقتضاها ستكون تونس حرس حدود، وحتى إن لم تكن هناك مساع لتوطين المهاجرين فإن هناك تقصيرا في التعاطي مع الأزمة، وكان على السلطة أن تتحرك”.

ولفتت الناشطة الحقوقية إلى أن “خطاب الرئيس فيه توخٍّ لسياسة الهروب إلى الأمام، ووجب التعامل مع الظاهرة بكل مسؤولية”.

وتشير الإحصاءات الإيطالية الرسمية، أن عدد الواصلين من تونس شهد ارتفاعا بين منتصف مارس ومنتصف أبريل الماضي مع وصول 5587 مهاجرا، بعد تناقصه منذ الخريف حتى بداية العام الجاري.

وتعد تونس، إلى جانب ليبيا، نقطة الانطلاق الرئيسية للآلاف من المهاجرين الذين يحاولون عبور البحر المتوسط نحو سواحل إيطاليا.

4