قيس سعيد يقيل وزير الداخلية ضمن تعديل حكومي جزئي

تعيين خالد النوري وزيرا للداخلية وكمال المدوري وزيرا للشؤون الاجتماعية مع استحداث منصب كاتب دولة لدى وزارة الداخليّة مكلّف الأمن القومي.
الأحد 2024/05/26
إقالات عقب موجة اعتقالات

تونس - أجرى الرئيس التونسي قيس سعيّد مساء السبت، تعديلا وزاريا جزئيا على حكومة أحمد الحشاني، شمل وزارتي الداخلية والشؤون الاجتماعية، وذلك عقب موجة اعتقالات في المجتمع المدني أثارت مخاوف من حصول مزيد من التراجع في الحرّيات في البلاد.

وقالت الرئاسة، في بيان مقتضب، إن "رئيس الجمهورية قيس سعيد قرر السبت إجراء تحوير جزئي على الحكومة".

وأضافت أنه تم بمقتضى هذا التعديل الوزاري تعيين خالد النوري، وزيرا للداخلية خلفا لكمال الفقي، وكمال المدوري، وزيرا للشؤون الاجتماعية خلفا لمالك الزاهي.

إلى ذلك، استُحدث منصب كاتب دولة (وزيردولة) لدى وزارة الداخليّة مكلّف الأمن القومي، وقد عُهد به إلى سفيان بن الصادق، وفق البيان.

وقال بيان الرئاسة التونسية إنّ "أعضاء الحكومة الجدد، أدوا اليمين أمام رئيس الجمهورية الذي استقبل، إثر ذلك كلا من السّيدين كمال الفقي ومالك الزاهي، بحضور رئيس الحكومة أحمد الحشاني".

ولم يبيّن بيان الرئاسة إذا ما سيُدعى الوزيران المقالان إلى القيام بمهام أخرى، حيث يعتبران من أقرب الشخصيات السياسية إلى قيس سعيّد.

ووزير الداخلية الجديد كان يشغل منصب والي أريانة حيث أدى في 8 يونيو 2022 اليمين أمام الرئيس التونسي، فيما كان يشغل وزير الشؤون الاجتماعية الجديد العديد من الخطط بوزارة الشؤون الاجتماعية آخرها رئيسا مديرا عاما للصندوق الوطني للتأمين على المرض في فبراير 2023، وقبلها رئيسا مديرا عاما  للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، ومديرا عاما للضمان الاجتماعي.

وفي مارس 2023، أصدر قيس سعيّد قراراً بتعيين كمال الفقي، وزيراً للداخلية، خلفاً لتوفيق شرف الدين. وشغل كمال الفقي قبلها منصب محافظ العاصمة تونس منذ 30 ديسمبر 2021. أما وزير الشؤون الاجتماعية، مالك الزاهي، فقد شغل منصبه منذ أكتوبر 2021، في حكومة نجلاء بودن.

وفي الأول من أبريل الماضي، قرّر قيس سعيّد إعفاء وزير التعليم محمد علي البوغديري من مهامه وتعيين سلوى العبّاسي خلفاً له. وجاءت إقالة البوغديري، وهو قيادي سابق في الاتحاد التونسي للشغل، من منصبه، بعد نحو أسبوعين من إقالة وزير النقل ربيع المجيدي ووزيرة الثقافة حياة قطاط القرمازي، ومسؤولين آخرين على رأس مؤسسات حكومية حساسة، إضافة إلى محافظي المهدية وصفاقس.

وفي يناير الماضي، أصدر الرئيس قيس سعيد قرارا بتعيين 3 وزراء جدد في حكومة أحمد الحشاني ضمت وزيرة للاقتصاد وأخرى للصناعة.

وشهدت التعديلات الحكومية تعيين فريال الورغي السبعي وزيرة للاقتصاد والتخطيط، وفاطمة ثابت شيبوب وزيرة للصناعة والمناجم والطاقة، ولطفي ذياب في منصب وزير للتشغيل والتكوين المهني.

وفي فبراير 2023، أقال الرئيس التونسي وزير التشغيل والتكوين المهني نصر الدين النصيبي، الذي كان يشغل أيضا منصب الناطق باسم حكومة نجلاء بودن حينها.

وسبق أن أقال الرئيس التونسي وزير الاقتصاد سمير سعيد من منصبه في 18 أكتوبر 2023، وكلف حينها سهام البوغديري وزيرة المالية بتسيير شؤون وزارة الاقتصاد والتخطيط بصفة مؤقتة.

وفي مايو 2023، أنهى الرئيس التونسي مهام وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نائلة نويرة القنجي.

وتقرّر هذا التعديل الوزاري الجزئي عقب موجة اعتقالات طالت خلال الأسبوعين الماضيين عشرات من ناشطي حقوق الإنسان والمحامين والصحافيّين.

وقد عبّر الاتّحاد الأوروبي والولايات المتحدة وفرنسا عن "القلق" حيال تلك الاعتقالات، وهو ما أثار غضب سعيّد الذي ندّد بـ"تدخّل أجنبي غير مقبول".

والجمعة، تظاهر مئات الشباب في تونس العاصمة، احتجاجًا على أحكام بالسجن وموجة توقيفات طالت إعلاميّين ومحامين.

وسار المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة هاتفين "تسقط الديكتاتوريّة" و"يسقط المرسوم (54)" و"فاسدة المنظومة من قيس إلى الحكومة" و"جاك الدور جاك الدور يا قيس الديكتاتور".

كما حمل المحتجّون، وبينهم صحافيّون وناشطون في منظّمات المجتمع المدني، لافتات كُتب عليها شعار رئيسي في ثورة 2011 "شغل، حرّية، كرامة وطنيّة" و"تسقط الثورة المضادّة".

وقضت محكمة تونسيّة الأربعاء بسجن كلّ من المحلّل والمعلّق السياسي مراد الزغيدي ومقدّم البرامج التلفزيونيّة والإذاعيّة برهان بسيّس سنة على خلفيّة تصريحات منتقدة للسلطة.

ووجّهت إليهما تهمة "استعمال شبكة وأنظمة معلومات واتّصال لإنتاج وترويج وإرسال وإعداد أخبار وإشاعات كاذبة بهدف الاعتداء على حقوق الغير والإضرار بالأمن العام".

وتمّت محاكمتهما بموجب المرسوم الرقم 54 الذي أصدره سعيّد عام 2022 ولقي انتقادات واسعة.

وخلال عام ونيّف، حوكم أكثر من 60 شخصًا، بينهم صحافيّون ومحامون ومعارضون لسعيّد، على أساس هذا النصّ، حسب النقابة الوطنيّة للصحافيّين التونسيّين.

وتزامن توقيف الزغيدي وبسيّس مع توقيف المحامية والمعلّقة التلفزيونيّة سنية الدهماني بالقوّة بأيدي رجال الشرطة في 11 مايو.

إثر ذلك، أوقِف المحامي مهدي زقروبة، وقالت "الرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان" إنه تعرّض للعنف، الأمر الذي نفته وزارة الداخليّة لاحقًا.

وعبّرت دول غربيّة بينها فرنسا والولايات المتحدة، وكذلك الاتّحاد الأوروبي، عن "القلق" إزاء موجة التوقيفات، غير أن سعيّد اعتبر ذلك "تدخّلًا سافرًا" في الشؤون الداخليّة للبلاد وكلّف وزارة الخارجيّة استدعاء ممثّلي هذه الدول للتعبير عن رفض تصريحاتها.

وتولى سعيّد الذي انتخب عام 2019، السلطات في البلاد منذ صيف 2021، وأقر دستور جديد عبر استفتاء، ومن المنتظر أن تجري الانتخابات الرئاسية في تونس ما بين شهري سبتمبر وأكتوبر المقبلين، وفق ما أعلنته هيئة الانتخابات التونسية. ولئن لم يعلن الرئيس التونسي رسمياً، ترشحه لولاية ثانية، فإنه لمّح إلى ذلك في أبريل الماضي، في مدينة المنستير، وقال إنّ ذلك سيحصل في وقته.