قيس سعيد يبعث برسائل طمأنة للتونسيين

يراهن الرئيس التونسي قيس سعيد على كسب حزمة من التحديات الاجتماعية في السنة الجديدة، من خلال معالجة الملفات التي ظلت عالقة لسنوات، وسط دعوات جدية إلى تحقيق مطالب الشغل والحرية، وهي مطالب قديمة طال انتظارها.
تونس - حملت تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد أثناء انعقاد مجلس الوزراء وبمناسبة كلمة توجه فيها بالتهنئة بالسنة الجديدة، رسائل طمأنة للتونسيين، مفادها أن السلطة ستسعى إلى تحقيق الانتظارات المشروعة لمختلف الفئات على غرار الشغل والحرية والكرامة الوطنية.
ويرى مراقبون أن الرئيس التونسي يريد الانكباب على معالجة مختلف الملفات الاجتماعية الهامّة، خصوصا بعد إرساء الهياكل السياسية والتشريعية للسلطة في الجهات والأقاليم واستكمال تأسيس المؤسسات.
ويضيف المراقبون أن بعد فوز قيس سعيد بولاية رئاسية ثانية في أكتوبر الماضي، بات التونسيون يطالبون بتحقيق إنجازات اجتماعية واقتصادية طال انتظارها، وهي في الأصل مطالب قديمة منذ ثورة 17 ديسمبر 2010 – 14 يناير 2011.
وقال الرئيس التونسي خلال اجتماع مجلس الوزراء المنعقد الخميس “إن التحديات كثيرة لكن أهم سدّ في مواجهة كل أشكال التحديات في ظل هذه الأوضاع المتسارعة وغير المسبوقة التي يشهدها العالم اليوم، هو وحدة وطنية صمّاء تتكسّر على جدارها كل المحاولات اليائسة لضرب الاستقرار.”
وأضاف في كلمة توجه فيها بتهانيه إلى الشعب التونسي بمناسبة السنة الجديدة، وفق مقطع فيديو نشر على موقع رئاسة الجمهورية، ”السنة الجديدة التي تفصلنا عنها أيام معدودة ستكون سنة رفع كلّ التحديات وتجسيد ٱمال الشعب التونسي وانتظاراته المشروعة في الشغل والحريّة والكرامة الوطنية.” متابعا “أرجو أن تكون سنة ملؤها النجاح الذي يتلوه نجاح حتى يؤمّ الخير وينتشر العدل وتنتشي الحرية وتتجسد الكرامة.. كرامة الوطن وكرامة مواطنيه.”
وأكد قيس سعيد أن “على كل مسؤول ومهما كانت درجة مسؤوليته أن يكون مثالا في العطاء وفي التعفّف وأن المسؤولية أمانة وليست أريكة يجلس عليها من أؤتمن على حملها”، لافتا إلى أنها “حرب تحرير يتم خوضها بعقلية الجندي على جبهة القتال وأنه تم الاختيار على التعويل على الذات.”
ووصفت أوساط سياسية رسائل الرئيس سعيد بالإيجابية، مؤكدة أن السلطات التونسية تحاول في الفترة الأخيرة حلحلة بعض الملفات الاجتماعية الشائكة والمتوارثة، كما أن مؤشرات الفكر الاجتماعي لدى الرئيس قيس سعيد ليست وليدة اللحظة.
وأفاد المحلل السياسي والخبير الأمني خليفة الشيباني بأن “رسالة الرئيس سعيد معبّرة وإيجابية، وأكد على مواصلة تحقيق السيادة الوطنية، وهي كانت تهنئة في قالب رسائل اجتماعية لتحقيق الشغل والحرية والكرامة.”
وأكد في تصريح لـ”العرب” أن “تونس قادرة على الذهاب بعيدا في تحقيق مطالب الشعب، ولدينا كل الإمكانيات ومقومات النجاح، من خلال الموقع الجغرافي الإستراتيجي وعدد السكان والكفاءات المتوفرة في البلاد.”
وتابع خليفة الشيباني “هناك رسائل قدمها الرئيس للمسؤولين مفادها أننا في مرحلة عمل جدّي، وأن الدولة مبنية على التداول والكفاءات، ولدينا الإرادة والإمكانيات اللازمة للنجاح.”
ومنذ إجراءات الخامس والعشرين من يوليو 2021، اتضحت سياسات الرئيس سعيد ذات الصبغة الاجتماعية والمعيشية، وهو ما يطلق عليه بعض المراقبين باستعادة “الدور الاجتماعي للدولة” أو تكريس مفهوم “الدولة الاجتماعية الديمقراطية”.
والاثنين الماضي، أسدى قيس سعيّد لدى استقباله رئيس الحكومة كمال المدّوري، تعليماته بأن تكون التشريعات على اختلاف أصنافها، في مستوى انتظارات المواطنين في كافة المستويات مع تغليب التشريعات ذات البعد الاجتماعي التي تقوم على مقاربة جديدة لا في مستوى محتواها فحسب، بل حتى على صعيد المفاهيم التي يتم استعمالها.
كما شدّد سعيد على أن كل مسؤول عليه أن يشعر بأنه في سباق ضدّ الساعة وأنه في مرحلة جديدة من تاريخ تونس ليصنع تاريخا جديدا لها يقوم على تحقيق مطالب الشعب.
وأكد الكاتب والمحلل السياسي باسل الترجمان أن “الرئيس سعيد أراد أن يوجّه رسالة للتونسيين بأنّ تونس ستدخل مرحلة جديدة، وهي تحقيق مطالب الفئات الاجتماعية، على غرار الشغل والحرية والكرامة الوطنية.”
وأوضح في تصريح لـ”العرب”، “نلاحظ اليوم أن هنالك تحسنا كبيرا في الأداء الاقتصادي وأن كثيرا من رجال الأعمال المورّطين في ملفات فساد بادروا بالتفاهم مع الحكومة لتسوية وضعياتهم، كما يوجد نوع من الثقة في المؤسسات.”
ويراهن الرئيس التونسي على تجسيد مقومات الدولة الديمقراطية الاجتماعية بعد إجراءات الخامس والعشرين من يوليو 2021، في إطار الحفاظ على التوازنات الاجتماعية.
وفي وقت سابق، أكد الرئيس التونسي أن رهان توفير فرص العمل من أهم التحديات التي تعترض السلطة في المرحلة القادمة، وسط دعوات إلى ضرورة إيجاد الحلول الكفيلة لذلك.
ويعتبر ملاحظون أن السلطة باتت تدرك أهمية التشغيل للفئات الشبابية التي لا تزال تنتظر فرص عمل قبل حتى ثورة يناير 2011، كما أن مطلب التشغيل القديم – الجديد كان من أهم مرتكزات تغيير النظام في تلك الفترة، لكن الحكومات اللاحقة تنكرت لتلك المطالب بداعي صعوبة الأوضاع الاقتصادية وشحّ الموارد المالية.